ماذا يتعلم الطفل باللعب؟

قد يستغرب بعض أن اللعب ليس حكرًا فقط على الإنسان دون غيره من الكائنات الحية الأخرى، فالحيوانات تلهو وتلعب، بل إن اللعب لها من الأمور الحيوية التي تتصل ببقائها على قيد الحياة.

فضلًا على أنها وسيلة لاكتساب المهارات الحركية التي تمكِّنها من الهرب من أعدائها كما تفعل الغزال عندما تواجه حيوانًا مفترسًا كالأسد.

في هذه المقالة التي تعد الحلقة الأولى في سلسلة "اللعب في حياة الأطفال" سوف نتحدث عن أهمية اللعب بالنسبة للإنسان منذ نعومة أظفاره ونموه شيئًا فشيئًا.

قد يعجبك أيضًا أهمية اللعب في تطوير السنوات الأولى

أهمية اللعب في حياة الطفل

للعب في حياة الطفل أهمية كبيرة لا يدركها كثير من الوالدين، وهو ما يظهر في تعنتهم تجاه أطفالهم الصغار، ومنعهم من ممارسة حقهم المشروع في اللعب، بدعوى الإزعاج والضوضاء اللذين يتسببون بهما، فضلًا على الدمار الذي يلحق بالممتلكات داخل البيت.

يؤكد علماء النفس أهمية اللعب في التكوين النفسي للطفل، بمعنى أن اللعب يعيد لطفلك اتزانه وهدوءه النفسي، جرِّب أنت بصفتك أبًا أن يكون مزاج طفلك سيئًا، واترك له فرصة اللعب مع أقرانه، أو بألعابه، لترى كيف يستعيد بعد دقائق معدودة هدوءه واتزانه النفسي.

يساعد اللعب الطفل على إشباع حاجاته النفسية والاجتماعية، وباللعب مع الأقران، يكتسب الطفل مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي، ولعب الأدوار، وتنمية مهاراته الحركية، البسيطة والمعقدة.

وباللعب مع الأقران يتعلم الطفل القواعد والنظام، وإلا فلن يجد له مكانًا في العلاقات الاجتماعية مع الآخرين، وتكوين صداقات، وسوف يكون منبوذًا ممن حوله.

 لذلك يمكن القول إن اللعب على قدر كبير من الأهمية، سواء للإنسان أو الحيوان، وهو مطلب نمائي للإنسان بما يؤدي إلى تشكيل شخصية متوازنة جسميًّا وعقليًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا.

قد يعجبك أيضًا اللعب وأهميته في حياة الأبناء

مفهوم اللعب

اللعب بمنزلة التنفيس عن الطاقة والنشاط الموجود بداخل كل شخص، وخاصة الأطفال في مرحلة الطفولة، إذ يميلون إلى اللعب والنشاط والحركة لإخراج الطاقة التي بداخلهم، وعندما يُمنعون من ذلك، يلجؤون إلى افتعال المشكلات داخل البيت بالشجار مع الإخوة والأقران، أو بتدمير الممتلكات داخل البيت.

وصول الطفل إلى هذه المرحلة دليلًا على عدم تفهم الأبوين لطبيعة المرحلة التي يمر بها طفلهم، وحاجته للعب من أجل التنفيس عن الطاقة التي أودعها الله بداخله على نحو مشروع.

لذلك يمكن تعريف اللعب على أنه مجموعة من الحركات التي يمارسها الطفل بمفرده أو مع غيره من الأقران، يستخدم فيها الطفل أعضاء جسده خاصة اليدين والرجلين في استكشاف البيئة من حوله، فاللعب إذن ليس مجرد وسيلة للترفيه، لكنه أيضًا وسيلة للتعليم.

واللعب قد يكون بأسلوب منظم أو بأسلوب عشوائي دون نظام أو ترتيب، فلا توجد قواعد تحكمه، فبعض الألعاب لها قواعد ونظام يجب الالتزام به، غير أن اللعب لا ينطبق عليه ذلك.

فقد يكون بهدف الترفيه والتسلية، ولا تتقيد بالمكان أو الزمان، إذ يمكن للطفل اللعب في البيت، الشارع، النادي، المدرسة، قد يلعب بمفرده، وقد يلعب مع أشقائه وإخوته وأبناء عمومته، أو مع أقرانه.

