ماذا تعرف عن المملكة المغربية؟.. موقعها وتاريخها

تحد المملكة المغربية الجزائر من الشرق إلى الجنوب الشرقي، وتحتضنها موريتانيا من الجنوب إلى الجنوب الغربي، أما شمالها وغربها فهي تطل على البحر الأبيض المتوسط​​، ويبلغ طولها نحو ثلاثمئة كيلومتر، ومنظر طويل للمحيط الأطلسي الذي يمتد من طنجة باتجاه الجنوب الغربي، حتى حدود موريتانيا.

اقرأ ايضأ شجرة الأركان المغربية

مساحة الأراضي المغريبة

تبلغ مساحة البلاد بما في ذلك الصحراء المغربية أو الغربية (وحتى عام 1976م كانت تسمى الصحراء الإسبانية) حوالي 725 ألف كيلومتر مربع.

والسمة الجغرافية الطبيعية الرئيسة للمغرب (دون الصحراء المغربية) هي سلسلة أطلس، والتي تصل في هذه البلدان إلى أعلى ارتفاعات وهي الأكثر وعورة مقارنة بامتدادها باتجاه الشرق في الجزائر.

جبال الأطلس هي جبال متعرجة ويعود ظهورها إلى العصر الجيولوجي الثالث، وهي جبال مضطربة من الناحية الجيولوجية، وبالتالي فهي عرضة للزلازل العنيفة، وآخرها الزلزال المدمر الذي ضرب أغادير عام 1960م.

وتتراوح أطلس المغرب في المغرب حول أربعة محاور، تفصل بعضها عن بعض، في بعض الحالات بالسهول المنخفضة أو الهضاب، تمتد إلى شمال البلاد جبال الريف (نطق الريف)، والتي تشكل قوسًا جبليًا مع مسارات وعرة، وترتفع فجأة من ساحل البحر الأبيض المتوسط​​، على ارتفاع أكثر من 2,200 متر.

يصعب عبور هذه الجبال وبالتالي شكلت حاجزًا يمنع الحركة من الشرق إلى الغرب، معظم سكانها من البربر ويعملون في الزراعة كلما أمكن ذلك، المدينتان الأقرب للموقع والاتصال بجبال الريف هما تطوان (أو تطاوين) وطنجة.

اقرأ ايضأ إقــــرار يــــوم دولــــي لــــشــجــــرة الأركــــان الــمــغــربــــيــة

الممر الفاصل بين الجزائر والمغرب

يفصل ممر تازة بين جبال الريف من الشمال والأطلس المتوسط ​​من الجنوب، هذا الممر هو الطريق الوحيد الذي يربط بين غرب الجزائر والمغرب، أما الأطلس الأوسط نفسه فيبلغ ذروته بحوالي 3,000 متر.

ويتسع ليصبح حاجزًا بين البلدين، ويرجع ذلك إلى كونه نقطة الانحدار بين نهري المغرب الرئيسين، وهما وادي أم الربيع الذي يتدفق غربًا ويصب في المحيط الأطلسي، ونهر مولاوية الذي يتدفق شمالًا وشرقًا ويصب في البحر الأبيض المتوسط.

يهيمن الأطلس المتوسط ​​على طبقات من الحجر الجيري تخترقها الوديان العميقة التي شكلتها الأنهار على مر العصور، وتنتهي قممه بفوهات بركانية، وسكانها، ومعظمهم من البربر، يقضون الشتاء في القرى الواقعة في الجبال، وينتقلون مع قطعانهم في الصيف إلى المنحدرات العالية، حيث تجد قطعانهم مراعيَ جيدة.

ويرتبط الأطلس المتوسط ​​في جزئه الجنوبي بالأطلس الكبير، والذي يتكون من جبال شديدة الانحدار ذات قمم يصل ارتفاعها إلى حوالي 4,000 متر، وهي مغطاة بالثلوج الكثيفة في الشتاء.

تمتد هذه الجبال في سلسلة كبيرة من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي وترتفع فجأة على كلا الجانبين إلى الشمال من سهول الأطلسي وإلى الجنوب من الأراضي الصحراوية، ولأن المنحدرات الشمالية تلتقي بالمحيط الأطلسي، ثم تنتقل الرطوبة هناك، فهي مغطاة بالغابات.

