ماذا تعرف عن مملكة الفونج في السودان؟

هذه أول دولة إسلامية ذات قواعد سياسية وإدارية تظهر في السودان النيلي، ومع أنَّ ألقاب ملوكها تبدو غير عربية، فإن الفونج كانوا يقولون إنهم عرب، يدونون وثائقهم بالعربية، وينسبون أنفسهم إلى بني أمية.

يقول بعض المؤرخين إنهم دخلوا وادي النيل من الغرب، وإنهم فرع من ملوك البُرنو، وكانوا في الأصل فرعًا من قبائل الشُّلُك، وينحدرون من نسل أمراء من أمية الذين فروا من العباسيين، ثم توجهوا إلى بلاد الحبشة وصعدوا مع النيل الأزرق حتى منطقة سنار.

متى ظهرت الفونج؟

وقد ظهر الفونج في وقت اشتدت فيه الحاجة في وسط السودان إلى دولة قوية، إذ إن دولة علوة التي تُسمَّى في النصوص السودانية بدولة العَنْج، كان أمرها قد ضعف تمامًا، وتكاثرت القبائل العربية واندلعت الحروب بينها، حتى أصبح حوض النيل الأسود مقسمًا إلى ممالك ومشيخات.

وكانت تسود كل منطقة قبيلة قوية، ورئيسها يُسمَّى شيخ المشايخ ويُلقَّب بالمانجل، ونلاحظ أن التجارة مع مصر اضطربت في أوائل القرن الخامس عشر الميلادي.

وفي هذه الظروف ظهر رجل قوي موهوب اسمه عمارة دنقس، وكان مركز هذه القبيلة في جبل مويا على بعد 20 كلم إلى غرب سنار، فجمع رجاله وقرر القضاء على بقايا دولة العنج وإقامة نظام إسلامي جديد، وتحالف مع عبد الله جمّاع شيخ عرب القواسمة من جُهينة وحلفائه الكثيرين، وكانوا يسودون المنطقة الواقعة عند ملتقى النيلين.

وفي عام 1505م التقى الحلفاء قوات العنج عند بلدة تُسمَّى أريجي، أسسها حجازي بن معين، وانتصروا على العنج وفرت بقاياهم إلى جبال فازوعلي وكردفان.

وعقب ذلك قامت دولة الفونج من سواكن شرقًا إلى النيل الأبيض غربًا، ومن أقصى جبال فازوعلي جنوبًا إلى الشلال الثالث شمالًا، وشملت معظم أراضي مملكتي مقُرة وعلوة.

حدود دولة الفونج

وقد انفرد عبد الله جماع بالقسم الشمالي من المملكة وجعل عاصمته مدينة قِرِي (قرب خانق سَبْلوقة)، أما عمارة دنقس فقد بسط سلطانه جنوبًا واتخذ مدينة سنار عاصمة.

وكانت حدود المملكة شمالًا بلدة حنك، حيث تبدأ الحدود الجنوبية لمصر المملوكية وتقع عند الشلال الثالث، في حين أصبحت مدينة أريجي (قرب المسلمية) الحد الفاصل بين منطقة نفوذ عمارة دنقس ومنطقة نفوذ عبد الله جماع.

وعندما قامت الدولة العثمانية، مدَّت حدودها من مصر جنوبًا حتى سواكن ومصوع، حيث احتلتهما ووضعت فيهما حاميتين عسكريتين بعد ثلاث سنوات من استيلاء العثمانيين على مصر سنة 1520م.

ملوك ممكلة الفونج

وقد تعاقب على مملكة الفونج بعد عمارة دنقس ثلاثة ملوك أقوياء، ثم أخذت تضعف.

وفي أيام الملك عدلان ود أي الذي انتهى حكمه عام 1611م، قامت الحرب بين بلاد عبد الله جماع (العبدلاب) ومملكة الفونج، وكان شيخ العبدلاب يُسمَّى عجيب، لكنه انهزم وقُتل، وفرت عائلته إلى دنقلة.

ومع أنَّ عدلان ود أي أثبت كفاية في عمله، فإن أهل مملكة الفونج عزلوه وأقاموا مكانه بادي سيد القوم، فسلك مع العبدلاب سياسة عنف وقوة.

وانتزع السلطان السيطرة على الأقاليم الشمالية من يد الشيخ عجيب، ووضع يده على دنقلة. وفي أواخر سنوات حكم الفونج استقلت قبائل الشايقية التي كانت تسكن منطقة حلفا في منطقة العيدلاب.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.