يحتفل العالم في الرابع من يناير من كل عام باليوم العالمي لـ«لغة برايل» تلك اللغة التي تعدُّ علامة فارقة في تاريخ البشرية عامة والمكفوفين خاصة، إذ مكنتهم ليس من التعليم فحسب، بل التواصل الجيد مع الأشخاص العاديين من حولهم، والإحساس بذواتهم، فماذا تعرف عن هذه اللغة التي أضاءت عتمة ملايين المكفوفين في أنحاء العالم؟ وما قواعد الكتابة والقراءة بها؟ هذا ما سوف نجيب عنه في هذه المقالة.
ماذا تعرف عن «خلايا برايل»؟
يتكون نظام برايل من خلايا تسمى «خلايا برايل» داخل كل خلية ست نقاط مرتبة في عمودين، يضم كل عمود ثلاث نقاط. وعلى الرغم أن رموز برايل تختلف من لغة إلى أخرى، لكن القواعد تبقى ثابتة. تُكتب لغة برايل بواسطة قلم خاص ذي سن معدني أو بواسطة آلة برايل على الرغم من أنها أصبحت تقليدية. ولقد حققت التكنولوجيا تطورًا هائلًا بالنسبة للمكفوفين، فقد أتاحت الحواسب اليوم إمكانية تحويل الكتابة العادية إلى لغة برايل، واستعمال أسطر إلكترونية تُقرأ ببرنامج قارئ الشاشة، بحيث يستطيع الكفيف قراءة ما يعرضه من معلومات ومعارف بسهولة تامة.
تُكتب برايل بمختلف اللغات في أنحاء العالم، فالمكفوف العربي يمكنه القراءة والكتابة باللغة العربية، والمكفوف الإنجليزي يمكنه القراءة والكتابة بهذه الطريقة باللغة الإنجليزية، والكفيف الإسباني يمكنه أيضًا القراءة والكتابة بهذه الطريقة ولكن بلغته الإسبانية، هكذا كل لغات العالم.
تنبع أهمية هذه الطريقة من نقل المعرفة للمكفوفين، خاصة وأن الإعاقة البصرية في تزايد مستمر، ووفقًا لأحدث إصدارات منظمة الصحة العالمية يوجد قرابة 300 مليون شخص في أنحاء العالم يعانون إعاقة بصرية، بينهم قرابة 40 مليون شخص كفيف بالكامل.
ماذا أضافت طريقة برايل للمكفوفين؟
أحد الإنجازات الكبيرة في تاريخ البشرية عامة، والمكفوفين بصفة خاصة، ابتكار طريقة برايل في القراءة والكتابة؛ فالعجز عن القراءة والكتابة والاطلاع والتدوين والتعلم من أهم التحديات التي تواجه المكفوفين في العالم، فلم يكن بمقدور المكفوفين أو فئة قليلة منهم القراءة والكتابة والتدرج في السلم التعليمي أسوة بأقرانهم العاديين، أما الآن فقد تغير الوضع تمامًا، حتى إنه أصبحت توجد مدارس خاصة بهم، فأصبح الكفيف اليوم متاحًا له التعليم بالمدارس أسوة بأقرانه الطبيعيين حتى وصوله المرحلة الجامعية.
مناهج المكفوفين بطريقة برايل
المناهج نفسها تم إعدادها بما يناسب طريقة تعلم المكفوفين، وصارت الدولة المصرية تهتم بتشجيع وتكريم المتفوقين من الطلبة المكفوفين كل عام، وتقدم لهم المنح الدراسية ورحلات العمرة لوالديهم، تشجيعًا ودعمًا لهم على مواصلة العطاء. كذلك المكتبات العامة أصبحت توافر المواد العلمية للمكفوفين بالطريقة المناسبة لظروف إعاقتهم البصرية، بما يسهل لهم الوصول إلى المعلومات أسوة بأقرانهم العاديين.
هكذا تغيرت نظرة المجتمع تجاه المكفوفين بفضل "برايل"
حتى نظرة المجتمع إلى هذه الفئة ذات الطبيعة الخاصة تغيرت، فلم يعد يُنظر إلى المكفوفين كما كان في السابق على أنهم عالة على المجتمع وذويهم، بفضل هذه الطريقة التي مكَّنتهم من القراءة والكتابة على نحو فردي ما عزَّز استقلاليتهم.
وبفضل قراءة اللافتات أصبح بإمكان الكفيف التنقل بسهولة ويسر دون حاجة لمساعدة الآخرين، إذ تم إنشاء طرق خاصة بهم في الشوارع والمؤسسات الحكومية ومن بينها المدارس والجامعات بما يسهل عليهم حركة التنقل.
مكَّنت طريقة برايل في القرءة والكتابة، المبدعين من ذوي الإعاقة البصرية، من تحقيق طموحهم بواسطة كتابة الأدب والشعر والكتابة الصحفية والاشتراك في المسابقات المحلية والإقليمية والدولية، وتحقيق التواصل مع العالم الخارجي لتوصيل إبداعاتهم وتبوؤ المراكز والمناصب التي يستحقونها. لقد تخطت طريقة برايل حدود القراءة والكتابة أو الجانب التعليمي، لكي تستخدم في مجالات أخرى كالموسيقى والرياضيات، كونها تشتمل على رموز موسيقية ورياضية.
لذلك يمكن القول إنه بفضل ابتكار هذه الطريقة التي ابتكرها لويس برايل، أمكن تحقيق المساواة بين الأطفال العاديين وأقرانهم من ذوي الإعاقة البصرية، إذ كان كثير من الأطفال المكفوفين يعتمدون على التلاوة الشفهية والتلقين الشفهي، على غرار ما كان يُدرس في الكتاتيب قديمًا، إلى أن مكنتهم هذه اللغة من الدراسة على نحو طبيعي أُسوة بالأطفال العاديين.
من مزايا هذه الطريقة أيضًا، تسهيل عملية التواصل بين المكفوفين بعضهم بعضًا، وبين المكفوفين والأشخاص العاديين، الذين بدؤوا بدراسة هذه اللغة وتعلمها من أجل تحقيق تواصل أفضل مع هذه الفئة من المجتمع. فباسم المدينة العربية مراكش ارتبطت إحدى أهم الاتفاقيات الدولية عام 2013، وهي معاهدة مراكش التي تقضي بتسهيل وصول المكفوفين وذوي الإعاقة البصرية إلى الكتاب على المستوى العالمي.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.