ماذا تفعل لتصنع تغييراً إيجابياً ج4؟

إكمالًا لما طرحناه في الأجزاء الثلاثة السابقة عن الآلية التي تمكن الفرد من صنع تغيير إيجابي في حياته، والتي تناولنا فيها مفهوم التغيير الإيجابي، وصفاته الأساسية التي تمكنه من تحقيقه، إضافة إلى مدى تأثير المؤثرات الخارجية في تكوين مشاعره الوجدانية والعاطفية والعقلية، وطاقة الفشل ومستوياته، وذكر الأسباب التي أدت إليه.

وفي هذا الجزء سنتناول الأسباب والدوافع التي جعلت الفرد يتخذ قرار البدء في تنفيذ خطوات تغييره.

اقرا أيضاً الشخصية الايجابية

دوافع تفكير الفرد في صنع تغيير إيجابي في حياته

الحركة الطاقية لمشاعر الفرد الوجدانية والعاطفية، وحتى أفكاره الذهنية، في اعتقادي تدور في محاور أربعة أساسية هي: السبب، والدافع، والرغبة، والميول. وهذه الرباعية بمثابة الصندوق الأسود الذي يحفظ بداخله مجمل انفعالاته الطاقية سواء أكانت إيجابية أم سلبية.

وبالتأكيد فلكل طاقة انفعالية داخلية للفرد سبب ودافع جعلاه يتخذ رد فعل سلوكي يناسب طاقة الأمر الذي شغله ذهنيًّا ونفسيًّا، وعلى حسب قوتي السبب والدافع يصدر الفرد قرارًا مساويًا لطاقة الأمر الذي فكر فيه. وإذا تعامل الفرد سلوكيًّا وانفعاليًّا مع المحاور الطاقية الأربعة المذكورة أعلاه بكيفية إيجابية، واعيًا أسبابها ودوافعها، فمؤكد أنه سيحصل على النجاح في حياته.

والذين يحصلون على طاقة الفشل مؤكد أنهم تعاملوا مع المحاور ذاتها بسلبية أفضت بهم لاكتسابها -طاقة الفشل-، إضافة إلى فقدانهم السببية الإيجابية المرتبطة بالحدث، والمتأثرة بالنتيجة، وعدم تمييزهم الدوافع السليمة المتعلقة بالرغبة في تحقيق شيء ما.

فإذا أمعنتَ النظر للناجحين في حياتهم من حولك، ستجدهم في حالة حضور ذهني نشط، باحثين من خلاله عن الأسباب والدوافع التي تزيد من قيمة نجاحهم، وتقيهم الوقوع في الفشل من بعده، أي أنهم غير محتاجين إلى أن يصارعوا من أجل الحصول عليه؛ لأنهم يركزون مباشرة على جوهر صناعة النجاح بداخل أنفسهم.

لذلك هم ليسوا حضورًا في مقالنا هذا؛ بل أخصصه لأصحاب التجارب الفاشلة في حياتهم التي أدت إلى حدوث تدنٍّ في صحتهم النفسية، ومن ثم اتخذوها دافعًا نحو تحقيق النجاح فيها؛ من بعد شفائهم منها -التجارب الفاشلة- عن طريق الدعم النفسي الإيجابي من قبل المحيط أو عبر معالجين نفسيين مختصين أو تمكَّنوا من الشفاء ذاتيًّا، مستفيدين من أخطائهم السابقة.

وهذا يؤكد أن التجارب الفاشلة تُعدُّ أساسًا لتفكير الفرد في صنع تغيير إيجابي حال إدراكه للدوافع والأسباب جيدًا.

اقرا أيضاً رحلتك نحو الايجابية فى غضون 5سلالم فقط

الفرق بين الدافع والسبب في المعنى والمفهوم

عندما يحدثك أحد عن نيته صنع تغيير إيجابي، أو لامست التغيير ذاته طرأ على من تعرفهم في محيطيك، فتأكد من وجود أسباب ودوافع في غاية الأهمية بالنسبة لهم ألزمتهم الرغبة القوية في صنعه. وقبل سردها لا بد من توضيح الفرق بين الدافع والسبب من حيث النوع والخصوصية، حتى تميز بينهما في المعنى والمفهوم كلٍّ على حدة.