اقرأ ايضأ السينما المغربية لأول مرة في مهرجان كان الدولي

المنحدرات الجنوبية في صحراء المغرب

أما المنحدرات الجنوبية التي تهبها رياح الصحراء الحارة فهي منحدرات قاحلة تمامًا، لا توجد ممرات منخفضة يمكن استخدامها كطرق عبر هذه الجبال، لكن التاجر لم يكن يفتقر إلى وسيلة نقل دكاكينه عبر هذه السلسلة الوعرة، من السهل الأطلسي إلى المناطق الصحراوية.

تتميز القرى الموجودة في هذه المنطقة بتماسك أجزائها ووجود أسوار أو تحصينات تدور حولها.

وفي الأجزاء الجنوبية من المناطق الجبلية في المغرب، تكون سلسلة جبال جنوب المحيط الأطلسي (أو الأطلس الصغير) أقل، تفصل هذه السلسلة بين نهري سوسة وبوكلير، الأول ينحدر باتجاه المحيط الأطلسي ويتدفق فيه في أغادير، بينما ينحرف الأخير جنوبًا إلى الشرق حيث تبتلعه الصحراء.

وتوجد منطقة منخفضة كبيرة تمتد من ساحل المحيط الأطلسي إلى الداخل وتمتد شمالًا وشرقًا وجنوبًا إلى جبال الريف والأطلس المتوسط ​​والأطلس الكبير، وهي مقسمة إلى قسمين، "سهل الغرب" ووادي نهر سبو الذي يتسع شمالًا، والهضبة والسهول التي تحيط بتادلا وجبيلات جنوبًا.

اقرأ ايضأ المورسكيون بين الأمس واليوم

اختلاف أراضي المغرب في تكوينها الجيولوجي والجغرافي

والبلد مثل المغرب حتى من دون الصحراء المغربية واسع في مساحته، يختلف في تكوينه الجيولوجي والجغرافي، ويطل على البحرين والصحراء والجبال.

يجب أن يكون هناك اختلاف في المناخ بين أجزائه والنباتات، تنوع بين سهله وجباله، بشكل عام يمكن القول إن الأجزاء الشمالية والوسطى من المغرب تتمتع بنوع خاص.

وحصيرة البحر الأبيض المتوسط ​​(مقارنة بالبحر الأبيض المتوسط)، حيث إن الشتاء هناك دافئ ورطب والصيف حار وجاف.

ولكن بمجرد أن نصل إلى الأجزاء الجنوبية من البلاد، نقترب أكثر من الظروف شبه الصحراوية، والتي تتحول في النهاية إلى صحراء كاملة.

وفي جبال الريف والمنحدر الشمالي للأطلس المتوسط​​، يتجاوز متوسط ​​هطول الأمطار السنوي 750 ملم، ولا يستمر الجفاف الصيفي أكثر من ثلاثة أشهر، كما هو الحال مع بقية الأطلس الأوسط والأطلس الكبير والنصف الشمالي من سهول الأطلسي (بالنسبة للمحيط).

يتراوح معدل هطول الأمطار السنوي بين 400 و750 ملم، وتمتد فترة الجفاف في الصيف على مدى أربعة أشهر ويمكن أن تزداد، في بعض الأحيان خلال فصل الصيف تهب رياح صحراوية شديدة الحرارة تسمى الشرقية.

عبر الجبال وصولًا إلى السهول، مما يؤدي إلى حرق المحاصيل والضرع، وتهب نسمات البحر على سواحل المحيط الأطلسي مما يقلل الحرارة بدرجة كبيرة، تُبرّد هذه النسمات بتأثير تيار البحر البارد الذي يعبر جزر الكناري.

اقرأ ايضاً أشهى الأكلات المغربية البسيطة.. تعرف عليها الآن

المناخ في المغرب

وتسود الظروف الجافة في النصف الجنوبي من سهول الأطلسي (نسبة إلى المحيط) وفي الأطلس الجنوبي (الأطلس الصغير)؛ يقل المطر بين 200 و400 ملم، وعلى هذا الأساس فهي غير مستقرة، وبالتالي لا يمكن الاعتماد عليها لزرع الحبوب دون اللجوء إلى الري.

والمناطق الواقعة إلى الشرق والجنوب من سلاسل جبال الأطلس تمنعها هذه الجبال من وصول الرياح المحملة بالأمطار إليها، وبذلك ينخفض ​​معدل هطول الأمطار السنوي دون ما ذُكِر، ومن ثم عليك الاعتماد كليًا على الري من أجل مصلحة المزرعة.

