سيد علي عبد الرشيد يناير 13, 2023, 12:44 م

ماذا تعرف عن الكناية اليورباوية في البلاغة؟

عُرف اليورباويون في الكلام بالفصاحة، وفي النصيحة بالصراحة، وفي إيصال المعنى بالبلاغة، وفي العقل بالرجاحة، ولا يُعرَفون بالسماجة، عند قضاء كل حاجة.

وإذا تكلموا أمام الملأ برهنوا بما أوتوا من النبوغ، وإذا أشاروا إلى أمر تبين ما عندهم من البزوغ، وهم أمة العقل لا أمة الكتابة.

الكناية في لغة اليورباويين

وهم قوم الإدراك وأمة النجابة، وإذا قالوا شيئاً وافق الواقع، ولا يخالف الشارع، كم قالوا وصاروا بهذا فصحاء، وكم كلمةٍ واحدةٍ صاروا بها بُلغاء، وكم لفظ واحد يحوي عدة المعاني، وكم كلمة واحدة عندهم تتضمن عدة المباني، وكم دلالة تحتوي على عدة الأماني.

فمن فهم اليورباويين عندما يقول عن شخص شَرِهٍ نَهِمٍ، يعبرون عنه تعبيراً يفهمه قوم ليسوا بصَنَمٍ، ويقولون: فلان لا يرى القِدْرَ؛ هذا أكثر من تناول ما وقع بيده من طعامٍ الدهْرَ، فهذه الكناية منتهى وصف من كان طُفَيْلياً، ومن كان بين الناس جُفَيْنِيًّا، ويقولون: "فلان لا يلعب ببطنه".

وهذا الكلام في مَبناه مُشكِلٌ في وزنه، ولكنه بيِّن واضح في معناه؛ بما يحوي من غِناه، وهو منتهى وصف كثير الأكل، ووصف قليل الحِيَلِ وكبير الأمل.

أمثلة على الكناية اليورباوية

وكل هذا الكلام له وقعه في الدلالة، وله قيمته في الأصالة، وله غايته في المفاهيم، وله مراده عند الكريم واللئيم، فمن كان لا يلعب ببطنه.

فكل الطعام يدخل فيه بلا إذنه، ومن كان لا يرى القِدْر، فليس مذمومًا إذا التهم البحْرَ، وليس ممدوحاً بالبحث عن العزائم، أو بالتوغل في الولائم، ولكنه إذا اكتحلتْ عيناه بالدخان، جاء بلحمه وشحمه كالرهان.

ومن رأى القدر ابتهج، وصدرَه أثلجَ، ومن رأى الأثافيَّ سعِد، ورأى الرماد أتى بما وعَد، إذا الحطَبُ اتقَدَ، وإذا الخطْبُ ابتعدَ، وإذا الصخْب انفردَ.

وكل من يحبُّ الطعام لا يهمه الوسَخُ، ولا يهمه في تقطيع اللحم السلْخُ، ولكن إذا لبَّى دعوة بطنه، لا يفكر في بعض شأنه.

ومن أولى الطعامَ الاهتمامَ، فقد اختار لنفسه في الاجتماع الطعامَ، ومن عرف الشَهِيَّ، وقَّر في المجتمع السَخِيَّ، ومن ذاق لسانه ما يطيب، فإنه ليس على المالح يعيبُ.

قال أديب الزمان: الكناية اليورباوية لها محل من المبنى والمعنى.

قد يهمك أيضًا

-سلسلة نماذج الشعراء النيجريين.. تعرف على أفضل الشعراء

-سلسلة الشعراء اليورباويين.. تعرف على الشاعر منصور الشوكاني

استكشف المزيد حول الكلام اللغة البلاغة

بقلم سيد علي عبد الرشيد

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.