والذي ألاحظه أن أغلبية الأفراد تظهر عليهم علامات الفشل مبكرًا في خطواتهم الأولى لتحقيق تغيرهم؛ وذلك بسبب عدم وعيهم الأسباب والدوافع التي حفزتهم على البدء فيه -التغيير-، إذ إنهم بنوا أفكارهم بداعي محاكاة الآخر من دون معرفتهم بالأسس الصحيحة التي اتبعها الآخر وجعلته يحقق جميع خطوات تغييره.

فمن خلال توضيح المعنى والمفهوم فيما بين السبب والدافع سيتضح لك الفرق بينهما، وسيتسنى لك تحديد أسبابك ودوافعك بكل يسر.

اقرا أيضاً كيف تدرب عقلك ليكون إيجابيًا؟

الدافع

هو شعور الفرد بالرغبة في تحقيق شيء ما أو النفور منه. فمثلًا عند إحساسك بالجوع تبدأ بكيفية فطرية البحث عن إشباع رغبتك في الأكل. فهنا يُعد الجوع دافعًا، وبحثك عنه رغبة. وفي حالة إعجابك بشخص ما فهذا يعني أنك تقدِّر إنجازات الآخر في محيطك.

فإنجازاته تمثل دافع إعجابك به... إلخ، والنفور أو الابتعاد أو الهروب من شيء ما هي أحاسيس ذهنية نفسية مرتبطة بداخل الفرد، مثل تفكيره في إنهاء علاقة سامة أو الإقلاع عن عادة سيئة تلازمه... إلخ، مع التأكيد على أن مصدر الإحساس بالرغبة أو النفور هو محيط الفرد الاجتماعي.

خصائص الدوافع

  •   خصائص بيولوجية، مثل الجوع والعطش.

  •   خصائص سيكولوجية، كالرغبة في التفوق.

  •   خصائص مؤقتة، مثل الغضب.

  •   خصائص دائمة، كحب الاستطلاع.

  •   فطرية، مثل اهتمام الأم بصغارها وحبها لهم. 

ولكن ما يهمنا هو دوافع السلوك السلبية التي يكتسبها الفرد من واقع التصرفات السلوكية والانفعالية من محيطه الاجتماعي، والتي يطلق عليها اسم الدوافع المكتسبة. وهي من وجهة نظري ذات أوجه إيجابية وأخرى سلبية؛ وذلك لأن علم النفس تناول الشق الإيجابي منها وغض الطرف عن إمكانية الإحساس بطاقة سلبية معاكسة لإيجابيتها لدى الفرد.

التي قد تكون بسبب سلبيتها المكتسبة دافعًا يحمل صاحبه نحو صنع تغيير إيجابي للتحرر من طاقتها المؤذية له نفسيًّا، والتي نذكرها –الدوافع المكتسبة- فيما يلي:

الدوافع المكتسبة 

أولًا: دافع السيطرة

هو إحساسك بطاقة السيطرة المقيدة لك في التصرف والفعل من قبل البيئة المجتمعية التي تمارس فيها تفاصيل حياتك اليومية والمتمثلة في الأسرة، العمل، العلاقات الزوجية والعاطفية... إلخ، وهي طاقة بمثابة دافع قوي يجعلك في حالة تفكير مستمر نحو صنع تغير إيجابي يكسر قيودها.

ثانيًا: دافع التملك والادخار

هو شعور الشخص بأن كل ما أنجزه في حياته يساوي صفرًا لا غير؛ وذلك بسبب عدم امتلاكه ما يمتلكه الآخرون في محيطه، إلا منزلًا أو سيارة... إلخ، فيبدأ التفكير في اتخاذه دافعًا من أجل صنع تغيير إيجابي.

ثالثًا: دافع الاتجاهات والعواطف

هو دافع مرتبط بطاقة التحرر وفك التعلق من شيء ما، مثل التحرر أو فك التعلق من علاقة عاطفية أو زوجية... إلخ، أي تحرر الشخص من الاتجاهات والعواطف التي يحس بفعلها بأذى نفسي في حياته.

رابعًا: دافع الميول والعادة

هو دافع مرتبط بحالة الشخص النفسية من ناحية السلوك والغريزة والانفعال، ويشبه دافع الاتجاهات والعواطف، رغم أن العواطف طاقة يغلب عليها الطابع الوجداني والميول. وهو ذو طاقة نزوعية تتمثل في مشاعر الاشتياق مثلًا.

أي يظهرها الفرد بما يقوم به من تصرفات سلوكية وانفعالية تجاه شيء أو عادة أو شخص يحبه؛ وذلك لأن الشخص يكون لديه رغبة بالانفكاك من ممارسة عادة سيئة وإحلالها بأخرى حسنة أو إبدال خلق غير محمود بآخر حميد... إلخ، أو تحرره من علاقة سامة في محيطه الاجتماعي.

خامسًا: دافع مستوى الطموح

هو طاقة نفسية تحفيزية تنمو داخل الشخص وتعطيه القوة حتى يصل إلى نجاح مرئي يُرضي طموحه. فإذا افترضنا أنك في مستوى وظيفي معين، ولكنه دون مستوى طموحك، وقتها سوف تفكر في سبل عديدة توصِّلك إلى المستوى الوظيفي الذي تحس بأنه يناسبك ، وهو دافع قد ترغب من ورائه تحقيق نجاح اجتماعي أو دراسي أو عملي... إلخ.

سادسًا: دافع العدوان

هو دافع يكتسبه الفرد من المحيط الاجتماعي الذي يعيش فيه ويكتسبه داخله بفعل التصرفات السلوكية والانفعالية، سواء أكانت عدوانًا من صنع نفسه، أو يحسه من محيطه. وفي كلتا الحالتين يفكر الفرد في سبل تشفي طاقة المشاعر السلبية المكبوتة بسببه -العدوان- مثل الشفاء النفسي منه، أو الابتعاد عن منطقة أعدائه.

اقرا أيضاً لا تكن إيجابيا طوال الوقت من أجل التغلب على الأزمات... إليك الأسباب

السبب

هو الحدث المرتبط بالأثر والنتيجة. ويكاد يكون التعريف الأكثر شيوعًا للسبب. والأصل فيه إخفاؤه إلى أن تتمكن من إنجاز أهداف حياتك بعيدًا عن أنظار الآخرين. وهذا يعتمد على طبيعة سلوكك النفسي الذي يظهر من واقع تصرفاتك السلوكية والانفعالية تجاه نفسك ومحيطك الاجتماعي.

ولتبسيط تعريف السبب وماهيته نأخذ هذا المثال: ذهابك إلى المدرسة بغرض التعليم هو الحدث، والنتيجة هي تعلمك، واستفادتك من تعلمك هو أثر الحدث. والأمثلة على ذلك كثيرة في حياتنا اليومية. ولكن حتى تنال ما تسعى إليه يجب قبل أي خطوه تخطوها تجاه تحقيق هدف ما أن تكون واعيًا جيدًا بالأسباب التي دفعتك لفعل ذلك.

اقرا أيضاً كيف تترك أثرًا إيجابيًا في الحياة؟

أسباب التفكير في صنع تغيير إيجابي 

ونجد أن الأسباب التي تدفع الفرد نحو التفكير في صنع تغيير إيجابي في حياته، تنقسم إلى قسمين، هما على النحو التالي:

أسباب ظاهرية

هي التي يعلن عنها الفرد برغبته أو عرفها الآخرون بسبب سوء إدارته لشؤون حياته، وذلك بسماحه للآخر بتصفح صفحات كتاب حياته، بدون أن يضع لهم خطوطًا حمراء لا يتجاوزونها.

أسباب خفية

هي التي يحتفظ بها البعض لنفسه بداعي الخصوصية التي قد تصل إلى درجة «سري للغاية». وهو دائم التفكير بأن حياته ملك له ولا يحق للآخر أن يعلم عنها شيئًا. والبعض الآخر يحتفظ بها بداعي الاستحياء، أو يحس بالحرج عند ذكره لها.

مثل الأسباب المتعلقة بالشرف وخيانة الأمانة، والأسباب المتعلقة بعلاقاته الاجتماعية من الدرجة الأولى... إلخ، التي قد يستبدلها بأسباب غير حقيقية عندما يسأله الآخر عن الأسباب التي دفعته لصنع تغييره.

وختامًا عزيزي.. فالواجب عليك معرفة الأسباب والدوافع الخاصة بك من واقع المحاور الأربعة: السبب – الدافع – الرغبة – الميول، التي إذا حدَّدتها جيدًا ستوصلك للنجاح في حياتك.

كاتب مقالات وشاعر

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

مقالات ذات صلة
سبتمبر 28, 2023, 7:22 م - مصطفى محفوظ محمد رشوان
سبتمبر 28, 2023, 3:49 م - شيماء دربالي
سبتمبر 28, 2023, 7:34 ص - علاء الضوي محمد ابوالمجد
سبتمبر 27, 2023, 7:47 ص - اسامه غندور جريس منصور
سبتمبر 26, 2023, 10:06 ص - محمد إسماعيل الحلواني
سبتمبر 24, 2023, 8:27 م - أ. د. محمود سطوحي
سبتمبر 24, 2023, 7:04 م - أسماء خشبة
سبتمبر 21, 2023, 6:13 م - شيماء بولحية
سبتمبر 21, 2023, 11:21 ص - زينب علي محمد
سبتمبر 19, 2023, 6:14 ص - بومالة مليسا
سبتمبر 17, 2023, 9:54 ص - مايا عز العرب عزالدين
سبتمبر 11, 2023, 1:14 م - سهيل سعيد حوسو
سبتمبر 10, 2023, 3:46 م - عبدالرحمن أحمد عبدربه الصغير
سبتمبر 9, 2023, 11:29 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 9, 2023, 10:15 ص - مدبولي ماهر مدبولي
سبتمبر 6, 2023, 6:10 ص - عبدالعزيز مسعود ناصر مسعود الجرادي
سبتمبر 5, 2023, 11:33 ص - بوعمرة نوال
سبتمبر 5, 2023, 10:42 ص - اسامه غندور جريس منصور
سبتمبر 4, 2023, 7:18 ص - دكتور خالد عباس
سبتمبر 3, 2023, 10:52 ص - أ. د. محمود سطوحي
سبتمبر 2, 2023, 1:43 م - فضل الله يوسف فضل الله الشاعر
أغسطس 31, 2023, 7:21 م - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 31, 2023, 6:14 م - سارة كمال سماني
أغسطس 31, 2023, 5:00 م - وليد خليفة هداوي الخولاني
أغسطس 31, 2023, 12:39 م - احمد عزت عبد الحميد محيى الدين
أغسطس 31, 2023, 12:05 م - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 30, 2023, 7:04 م - اسامه غندور جريس منصور
أغسطس 30, 2023, 5:08 م - محمد بخات
أغسطس 30, 2023, 4:43 م - سعاد عبدالحفيظ أحمدين
أغسطس 30, 2023, 8:36 ص - سيد علي عبد الرشيد
أغسطس 30, 2023, 7:37 ص - احمد عبدالله على عبدالله
أغسطس 28, 2023, 4:41 م - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 27, 2023, 4:25 م - عمر عبدالله عمر
أغسطس 27, 2023, 12:44 م - ساره علاء قاسم
أغسطس 26, 2023, 8:01 م - مايا عز العرب عزالدين
أغسطس 24, 2023, 11:48 ص - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 24, 2023, 11:13 ص - منى مسعد العفيفي
أغسطس 23, 2023, 8:36 م - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 23, 2023, 7:18 م - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 23, 2023, 7:21 ص - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 22, 2023, 7:42 م - سعيد إبراهيم محمد
أغسطس 22, 2023, 1:55 م - 💜الهام💜
أغسطس 21, 2023, 8:08 م - اسامه غندور جريس منصور
أغسطس 20, 2023, 8:18 م - صفاء السماء
أغسطس 20, 2023, 6:30 م - اسامه غندور جريس منصور
أغسطس 20, 2023, 9:30 ص - لؤي نور الدين الرباط
أغسطس 19, 2023, 9:15 م - مدبولي ماهر مدبولي
أغسطس 19, 2023, 7:10 م - احمد خالد محمود السيد
أغسطس 19, 2023, 6:15 م - اسامه غندور جريس منصور
أغسطس 19, 2023, 5:40 م - اسامه غندور جريس منصور
أغسطس 17, 2023, 12:50 م - لؤي نور الدين الرباط
نبذة عن الكاتب

كاتب مقالات وشاعر