وبشكل عام يمكن القول إن المستوطنات الجبلية المغربية مغطاة بغابات كثيفة ومفتوحة، بينما السهول المحيطة بها تزرع نجيمات ونباتات شائكة تتحمل الجفاف؛ لأنها غير مستغلة، لكن اقتلاع الغابات -قطعًا وحرقًا ورعيًا- أدى إلى تعديل هذا التكوين الطبيعي للحياة النباتية، خاصة في المنخفضات وأسفل المنحدرات.

يتفق الباحثون على أن غابات البلوط الفلين كانت تغطي ذات يوم معظم المنخفضات الأطلسية (نسبة إلى المحيط)، ولكن لا يوجد الآن سوى غابة واحدة تسمى "المعمورة"، والتي تشير إلى الماضي. تغطي أشجار البلوط مساحات كبيرة من المنحدرات الوسطى والعليا للجبال.

اقرأ ايضاً كتاب"دراسات في تاريخ المغرب" والمؤرخ جيرمان عياش

السهول المنخفضة وأشكالها 

وأما السهول المنخفضة الواقعة إلى الجنوب والشرق من سلاسل جبال أطلس، فهي سهوب أو صحاري، والنبات المناسب لذلك موجود هناك، وبين هذه الأنواع يوجد الحلفاء (التحالف) وشجرة الأرغن (التي هي شجرة صغيرة تنمو فقط في جنوب غرب المغرب).

وتمتد الصحراء المغربية (مساحتها حوالي 266 ألف كيلومتر مربع) بين جنوب المغرب وموريتانيا، وتحد شواطئ المحيط الأطلسي، سطح مستوٍ بشكل أساسي، الساحل محاط بالداخل (لمسافة 250 كم) بسهول تمتد من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي.

هذا السهل الغريني الشاسع مليء بالكثبان الرملية، ترتفع الأرض الواقعة خلف هذا السهل تدريجيًا لتشكل هضبة تتقاطع معها سلاسل من الصخور الرملية يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 300 متر، وبالقرب من الحدود الموريتانية، في الشمال الشرقي من الصحراء المغربية توجد سلاسل جبلية منفصلة ترتفع إلى حوالي 600 متر.

لا يوجد تدفق مستمر للمياه في المنطقة، والوادي الوحيد الذي يتطلب الاهتمام هو وادي الساقية الحمراء، الذي يعبر الجزء الشمالي من المنطقة ويصب في المحيط الأطلسي بالقرب من العيون، المنطقة كلها ذات مناخ صحراوي قاس.

اقرأ ايضأ الزواج تقاليد وأعراف

هطول الأمطار في المغرب

لا توجد أماكن يتجاوز هطول الأمطار فيها 100 مم، وفي معظم المناطق لا يزيد هطول الأمطار عن 50 مم، لذلك فإن الحياة النباتية الموجودة هناك تشمل نبات الصحراء بنجومه وأشواكه، الحرارة في المنطقة شديدة، ولكن المناطق الساحلية تلطفها الرياح التي تهب بعد عبور تيار الكناري البارد.

والعناصر التي دخلت في التكوين الديموغرافي للمغرب عبر تاريخه الطويل، كانت البلاد مثل الجزائر وتونس، مسرحًا لسباق البحر الأبيض المتوسط ​​قبل فترة زمنية لا تقل عن 15 ألف عام، المهم أنه في بداية العصور السابقة من التاريخ.

سكنت الشعوب البربرية المغرب بجميع أجزائه، لكن البلد الذي يوجد به موقع المغرب وصلاته وجاذبيته لسكان الأماكن الواقعة جنوبه وشماله، يجب أن تدخله عناصر بشرية أخرى، وتهبط في أجزائها وتعيش في أجزائها، تفاجأ بعناصر من شمال أوروبا، ربما حدثت الموجة الأولى خلال العصر الجليدي الأخير.

عندما انتقل ألبيون إلى مناطق مختلفة من حوض البحر الأبيض المتوسط، وظل تأثيرها لا سيما في الريف وما شابه، لكن الأوروبيين جاؤوا إلى البلاد مع الرومان والوندال (بعد أن استقروا) ومجموعات صغيرة من الإسبان في العصر الحديث، أما تأثير الفرنسيين على الحياة العرقية المغربية فهو ضعيف جدًا.

اقرأ ايضاً أشهى الأكلات المغربية البسيطة.. تعرف عليها الآن

الموقع الجغرافي للمغرب

وجاء المغرب في أوقات مختلفة من غرب السودان، في الأصل من العبيد، والمرتزقة في جيوش سلاطين المغرب (مولى إسماعيل (1672م-1727م) كان لديهم حوالي 15,000 والتجار الذين استقروا في البلاد، يبدو أن هذا العنصر له تأثير واضح بشكل متزايد في جنوب المغرب. 

ومع ذلك، فإن الموجات التي أثرت حقًا في التكوين البشري في المغرب، كما هو الحال في بقية شمال إفريقيا، كانت تلك التي أتت من الشرق، المملكة المغربية، لكن كل هذا ليس سوى جزء ضئيل مقارنة بالهجرات العربية التي دخلت المغرب (عبر البلدان الواقعة شرقًا).

بدءًا من جنود الفتح الأوائل، ثم تلاها رشيدون وأمويون، ثم في القرن الحادي عشر هاجرت القبائل اليمنية من بني هلال وبني سالم عبر مصر، ثم جاء وصول المجموعات العربية إلى المغرب بعد ذلك.

وأنشأ الفينيقيون ثم القرطاجيون من بعدهم المحطات والمنازل التجارية على الساحل المغربي، عندما احتل الرومان شمال إفريقيا في القرن الأول قبل الميلاد، أقاموا دولة موريتانيا تنغيتانا في شمال المغرب، وامتدت حدودها قليلًا جنوبًا إلى الرباط ومكناس وفاس.

في القرن الخامس الميلادي دخل الوندال المغرب من إسبانيا، عندما طردهم القوط الغربيون من هذه الأراضي، احتل البيزنطيون منطقة شمال إفريقيا في القرن السادس، لكن سيطرتهم لم تستغرق وقتًا طويلًا، حيث انتزعها العرب منهم في أوائل القرن السابع.

تاريخ المغرب والحروب الأهلية

الفترة العربية الأولى بالنسبة لتاريخ المغرب ومحيطه، هي فترة الفتوحات التي تمتد لأكثر من ثلاثين عامًا، بدءًا من الحملات الأولى (سنة 639)، لكن الفتوحات لم تستمر بسبب الحروب الأهلية التي تعرضت لها الدولة الإسلامية العربية الناشئة.

عندما حُسم الأمر للأمويين (661) استؤنفت عملية الفتح بنشاط كبير، لكن العملية لم تكن سهلة، هذا بالإضافة إلى أسباب أخرى، يعود إلى المسافة بين دمشق والعاصمة وساحات القتال، وبالتالي صعوبة إرسال الإمدادات من الرجال والمعدات للقتال، مما لا شك فيه أن بناء القيروان، واستخدامه كمركز لبقية الجنود للإمدادات والامتيازات كان له أثر كبير في إحياء الفتوحات، يمكن القول إن الفتح العسكري حدث بشكل عام قبل إرسال حملة طارق بن زياد إلى شبه الجزيرة الإيبيرية (711).

وأعقب عصر الفتوحات في تاريخ المغرب العربي عهد الحكام الذي أطال أمد الدولة الأموية والقرن الأول للدولة العباسية، خلال هذه الفترة اندلعت الطائفية القبلية العربية القيسية اليمنية، في المغرب كانت الطائفية البربرية موجودة أيضًا بين هذه القبائل مع أطماع الحكام وسوء سلوكهم، كان ذلك بمثابة صعود الصراعات والثورات.

والأهم من ذلك كله -في رأينا- أن البلاد أصبحت أرضًا خصبة لانتشار التيارات الإسلامية التي بدأت في الشرق واتجهت نحو المغرب، وهكذا نجد أنه على الرغم من انتشار الإسلام بين مجموعات متميزة من البربر، وعلى الرغم من أن اللغة العربية بدأت تنتشر على مساحات واسعة، إلا أن طائفة الخوارج وخاصة في طائفتها السفارية والإباضية،.

وجدت تجاوبًا كبيرًا لأهل الطائفة، بلد... باختصار، يمكن القول إن الخوارج عززوا قوتهم منذ القرن الثامن من عصرنا في بلاد المغرب الأقصى (الآن المملكة المغربية) وجزء من المغرب العربي الأوسط (الجزائر الآن).

وقد ثار زعماء الخوارج سواء أتوا من الشرق أمثال عكرمة السفاري وأبو سلامة بن سعيد العبادي الذين ظهروا في المغرب على الحكم الأموي والحكم العباسي.

اقرأ ايضاً الطبخ المغربي.. وطريقة تحضير بسطيلا بالدجاج (الديك) واللوز المقلي

دول استقرت في المغرب

1. بنو مدرار في سجلماسة (لاحقًا تافيلالت) في أقصى جنوب المغرب، السفرية (757-909)، وسيطرت على طرق التجارة التي تربط من شمال إلى غرب السودان، كانت علاقتها مع الإدريسيين والأمويين في الأندلس جيدة، ونتيجة لذلك نجحت في مساعيها التجارية (الدولة الإباضية الراشمية في نفس الوقت في طهرت بالجزائر 777-909، وكانت تعتمد أيضًا على التجارة.

2. الدولة الإدريسية مؤسسها إدريس الأول الذي بنى مدينة فارس وجعلها عاصمته، وإدريس من نسل الحسين بن علي، ومع الإدريسيين هناك علويون، ورغم أن قيامهم بالدولة كان احتجاجًا على سلوك العباسيين مع أهل البيت، إلا أنهم لم يكونوا شيعة، واستمرت الدولة الإدريسية من 789 إلى 926.

3. الدولة الفاطمية: تأسست في المهدية (تونس) عام 909، وامتدت سلطتها إلى غرب شمال إفريقيا، قضى على الدولة المدارية والراشمية وأضعف الإدريسيين، ولكن عندما استقرت الخلافة في مصر (696)، وضعها في المغرب الكبير يضعف.

ويبدو من المثير للاهتمام لنا، قبل أن نستمر في الحديث عن الدول العربية الإسلامية التي نشأت في المغرب، أن نلقي الضوء على ما كان يحدث في مناطق جنوبه، بسبب ارتباطها به.

وكانت الصحراء ملاذًا لقبائل صنهاجة البربرية، وكانت منطقة يصعب على الآخرين دخولها، بالإضافة إلى صنهاجة، كان لهم في الصحراء تجمعان أمازيغ مكانًا ومكانة، وكانا أوزانها، كان لكل منهم عدة فروع؛ فروع (قبائل) سنهاجة هي: لمتونة، مصوفة وغدالة، ولأن هؤلاء سيطروا على طرق التجارة.

فقد كانوا مؤثرين، ومع ذلك تحالفت قبيلة الزناتة، التي تقع منازلها شمال منازل لمتونة السنهاجية، مع أمويي الأندلس، مما عزز نفوذهم، جنوب ديار لامتون كانت دولة غانا السودانية، ونتيجة لذلك كانت لمتونة محصورة بين مجموعة تجارية في الشمال ودولة تجارية في الجنوب، فتراجعت تجارتها، ثم هاجم لمتونة مدينة أوداغاشت واستولى عليها في القرن التاسع، وهكذا فتحت لمتونة طريقًا جديدًا للتجارة وأصبحت أوداغشت مدينة كبيرة في القرن التالي.

وأما دولة غانا التي كان مقرها في إقليم أكوار وعاصمتها كومبي صالح، فقد امتدت ممتلكاتها من موطنها في "الساحل" (وهي المنطقة التي تتبع الصحراء، وفيها مجال للرعاية)، والزراعة ولكن سميت بالساحل؛ لأنها كانت تعد ساحلًا صحراويًا) لتشت في الشمال، هاجم الغانيون واستولوا على أوداجاش (990).

وفرضوا سلطتهم على التجار الذين كانوا ينقلون المحلات التجارية من الشمال إلى الجنوب، كانت هناك المخازن الرئيسة مثل الذهب والعبيد والعاج والأبنوس التي جُلبت من بلاد السودان والملابس والأدوات والأسلحة والخرز والأحجار الكريمة والأواني النحاسية والملح التي أُحضرت من الشمال، هنا تبادل تجار الشمال وتجار الجنوب بضائعهم.

ويعتقد بعض العلماء أن غانا مأهولة منذ القرن الثامن من قبل مجموعة من العرب؛ لأن السجل التاريخي يقول إنه في النصف الأول من هذا القرن كانت هناك حملة في غانا، أو أجزاء منها، وجلبت الكثير من الذهب وما شابه.

ويبدو أن هناك مجموعة من أعضاء هذه الحملة بقي في غانا، ربما كان لهم الفضل في تعريف السكان بالإسلام، والذين أسلموا هم من التجار الذين لهم مصالح وصداقات مع التجار المسلمين القادمين من الشمال.

ويبدو أن بعض حكام سنهاجة اعتنقوا الإسلام في القرن العاشر، حيث رأوا فيه ما عزز علاقاتهم بالدول الإسلامية الواقعة في الشمال، لكن هذا لا يعني أن الإسلام لم يكن معروفًا إلا للسنهاجيين في ذلك الوقت.

انتشار الإسلام وبدايته

وطالما نتحدث عن انتشار الإسلام هناك دعونا نشير إلى أن التكرور (في نهر السنغال) اعتنق الإسلام في بداية القرن الحادي عشر، وأن أشياء مماثلة تتبلور في السلي.

وفي بداية القرن الحادي عشر، كانت تارسينا زعيمة السنهاجية، وهذا في الرواية أول من نطق بشهادتي رؤوس السنهاجين، واسمه عبد الله بن محمد، فقبل ​​معظم المخادعين دين الله فدخلوه معهم جماعيًا.

خرج ابن ياسين من الرباط برفقة مجموعة من المساعدين، فهاجم سجلماسة (1054) واحتلها، وفي نفس العام احتل يحيى بن عمر زعيم اللامتون (سنهاجي) أوداغشت.

وهكذا نشأت دولة المرابطين (في منتصف القرن الحادي عشر) وسيطرت على المنطقة الممتدة من سجلماسة في الشمال إلى أوداغشت، ثم بسط المرابطون نفوذهم عندما احتلوا غانا وأجبروا ملكها ونبلاءها على اعتناق الإسلام.

وكانت الدولة الموحدية (1130م-1296م) هي التي خلفت المرابطين في المغرب، بدأت الدولة بحركة إصلاحية بقيادة ابن تومرت، كان تأسيسها احتجاجًا على الفشل الديني للمرابطين في نهاية حكمهم، الموحدين هم حماة المعرفة ورعاة الأدب، تباهى بلاطهم في مراكش بالفلاسفة ابن طفيل وابن رشد، اللذين كانا أيضًا أطباء سلاطين الموحدين، لكن سلاطين الموحدين وخاصة الأوائل كانوا مدفوعين بفكرة الجهاد.

حدث ضعف في ولاية بني مين في بداية القرن الخامس عشر، وخلفائهم في هيمنة المغرب كانوا دولًا، بما في ذلك الوطاسيون (1428م-1549م) في أقصى جنوب المغرب، ثم أراد البرتغاليون الاستيلاء على موانئ الأطلسي، بسبب اهتمامهم بسواحل غرب إفريقيا، استولوا على أصيلة (1471)، أغادير (1504)، صافي (1508) وأزمور (1513)، (كان لديهم سبتة عام 1415، حيث كان الإسبان يمتلكون مليلية عام 1497 على ساحل البحر الأبيض المتوسط).

وجاءت دولة السعديين (1511) على يد محمد القائم (1511م-1517م)، بدعم من رئيس الطريقة الصوفية الجزولي، وفي الفترة من 1557م إلى 1578م، كانت شؤون المغرب مسؤولة عن ثلاثة من السعديين، آخرهم أبو مروان عبد الملك (1576م-1578م).

وكانوا معنيين بتعزيز التجارة المغربية مع أوروبا ومع إنجلترا خاصة، لكن أهم حادثة وقعت في عهد عبد الملك كانت محاولة سيباستيان ملك البرتغال لاستعادة بعض الموانئ التي كانت لأسلافه على ساحل المحيط الأطلسي (1578).

وقعت معركة حاسمة (1578) في وادي المخازن في التاريخ المغربي، حيث كان الانتصار للمغاربة، (قُتل في هذه المعركة السلطان أبو مروان، وابن عبد الله الذي تمرد عليه، وسبستيان البرتغالي.

ومن هنا سميت هذه المعركة بمعركة الملوك الثلاثة)، بعد المعركة تولى أبو العباس أحمد المنصور المعروف باسم الذهبي (1578م-1603م)، شؤون المغرب، إنه الشجاعة الأخيرة للسعديين، قام بالعديد من الأعمال الإنشائية والإدارية وحصن أطراف البلاد.

الدولة العلوية، أجبر المغرب على قيادة المغرب بعد وفاة المنصور (1603م)، لكن قيام الدولة العلوية النبيلة على يد ملكها الأول محمد بن الشريف (1638م-1663م) أنقذ الوضع، في عهد شقيقه الرشيد (1663م-1672م)، وحد جزءًا من المغرب.

ونظرة عامة على الاقتصاد المغربي، المغرب بلد غني ومتطور؛ مواردها الطبيعية متعددة، وأرضها جيدة وخصبة، ومع ذلك فإن تطوير وإنجاز الاقتصاد المغربي لم يكن ما كان يأمله المخططون، وبالفعل أثرت ثلاثة عوامل على هذا الجانب من الحياة المغربية، وهي:

عوامل أثرت على الحياة في المغرب

1. نفقات حرب الصحراء المغربية (الغربية) على وجه الخصوص منذ عام 1975م.

2. انخفاض أسعار الفوسفات في الأسواق العالمية.

3. الزيادة الكبيرة في عدد السكان.

يحتوي المغرب على ثلثي احتياطيات العالم من الفوسفات الطبيعي، يوجد في المغرب معادن أخرى لم تستغل بعد، لكن انخفاض أسعار مادة تزيد حصتها من الصادرات المغربية عن 19 مليون طن، يعني خسارة كبيرة للغاية فيما يتعلق بدخل الدولة.

والمحاصيل الزراعية الرئيسة هي الحبوب، وخاصة القمح والشعير والذرة والحمضيات والبطاطس والطماطم والبقول والزيتون واللوز.

بدأت مؤخرًا في زراعة الشاي، ويستخدم نبات الحلفا الآن في تحضير اللب لصناعة الورق، والذي يدخل منه شهر الأوكالبتوس ضمن عناصره، وتشمل موارد الغابات، التي تخضع بالكامل تقريبًا لسيطرة الدولة، الفلين (تغطي غابات الفلين حوالي 370 ألف هكتار) والأرز والبلوط والأرجون، يصدّر الخشب لاستخدامه في المدابغ.

والمغرب غني بالأسماك من حيث تعدد الأنواع والكمية، وصناعة تعليب السردين متطورة ومزدهرة في المغرب.

إنجازات هائلة حققتها المغرب 

ويحاول المغرب استثمار الفوسفات في صناعة مشتقات الفوسفات بما في ذلك الأسمدة، والمغرب لديه ثروة معدنية لم تُستغل بعد، يوجد الفحم، وخام الحديد، والرصاص، والزنك، والمنغنيز، والكوبالت، والفضة، والكحول، والنحاس.

وسعت الحكومة المغربية إلى تطوير الصناعة المغربية حتى لا يبقى المغرب معتمدًا على الزراعة والفوسفات في اقتصاده، يظل تعدين الفوسفات الصناعة المتأثرة باستثمارات الدولة، وتشمل الصناعات الأخرى تكرير البترول، وتصنيع الأسمنت، وتجهيز الأغذية، والمنسوجات، والكيماويات، والورق، والمطاط، والبلاستيك.

وتحظى صناعة تكرير النفط باهتمام كبير، حيث وسعت مصفاة المحمدية ومصفاة سيدي قاسم، بما أن المغرب يعتمد كليًا على الواردات لاحتياجاته من الوقود فإن إنشاء المصافي يقلل من مدفوعات الوقود.

أنتج الأسمنت بالقرب من الدار البيضاء وفي بني ملال وأكادير، ويوجد في الدولة 12 معملًا لتكرير السكر، بالإضافة إلى ستة مصانع، تغلّف وتصدّر الفاكهة والخضروات والأسماك للخارج، آسفي هو أكبر مركز للأسماك المعلبة.

ومعظم الشركات الصناعية في المغرب مملوكة لمغاربة، ينص القانون على أنه يجب على جميع الشركات (الصناعية والتجارية والمصرفية والتأمين والخدمات العامة) نصف رأسمالهم المغربي، وأن غالبية أعضاء مجلس إدارة كل منهم يجب أن يكونوا مغاربة.

وتستورد المملكة المغربية من فرنسا بضائع تعادل ربع ما تستورده إجمالًا، وعلى نفس الأساس تصدر المملكة المغربية إلى فرنسا (ربع سعر جميع الصادرات يأتي من فرنسا) وألمانيا الاتحادية، وإسبانيا، وإيطاليا، وبلجيكا، وهولندا، والاتحاد السوفيتي، وبريطانيا.

ويوجد بالمغرب 17,000 كم من الطرق الجيدة، و1,850 كم من السكك الحديدية القائمة والتشغيلية، هناك خطط لبناء سكك حديدية جديدة، بما في ذلك مشروع لبناء خط سكة حديد من مشكالا (أحد مواقع تعدين الفوسفات) إلى ميناء الصويرة (بطول 90 كم)، ومشروع تمديد خط سكة حديد جديد من مراكش إلى مدينة شرم الشيخ، العيون في الصحراء الغربية (بطول 850 كم).

وموانئ المغرب جيدة: مثل الدار البيضاء، وآسفي، والمحمدية، وأكادير، والصويرة، وطنجة، والقنيطرة، والناظور.

اللغة العربية في المغرب 

وعلى الرغم من أن اللغة العربية كانت لغة العلم والأدب والفقه في المغرب منذ قرون، إلا أنها أيضًا اللغة الرسمية، بالإضافة إلى ذلك هناك مجموعات من القبائل التي تتحدث لهجات أمازيغية مختلفة، خاصة في الجبال العالية والمناطق الصحراوية الجنوبية.

وتجدر الإشارة إلى أن مسجد القرويين والمدارس الأخرى مثل مدرسة ابن يوسف بمراكش كانت حصنًا لتعليم اللغة العربية والدين، مسجد القرويين له تاريخ طويل بين المؤسسات التعليمية في الدولة؛ لأن هذا المسجد يمثل التعليم التقليدي المعروف في المغرب منذ أحد عشر قرنًا، لم يقتصر مسجد القرويين على التعاليم الدينية، بل كان يدرس في أجزاء كثيرة من عمره الطويل الطب ومبادئ الهندسة وعلم الفلك.

كان قانون ابن سينا ​​أساس التعليم الطبي هناك، دُرست علوم الحيوان والنبات والعقارات والطب والصيدلة هناك، وإن كان ذلك بطريقة محدودة، حتى نهاية القرن التاسع عشر، إلا أن حكومة المحمية حدت من التعليم هناك، فأعادته إلى مدرسة أدبية دينية، ومن هناك كان هناك في المغرب تخمر من الشريعة الأدبية واللغوية والفقهية والدينية الصالحة للاستفادة منها في عهد الاستقلال.

الموقع الجغرافي للمغرب 

ويقع المغرب في الركن الشمالي الغربي لإفريقيا، وقد أطلق عليه الجغرافيون العرب اسم المغرب الأقصى، نظرًا لبعده عن مركز السياسة العربية، لكن المغرب كان على اتصال دائم بجيرانه، منذ أقدم العصور التاريخية، ودائمًا من خلالها، كانت هناك روابط مع أوروبا، ربما ظهرت على أقوى ما ظهر في زمن الروابط المغربية الأندلسية.

وكانت له علاقات بغرب السودان، ونمت هذه الروابط واتسعت وتوطدت عندما أصبح "الجمل" سفينة الصحراء تنقل التجار والتجارة والآراء والدين والعادات من المغرب إلى غرب السودان عبر الصحراء.

كان للمغرب علاقات مع الشرق، ربما بدأت في الألفية الثالثة قبل الميلاد أو حتى قبل ذلك، لكنها ازدهرت في الألفية الأولى قبل الميلاد، وعلى الرغم من تضاؤلها بعض الشيء في العصر الروماني، فقد بلغت ذروتها عندما وصل المسلمون العرب إلى المغرب.

وأصبح المغرب جزءًا من دولة العروبة والإسلام ومنبع الفكر العربية الإسلامية كان بالأحرى في القرن الثالث عشر الميلادي، على سبيل المثال، معقل الإسلام المحصن في هذه المناطق النائية.

وأود أن أختتم هذا العرض بالإشارة إلى أن زيارة المغرب أمر لا تندم عليه، إذن أنت تمر بالأطلس المتوسط ​​على ارتفاع حوالي ثلاثة آلاف متر.

وتمشي في سهل واسع من طنجة إلى مراكش، وتنتقل بسهولة إلى وديان متعرجة جميلة من وجدة إلى تازة، فاس، منطقة تادلة، ثم مراكش.