ماذا لو سلمت نفسك للفطرة الطبيعية

من المحتمل أن تمر عليك لحظات عصيبة تكون كالعواصف الشديدة، تأتي لتهز كيانك وتتركك تغرق في البحر، فعليك إدراك أنه سيتم التعامل معك بقانون إلهي يفوق قدرتك العقلية، إذن كل ما عليك اكتشاف ذاتك الحقيقية.

أنت نفسك تعلم بكل عقلك وكيانك أنه لا شيء يحدث عبثًا، بل هو مقدر بالثانية حتى هذه اللحظة، وقراءتك هذا المقال ليس صدفة عبثية، إلى أن تسأل نفسك ما الذي تحتاج إلى تغييره تحديدًا؟

فلنبدأ أول مقال من سلسلة "ماذا لو سلمت نفسك للفطرة الطبيعية"؟ فطرة التباين والنقيض (التخلص من قناع الكمالية)، أنت مزيج بين الفجور والتقوى، ولا يمكن أن تكون مستقيمًا طوال الطريق، ربما تحمل في صندوق طفولتك عبارات شديدة النقد، ورسائل مغلوطة عن ذاتك وعن العالم، ومن حولك فرضوا عليك الالتزام بصورة ذهنية لم تكن صحيحة أو حتى مناسبة لك.

فمن طلبوا منك المثالية لم يكونوا مثاليين لأنهم بشر، وأنت أيضًا لن تكون مثاليًا لأنك بشر، قد تتمثل كماليتك في عدة أقنعة منها:

  • الكمال المهني: الانشغال المفرط بالضمير وإرهاق العقل تحت الضغط المستمر، للبحث عن الصورة الكمالية، والجانب المظلم هنا عندما تسعى باستمرار لتكون مثاليًا، أنك تدرب عقلك ألا يتقبل أقل من ذلك، وبالتالي تسعى بكل جهد لأن يتجنب عقلك ممارسة أي عمل قد يؤدي إلى حدوث أخطاء، حتى لا تصل إلى الاتجاه العكسي كالتسويف والتراجع، لكن هل تتوقع أن تتقبل فكرة أن التوقف العرضي على سلم النجاحات المتتالية يمكن تعويضه في ما بعد بسنوات من الإنتاجية المستقبلية؟

ذكر نفسك أن قيمتك لا تعتمد على إنجازاتك، وأن لديك قيمة متأصلة، إنها ذاتك الأساسية، وأعد تحديد سقف توقعاتك.

  • الكمال للمثالية: كالتردد والخوف من الخطأ، وعدم القدرة على التفكير، قد تجد صعوبة في اتخاذ قرار، سواء كانت قرارات كبيرة مصيرية أو قرارات صغيرة غير مهمة، نتيجة اعتمادك مبدأ (كل شيء أو لا شيء)، لكن عند كبح ميولك للمثالية ستجد الأمر مختلفًا، ستجد منطقة رحيمة بك وقبولك لنفسك لو أخطأت، ويمكن أن تساعدك بعض الحيل هنا في حل مشكلة ما، كالتسويف المؤقت (التأجيل)، وستصبح أكثر استعدادًا للتجربة والخطأ، بل أكثر قدرة على اتخاذ قراراتك.

أعلم يقينًا أن القوى العظمى هنا عليم خبير بكل ما يضيق صدرك، ويعلم ترددك وخوفك، بل سيرفع عنك وزرك الذي أنقض ظهرك ويذهب عنك الحزن، ويعلم ما توسوس به نفسك، إذن تلك القوى العظمى تتقبلك، وأنت لا يمكنك أن تتقبل خطأك وتعثرك.

  • الكمال في تنشئة الأطفال: كل ما عليك كمربٍ أن تتخلص من بحثك عن الكمال في تنشئة طفلك، اجعله هو يختار دراسته كما يفضلها، رياضته المفضلة، وليس ما كنت تتمناه وأنت في طفولتك، اترك له بعضًا من زمام الأمور، ويتحمل نتيجة أخطائه، تقبل تغيراته العاطفية واندفاعه في مرحلة المراهقة، لا تدع ضوء مرآة الكمال لديك تنعكس عليه، ربما أفرط من نشؤوك في توصيل رسائل مغلوطة عن ذاتك وعن العالم، وفرضوا عليك الالتزام بتحقيق صورة ذهنية رسموها في أذهانهم لم تكن صحيحة، أو حتى مناسبة لك، فكل ذلك يندرج تحت وطأة الإيذاء العاطفي، فمن المحتمل أنك نشأت تحت نظرة والديك المهملة أو الفاحصة للغاية، كشيء صغير تحت المجهر لربط عفويتك بشلل تام، بدلًا من الشعور بالحرية واكتشاف ما تحب أن تكون عليه، فقط كل ما عليك أن تجعل هدفك في الحياة هو التقدم وليس الكمال.

ليس المهم أنك أخطأت، الهدف الأهم كيف تتغير وتتطور لإزالة كل الأتربة من معتقداتك الراسخة منذ طفولتك، تخلص من كماليتك في أن تترك الأمور تنمو في مجالها الطبيعي للتحولات غير المتوقعة، لكي ترتقي من النفس الإمارة بالسوء للنفس الملهمة، ستجد القدر يلهمك بمساعدة نفسك حتى تصل لوعي النفس المطمئنة الراضية، كأن تشاهد من حولك من خلال حائط زجاجي دون أن تتلامس لحدودك النفسية، إذن ماذا عن حدودك النفسية؟

انتظروا المقالة الثانية من سلسلة "ماذا لو سلمت نفسك للفطرة الطبيعية؟"...  

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

ادعم جدا
منتظر المقال التالى
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.