"وعلى كل العباد كم لنيلك من أيادي".
جملة لطالما حفظها أبناء الشعب المصري، ورددوها وهم أطفال في طابور المدرسة في فقرة "النشيد"، فتلك الجملة لم تكن لتأتي من فراغ، فكم أبهر أبناء النيل العالم بحضارتهم وعلومهم وفنونهم وآدابهم، وبالطب.
فالمصري قد عرف الطب منذ قديم الأزل، وتخصص فيه وطوره، بل وصل به الأمر قديمًا إلى أن أجرى عمليات جراحية دقيقة دون الحاجة إلى مستشفيات وأجهزة وأدوات دقيقة.
اليوم نحرك دفة الإبحار في كنوز الحضارة المصرية القديمة، لننتقل بها إلى بحر الطب في العصر الفرعوني، فكن على موعد مع بعض المعلومات الغريبة والرائعة.
قد يهمك أيضًا أسرار الجمال الأكثر جرأة في مصر القديمة
ما الطب الفرعوني؟
يمكننا أن نلخصه ببساطة إلى أي تقنية "سواء كانت طبية أم غير طبية"، استخدمت في الطب في تاريخ مصر القديمة.
استخدمت طرائق عدة في العلاج في مصر القديمة؛ مثل: تراكيب الأدوية أو تجبير العظام أو الكسور أو إجراء عمليات جراحية، والتعاويذ والسحر.
أيضا يوجد علم قائم إلى الآن يمكننا أن نقول إن من أسسه هو المصريون القدماء، وهو علم المنعكسات أو الريفسولوجي، وهو أحد فروع الطب البديل، علم الريفسولوجي تتلخص فكرته في علاج الأمراض عن طريق القدمين.
فيذكر الدكتور "سعد المصري" عالم في الريفسولوجي أن ذلك العلم وضع حجر أساسه منذ عام 2330 قبل الميلاد، وبدأ استخدامه منذ عهد الملك "زوسر"، لكن ذلك العلم لم يكن شائعًا للعامة من الشعب، فقد اقتصر على الملوك فقط؛ لذا أطلق عليه العلاج الملكي.
يختص ذلك العلم بعلاج الأمراض التي تصيب الشق الأيمن من الجسد عن طريق القدم اليمنى، في حين الأمراض التي تصيب الجانب الأيسر، وبما فيها القلب، من اختصاص القدم اليسرى.
وأيضًا يحسن ذلك الفرع من فروع الطب البديل الحالة المزاجية والنفسية للجسم، وينشط الدورة الدموية، وذلك كما ذكر "المصري".
قد يهمك أيضًا معلومات عن تاريخ مصر الفرعوني
من هو أول طبيب فرعوني؟
يعد الوزير "إيمحوتب" أول طبيب في مصر القديمة وأشهرهم، بل وصل الأمر إلى أن رفع إلى درجة إله في مصر القديمة، وعبده البطالمة وعدوه إله الشفاء والسحر، وهو أيضًا كان أول مهندس في التاريخ.
بنى إيمحوتب هرم سقارة للملك زوسر، لم يكن إيمحوتب أول طبيب فقط، بل ذكر أحد الكهنة أن إيمحوتب هو من وضع وأسس علم الطب، وأسس مدرسة لتعليم الطب في "ممفيس".
أما عن أول طبيبة في التاريخ، فكانت في مصر القديمة، وتدعى "ميريت بتاح" وكانت موجودة في مدة 2700 قبل الميلاد.
قد يهمك أيضًا تعرف إلى أسرار الحضارة المصرية
كيف كان الطب في مصر القديمة؟
في البداية، قد تستشف أن الطبيب المصري كان ذا مكانة مرموقة في مصر وحسب، وتلك المعلومة صحيحة، لكنها لا تقف عند ذلك الحد، فقد كان للطبيب المصري القديم مكانة عظيمة حتى بالنسبة للشعوب المجاورة.
ويوجد اعتقاد في مصر القديمة أنه توجد صلة بين صحة الشخص الجسدية ومدى نقائه الروحي، ويعتقد أن المرض الجسدي نوع من أنواع العقاب.
فكانت من ضمن طرائق العلاج عند قدماء المصريين قراءة الصلوات والتعاويذ على المريض، إذ يروى أنه جمع كتاب به نحو 700 تعويذة لعلاج عدد من الأمراض بمختلف الأنواع، وقد جمع ذلك الكتاب عام 1500 قبل الميلاد.
ذكر الباحثون عام 2014 أن المصري القديم فهم القلب على نحو مدهش، وإن كان فهمًا غير دقيق، لكن ذلك الفهم كان يعد سابقًا لزمانه، فقد كان يعتقد المصري في الماضي أن القلب هو مصدر الدم والبول والدموع والسائل المنوي.
كان يعتقد المصري أن الأمراض والاضطرابات العقلية مثل الاكتئاب والخرف ما هي إلا نتيجة لغضب الآلهة، أو بسبب الأرواح الشريرة.
عرف المصري القديم الجراحة وتخييط الجروح جيدًا، باستخدام أدوات بسيطة؛ مثل: الكماشات والملاقط أو الملاعق.
وعرف أيضا المصري القديم الأطراف الصناعية، بل تقريبًا المصري القديم هو أول من اخترعها، فوجد طرف صناعي لإبهام قدم يمنى لمومياء يعود تاريخه إلى 2000 عام قبل الميلاد، وكان مصنوعًا من أخشاب وجلود.
وذكر الباحثون أنه لم يكن فقط للزينة، بل كان عضوًا فعالًا يسهل فكه وتركيبه واستخدامه، وأيضًا مصنوعًا من مواد تتحمل الضغط والاستخدام.
وفقًا لموقع (NEW SCIENTIST) فإن تراكيب العقاقير والأدوية المصرية القديمة كان متوافقًا مع دستور الأدوية البريطاني الصادر عام 1973 بنسبة قدرها 37%، قد ترى تلك النسبة بسيطة، لكننا نتحدث عن أشخاص كانوا موجودين منذ 7000 عام تقريبًا.
عثر على لوحة جدارية على معبد سقارة تشرح عملية الختان للذكور.
من المواد التي استخدمها المصري القديم في العلاجات والأدوية البلح والسمك والثوم والزعتر واللبان والعرعر، وأوراق الأكاسيا وزيت الخروع وزيت الأرز، اللبان وأوراق الصفصاف والكزبرة.
يروى أيضًا أن المصري القديم قد ابتكر ما نعرفه الآن بـ"كريمات ترطيب البشرة" عن طريق استخدام دهون بعض الحيوانات؛ مثل: دهون الخنازير والأبقار والثيران.
قد يهمك أيضًا تعرف إلى المعتقدات الدينية في مصر القديمة
ما الطريقة التي كان الفراعنة يعالجون بها الجروح؟
حتى الآن لم يوجد أثر لضمادات الجروح للأشخاص الأحياء، لكن وجد شيئًا غريبًا، ألا وهو ضمادة لجرح مومياء فتاة محنطة منذ 2000 عام.
تذكر بعض المصادر أن المصري القديم هو أول من اكتشف المضادات الحيوية، فمن طرائق علاج الجروح وضع العفن الموجود على الخبز على الجروح، وكانت تلك الطريقة فعالة، وأيضًا استخدم قماش مبلل بماء البرك الراكدة لوضعه على الجروح، وكانت تشفى بفضل الفطريات الموجودة فيه.
ختامًا، نتمنى أن تكون تلك المقالة قد أضافت لك ولو شيئًا قليلًا أو معلومة واحدة عن الحضارة المصرية القديمة، ونشكرك على المتابعة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.