قد يعجبك أيضًا اللعب وأهميته في حياة الطفل

حق أصيل من حقوق الطفل

اللعب ليس منحة شخصية ولكنه حق من الحقوق الأساسية للطفل التي يجب على الوالدين تشجيعه عليها خاصة في سنوات عمره الأولى التي يستكشف بها البيئة من حوله.

فما أن يخطو الطفل أولى خطواته حتى يبدأ في استكشاف البيئة من حوله، يرغب في الوصول إلى كل ما تقع عليه عينه.

وهذا يعني إفساح المجال أمام حركة الطفل وعدم تقييده أو منعه أو حرمانه من هذا الحق، سواء داخل البيت، أو خارجه، وتوفير الألعاب التي تنمي مهاراته الحركية والذهنية، وتُسهم في نموه وتطوره من كافة الجوانب.

فاللعب يجعل الطفل يشعر بالفرح والسرور، فضلًا على أنه وسيلة لتقوية الجسم، فالعقل السليم في الجسم السليم، وباللعب يتعلم الطفل القيم الاجتماعية، مثل التعاون، واحترام حقوق الآخرين، واكتساب القواعد التي تنظم هذه العلاقات.

قد يعجبك أيضًا هكذا يلعب طفل التوحد!

اللعب وشخصية الطفل

يكتشف الطفل عن طريق اللعب قدراته وإمكاناته، يجرب، يحاول، يفشل، يخطئ، وهكذا إلى أن ينجح في المرات القادمة، فيضيف خبرة جديدة إلى خبراته التي تتراكم بالتدريج من طريق اللعب والمحاولة والخطأ، خاصة ألعاب الفك والتركيب التي تتطلب حضورًا ذهنيًّا من الطفل لكي يتمكن من فك وتركيب الألعاب.

بواسطة هذه المحاولات تزداد ثقة الطفل بنفسه، يتعلم الاستقلالية والاعتماد على النفس التي توجد لديه منذ اليوم الأول.

غير أن سلوكيات بعض الآباء والأمهات ومحاولة تحجيم الطفل وعدم ترك المجال أمامه للخطأ يحول في كثير من الأحيان من ذلك، فضلًا على التدليل الزائد وإجابة كل مطالبه.

قد يعجبك أيضًا هل اللعب مضيعة للوقت أم هو وسيلة تربوية؟

دور الآباء والمربين

المنوط إذن بالآباء والمربين توفير كل ما يلزم للطفل من أجل ممارسة هذا الحق الأصيل له، من المكان والزمان، وتوفير الألعاب التي يرغب بها، فكل ذلك يُسهم في تكوين شخصية متكاملة للطفل من جميع الجوانب.

فالطفل عندما يلعب يستريح، لا يشعر بالتعب أو الإرهاق؛ لأنه يعني له المتعة والتسلية، يتمثل في الأدوار، ويلجأ فيه إلى التقليد والمحاكاة واللعب التخيلي.

بل إن أهم ما يميز الطفل السوي عن الأطفال الآخرين الذين يعانون بعض الاضطرابات مثل طيف التوحد والتواصل الاجتماعي، أنه يمكنه اللعب التخيلي، يتخيل أنه يركب فوق ظهر هذا الحصان أو ذاك ويأخذه إلى المكان الذي يريده.

يتخيل هذه الطائرة اللعبة، كما لو أنه قائدها ويقودها إلى أمكنة بعيدة يستكشف بواسطتها العالم كله.

واللعب التخيلي ضرورة لا غنى عنها للأطفال، في وقت حُرم غالبية الأطفال منه بسبب جلوسهم بالساعات أمام الشاشات بأنواعها المختلفة.

أذكر ونحن صغار كنا نلعب ونلهو ببراءة الأطفال المعهودة، ألعاب مثل الحجلة، استغماية، نط الحبل وغيرها من الألعاب التي حُرم منها أطفالنا هذه الأيام، وحُرموا من فوائدها الكبيرة ذهنيًّا وجسميًّا ولغويًّا.

وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم أسفل هذه المقالة في التعليقات عن أبرز المواقف التي تعرضتم لها في تربية الأبناء فيما يخص اللعب، والوسائل التي لجأتم إليها من أجل إشباع هذه الرغبة لدى الطفل.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة