ما أجمل أن تشعر بالقوة وأنت ميت!!.. قمة الفانتازيا بقصة «النوم الهادئ» لأشرف القن

 تأتي قصة «النوم الهادئ» للكاتب «أشرف القن»، المنشورة بالعدد الثاني لعام 2019 من مجلة أوراق ثقافة الصادرة عن إقليم شرق الدلتا الثقافي، وزارة الثقافة المصرية، ص55، قمة في الفانتازيا والخيال.

ملخص القصة

فقد جعل الأموات الراقدين في قبورهم أبطالًا لقصته يخرجون كل ليلة؛ لكي يقلقوا الأحياء الذين ظلموهم من نومهم بأحلام وكوابيس مزعجة، جعلت الأحياء يصابون بالانزعاج والذعر والخوف.

فتعددت البلاغات أمام المسؤولين، فقرروا تشديد الحراسة ليلًا على المقابر، وما كان أمام الأحياء الذي ظلموا ذويهم سوى الخروج جماعات للنوم في ساحات دور العبادة.

ولما اكتظت، اضطرت الدولة لبناء دور عبادة جديدة لكي تستوعب هذه الجموع الغفيرة من الظالمين، وقمة (الخيال) في القصة تكمن في أنه يحقق للقاص النفاذ إلى غير الممكن.

 وبمبدأ المعاملة بالمثل ما دمتم تقلقون نومنا، أصبحت لا حيلة أمام الأحياء غير الإقامة في المقابر، وأقام كل منهم بجوار قبر من ظلمه وامتلأت المقابر، يأتون بأفعال الأحياء القبيحة، فأفسدوا على الأموات نومتهم الهادئة وفرحة خروج الأموات إليهم للتشفي فيهم..

هنا فقط قال كبيرهم وشيخهم المختار سوف نعقد معهم اتفاقًا بأن يتركونا ويذهبوا لحالهم، بشرط ألا نذهب إليهم في أحلامهم ولا نزعجهم أبدًا بعد الآن، فوافق الأموات على الفور، وكان رأيه صائبًا وأطاعوه.

اقرأ أيضًا مشروع إحياء القصة القصيرة

البعد النفسي للقصة

إن ركائز الإبداع في قصة «النوم الهادئ» مبنية على الخيال والإنسانية والوصف الدقيق، فمن الممكن اعتبارها ذات اتجاه نفسي، فالقصة النفسية تقدم إلينا مظاهر السلوك، وقد تتكهن بأسبابه الظاهرة.

أما معرفة الدوافع البعيدة فمن شأن التحليل والتفسير، فالمرشد للأحياء ومن يخطط لهم هو «المفتي»، الذي خرج عليهم وقال: «إن كل من ظلم ميتًا فليرد له مظلمته ويطلب منه العفو والصفح حتى ينعم بنوم هادئ، ومن لم يستطع فعليه بالخروج إلى دور العبادة والنوم فيها»، وعلى الجانب الآخر المرشد للأموات هو كبيرهم «الشيخ المختار».

استُخدمت مبادئ نظرية التعلق -نظرية التعلق هي دراسة متعددة التخصصات، إذ تشمل نظرية التطور وعلم النفس- لشرح السلوكيات الاجتماعية للبالغ، التي  تشمل الصداقة والهيمنة الاجتماعية واتحادات المجموعات والمفاوضات التبادلية والعدالة.

واستُخدمت هذه الشروح لتصميم تدريب رعاية الوالدين، ونجحت خاصة في تصميم برامج الحماية من سوء معاملة الطفل (ويكيبيديا).

فيقول الكاتب «أشرف القن» في قصته «النوم الهادئ» على لسان أبطالها الأموات: «منَّا من يخرج للقاء غريمه، ومنَّا من يخرج لرؤية أطفاله الصغار، ومنَّا من يخرج ليعاتب أهله على عدم زيارته، ومنَّا من يخرج ليؤنب زوجته على عدم حزنها عليه والزواج بآخر فور انتهاء أشهر العدة مباشرة..».

اقرأ أيضًا انفصام الشخصية بسبب الصدمة العاطفية في قصة «نار خلف النافذة».. للكاتب الدكتور حاتم رضوان

مناسبة العنوان للأحداث

 جاء اختيار الكاتب لعنوان قصته «النوم الهادئ» موفقًا جدًّا، فهو عنوان معبر عن حالتي الأحياء والأموات، وهو الصياغ الذي دارت فيه وبشأنه أحداث القصة.

فعندما ذهب الأموات للأحياء في أحلامهم وأفسدوا نومهم الهادئ، اضطر الأحياء الظالمون بعد أن ضاقت عليهم دور العبادة إلى أن يسكنوا المقابر، فأزعجوا الأموات وأفسدوا عليهم «النوم الهادئ» أيضًا بأفعالهم الدنيوية.

بعد أن تحول هؤلاء الظَّلمة إلى دراويش ومجاذيب يأكلون ويشربون ويدخنون وتفوح منهم روائح نتنة، وشعورهم ولحاهم وأظافرهم طويلة ومتسخة.

هكذا وصفهم المؤلف، ومن الخصائص الانفعالية للوحدة النفسية التي تتجلىَّ بوضوح في قصة «النوم الهادئ» وجود عواطف سلبية مثل الخوف والذعر، فيقول الكاتب في القصة: «... فيكفينا أن نراهم يتوسلون لنا أن نتركهم وهم يبكون دون صوت، وعلامات الذعر والخوف على وجوههم...».

تظهر الفكرة من الإذلال أن الانتقام فقط سيساعد على الشعور بالراحة، ووراء أي رغبة في الانتقام تكمن الطاقة المفقودة والتعطش للعدالة.

اقرأ أيضًا مشاعر الكراهية والضيق وقهر الزوجة بقصة «رصاصة وحيدة ومحطات خانقة» للكاتبة د. سمية عودة

الجوانب الإنسانية والاجتماعية

ولأن الكتابة بنت الكاتب، فقد استطع الكاتب «أشرف القن» أن يبرز الجوانب الإنسانية والاجتماعية في قصته «النوم الهادئ».

ففكرة القصة مبنية على الإسقاط السياسي بالمجتمع، والقصة إجابة عن تساؤل الأموات أنفسهم «لماذا يشتكي منا الأحياء بسبب الأحلام المزعجة، ما اضطر الوالي لإصدار قراره مرتين، أن من يضبط متلبسًا بالشروع في حلم أو يجول بخاطر غريمه الذي ظلمه يعدم ثانيةً ويقبر وحده منفردًا!!».

ويتعجب الأموات متسائلين: الغريب في الأمر أننا كنَّا دائمًا نخرج بعلم المسؤولين في أيام الانتخابات النيابية والاستفتاءات الدستورية، وأسماؤنا قيدت في الجداول بطريقة صحيحة، وكانت نسبة حضورنا 100% حتى المسافرين منَّا كانوا يأتون للانتخاب؟! هل يعقل أن نظلم ونقتل ونعدم ونقبر مرتين أو قل مئات المرات؟!

ليقدم لنا الكاتب المفارقات الدرامية مستندًا لشيء من الواقع، وهي الحقائق الاجتماعية والسياسية عبر مسارات الحدث الخيالي وانتهائه في مجرد حلم.

استطاعت قصة «النوم الهادئ» إثبات هدر كثير من الطاقة على الانتقام كما في المساعدة والشفاء الذاتي، ويُعطى قدر كبير من الطاقة للأخذ بالثأر، ويمكن أن يستقر الشعور بالفراغ وعدم الرضا بعد الانتقام التام.

ويوجد عدد من الناس يعيشون على هزة الأدرينالين التي تحدث مع الجسم في أثناء تخطيط وتنفيذ خطة الانتقام..

في مثل هذه الحالات، لا تؤدي معاناة الآخر إلى تحسين تصور الفرد للعالم، فهذا يشبه تناول الكحول للتدفئة في البرد..

في البداية يوجد شعور بالدفء، ولكن في النهاية يتجمد الجسم عدة مرات بطريقة أسرع.

كاتب، باحث، محاضر، مهندس زراعي، قاص، ناقد أدبي، صانع محتوى تليفزيوني على العديد من تطبيقات السيوشيال ميديا.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
سبتمبر 28, 2023, 11:12 ص - جينا فاروق توما
سبتمبر 28, 2023, 9:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 27, 2023, 7:17 م - محمد جاد المولى
سبتمبر 27, 2023, 2:43 م - صفاء السماء
سبتمبر 27, 2023, 2:30 م - أحمد سامى محمد الجمل
سبتمبر 27, 2023, 1:58 م - زينب هلال
سبتمبر 27, 2023, 1:17 م - نادية مصطفى حسن
سبتمبر 26, 2023, 6:35 ص - جلال ناجي حسن
سبتمبر 25, 2023, 2:52 م - جينا فاروق توما
سبتمبر 25, 2023, 8:55 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 24, 2023, 7:04 م - أسماء خشبة
سبتمبر 24, 2023, 12:10 م - معاذ ابراهيم
سبتمبر 24, 2023, 11:40 ص - حسن محمد قايد
سبتمبر 23, 2023, 2:32 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 2:19 م - بومالة مليسا
سبتمبر 23, 2023, 10:50 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 21, 2023, 5:25 م - ليلى امير
سبتمبر 21, 2023, 1:47 م - أنس بنشواف
سبتمبر 21, 2023, 12:47 م - إياس فرحان الخطيب
سبتمبر 21, 2023, 12:26 م - آسيا نذير القصير
سبتمبر 21, 2023, 8:50 ص - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 21, 2023, 8:11 ص - أمل محمود قشوع
سبتمبر 21, 2023, 7:37 ص - خلود محمد معتوق محمد
سبتمبر 21, 2023, 5:08 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 20, 2023, 12:45 م - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 18, 2023, 4:01 م - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 18, 2023, 2:57 م - بوعمرة نوال
سبتمبر 18, 2023, 12:30 م - إيمان عبدالباري قائد
سبتمبر 18, 2023, 6:20 ص - زينب هلال
سبتمبر 17, 2023, 4:00 م - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
سبتمبر 17, 2023, 9:58 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 17, 2023, 6:26 ص - مني حسن عبد الرسول
سبتمبر 16, 2023, 1:31 م - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 16, 2023, 7:42 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 15, 2023, 12:45 م - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 14, 2023, 3:38 م - وليد فتح الله صادق احمد
سبتمبر 14, 2023, 9:01 ص - صفاء السماء
سبتمبر 14, 2023, 8:40 ص - شروق محمود محمد علي
سبتمبر 14, 2023, 6:14 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 9:27 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 13, 2023, 6:19 ص - حسام عبدالله الساحلي
سبتمبر 12, 2023, 2:19 م - حنين عبد السلام حجازي
سبتمبر 12, 2023, 8:05 ص - ميساء محمد ديب وهبة
سبتمبر 12, 2023, 6:47 ص - رايا بهاء الدين البيك
سبتمبر 11, 2023, 5:33 م - سعاد عبدالحفيظ أحمدين
سبتمبر 11, 2023, 2:57 م - مبدوع جمال هند
سبتمبر 11, 2023, 10:04 ص - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 11, 2023, 7:07 ص - مصطفى جاد ابو العز
سبتمبر 11, 2023, 6:24 ص - سهيلة يحيى زكريا
سبتمبر 10, 2023, 9:19 ص - شادى محمد نجيب
سبتمبر 9, 2023, 8:54 م - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 9, 2023, 1:14 م - هشام بوطيب
سبتمبر 9, 2023, 11:14 ص - صفاء السماء
سبتمبر 9, 2023, 11:10 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 9, 2023, 9:51 ص - وصال وداعه علي
سبتمبر 7, 2023, 6:48 م - بومالة مليسا
سبتمبر 7, 2023, 1:07 م - بومالة مليسا
سبتمبر 6, 2023, 7:07 م - مجانة يمينة
سبتمبر 6, 2023, 5:59 ص - عزام جمعة سعيد
سبتمبر 5, 2023, 10:42 ص - اسامه غندور جريس منصور
سبتمبر 5, 2023, 10:31 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 4, 2023, 6:31 م - محمود سلامه الهايشه
سبتمبر 4, 2023, 5:19 م - صفاء السماء
سبتمبر 4, 2023, 3:29 م - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 4, 2023, 6:12 ص - صفاء السماء
سبتمبر 3, 2023, 1:31 م - مجانة يمينة
سبتمبر 3, 2023, 9:52 ص - هاني ميلاد مامي
نبذة عن الكاتب

كاتب، باحث، محاضر، مهندس زراعي، قاص، ناقد أدبي، صانع محتوى تليفزيوني على العديد من تطبيقات السيوشيال ميديا.