ماذا فعلت الدراما التركية في نفوس أطفالنا؟

قد يظن القارئ للوهلة الأولى وهو يقرأ عنوان المقالة، أنني سأتحدث هنا عن الدراما التركية "الرومانسية"، لا سيما في ظل الاهتمام العربي ولا أقول المصري فقط، بموجة الأفلام والمسلسلات التركية خلال العقدين الأخيرين التي نجحت بامتياز أن تحل محل أفلام هوليود وبوليود.

لكنني هنا أسلط الضوء على نوع آخر من الدراما التركية التي أثتبت من واقع الإحصائيات والمشاهدات تأثيرها البالغ في الشخصية العربية والمصرية منها تحديدًا، وأقصد هنا الدراما التاريخية خلال العقد الأخير بدءًا من مسلسل أرطغرل وكوت العمارة والسطان عبد الحميد مرورًا بالمؤسس عثمان وخير الدين بربروس وصولًا إلى مسلسل صلاح الدين الأيوبي.

اقرأ أيضًا: الدراما التركية.. ماذا تغير في المزاج العربي؟

الدراما التركية وشغف الأطفال

اللافت في الدراما التركية أنها موجهة لأفراد الأسرة الكبار منهم والصغار على السواء، فنجد تعلق الأطفال بهذه النوعية من الدراما تعلقًا يفوق الكبار، فينتظرون بفارغ الصبر بث الحلقات الأسبوعية بعد أن يكونوا قد انتهوا من كتابة واجباتهم حتى لا يكون ذلك مبررًا لرفض الآباء والأمهات مشاهدة المسلسل أو الفيلم التركي الذي يحبونه.

لكن كيف نجحت الدراما التركية فيما فشلت فيه نظيرتها المصرية من جذب انتباه الصغار قبل الكبار لمتابعتها والاستفراد بالمشاهد المصري أمام شاشتها الصغيرة؟

اقرأ أيضًا: المسلسلات التاريخية التركية والعربية وأثرها في المجتمع

من يشاهد هذه النوعية من الدراما التركية يشعر وكأنه واحد من هؤلاء الذين يعيشون أحداث المسلسل بكل تفاصيله، يمكننا أن نطلق عليه الإحساس بالقرب، وهنا تحديدًا فإن المزاج الشخصي ينجذب لما يعتقد أنه قريب منه، يشبهه، يمثله، يعبر عنه، يستلهم قيمه وأخلاقه وأفكاره.

الأطفال كذلك يحبون الحركة والأكشن والشعارات التي تخاطب وجدانهم، وهنا يمكننا القول إن القائمين على إنتاج هذه النوعية من المسلسلات درسوا جيدًا الجمهور العربي، يعرفون نفسيته، وحميته، مستغلين في ذلك الحالة العربية التي تتوق لدراسة تاريخها الناصع، في ظل واقع تكالب عليهم اللئام.

فشعور المشاهد العربي بقرب هذه المسلسلات من وجدانهم وتعبيرها عنهم بصدق بما تحويه من قيم أخلاقية ودينية وحفاظ على العادات والتقاليد الإسلامية من حسن الكلام وأدب الحوار والاحتشام، من احترام الكبير والرحمة بالصغير، من نجدة المظلوم وإغاثة الملهوف، إلى الزود عن المقدسات وإعلاء كلمة الحق في وجه الضلال.

لك أن تتخيل أطفالنا الذين يحيون اليوم ليرون وضع بلادهم ومقدساتهم تحت براثن الاحتلال، يشاهدون صباح مساء أشلاء إخوانهم يقتلون على أيدي أعداء الدين، لا شك يصابون بالهزيمة النفسية ويشعرون بالذلة والهوان والانكسار، وهذا ما يريده المحتل الغاصب، يريد هزيمتنا نفسيًّا حتى قبل أن يواجهنا.

فتأتي هذه الأعمال التركية لتحيي أمجاد الإسلام والمسلمين، عندما كانت أمة يحسب لها ألف حساب، فيشعر أبناؤنا بالعزة والكرامة، ويحدثون أنفسهم، لماذا لا نحيي أمجاد أجدادنا؟ لماذا لا نحرر مقدساتنا؟ وهذا أخشي ما يخشاه العدو الغاصب، أن يستفيق شباب هذه الأمة من سباتهم، عندها لن تقوم لهم قائمة هو يدرك ذلك جيدًا.

اقرأ أيضًا: تعرف على أفضل 5 مسلسلات تركية الأكثر مشاهدة الآن

دور الآباء تجاه الدراما التركية

لذلك فدور الآباء والأمهات ممن يستشعرون عظم مسؤولية تربية الأبناء، عظيم تجاه أبنائهم، فالمنع لم يعد يجدي في عصر الانفتاح والثورة المعلوماتية، أصبح فيه العالم أشبه بقرية صغيرة، بل صار عليهم توجيه أطفالهم لمثل هذه النوعية من الدراما بدلًا من تلك التي تتمايل بها الفتيات، ويتعاطى فيها الشباب، فضلًا على التشبيح والبلطجة وتقديم البلطجية والقتلة واللصوص على أنهم نجوم وأبطال.

ما يطمئنك أيها الأب وأيتها الأم أنه عندما يشاهد طفلك هذه النوعية من الدراما، لن تقع عينه على منظر خادش للحياء، ولن تسقط على أذنه لفظ أو كلمة بذيئة، فمشاهد العري والإسفاف التي تعوّد عليها المشاهد العربي في الدراما العربية عمومًا والمصرية خصوصًا لا وجود لها في مثل هذه النوعية من الدراما التركية، على العكس، مشاهد الحشمة التي تربينا عليها منذ أن كنا صغارًا، وصوت الآذان الذي يصدح بنداء الحق تعالى وتكبيرات المجاهدين وهو يغزون في سبيل الله، ومشهد الجد الذي يعلم الحفدة القيم والأخلاق بين جدران المسجد.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة