المسرح فنّ والحياة مسرح، فكثير من الفلاسفة قالوا بأن البشرية تعيش على خشبة مسرح كبير كلٌّ يؤدّي دوره، وكلٌّ يلعب على الآخر أمماً، وشعوباً، سياسة، وحرباً، وسلماً، وغنى، وفقراً، ووفرةً، وشحاً.
أقنعة توضع على الوجوه وأزياء تُرتدى ومساحيق تجميل تغيِّر الواقع وترسم مشهداً جديداً يقطر أحياناً بالبهجة والسرور في كوميديا صارخة تنتزع البسمة من الشفاه والضحك من القلب، وأحياناً تطفح سُمَّا ونكداً، وحزناً، وأسى.. تلك هي الحياة وذاك هو المسرح... مسرحها الذي وجدنا فيه رغماً عنا لم نختر لأنفسنا اسماً، ولا جنساً، ولا عائلةً، ولا عرقاً، ولا ديناً، ولا انتماءً. اختارتنا الأقدار لنؤدّي دوراً رسم لنا قد نحيد عنه بعض الشيء لكن الخط العام محفور عميقاً في أرض التاريخ، وأبعاد، وتفاصيل الجغرافيا.
قديم هو المسرح قدم الإنسان فقد أوجده الإغريق والرومان، أضافوا له شيئاً من فلسفتهم، وفنونهم، وعلومهم، وجنونهم، وجعلوا ساحته أحياناً حلبة صراع بين الوحوش تسيل فيها الدّماء، وكان بحقّ وصمة عار في جبين من أوجده. حتى أن اليونانيين ألفوا الملاحم وصوروا الأساطير وجسدوها في مسارحهم.
تارّة سمّوه كوميديا (ملهاة) وتارة تراجيديا (مأساة)، تارّة هو فنّ وتارّة هو سياسة تعلو فيه الأصوات وتنادي بشعارات وعبارات قد تسقط دولًا وترفع أخرى.
هناك المسرح السياسيّ، والاجتماعيّ، ومسرح الطفل، ومسرح العائلة، وهناك حركات مسرحية راسخة القدم عريقة الوجود ربما نتطرق إليها بإيجاز.
وعند العرب القدماء ربما كان سوق عكاظ أشبه ما يكون بالمسرح الأدبيّ والشعريّ، الذي يتمّ فيه التنافس على الملأ وبحضور الجمهور الذواق.
سنلقي في هذه العجالة الضوء على تاريخ المسرح ونشوئه وتطوّره وماذا نأمل فيه للمستقبل – إن بقي هناك مستقبل في ضوء صراعات البشر وحماقاتهم، فمن الواضح أننا نمضي على مسرح الحياة إلى نهاية العالم!
تقول الموسوعة الحرة ويكيبيديا عن يوم المسرح العالمي الذي يصادف 27 من آذار/ مارس كل عام: "اليوم العالمي للمسرح يحتفل به العالم يوم 27 مارس من كل عام، حيث تقام جملة من الأنشطة والاحتفاليات الخاصّة بهذه المناسبة التي جرى العرف أن يتمّ اختيار شخصية إبداعية ومسرحية لكتابة كلمة خاصّة بهذه المناسبة تلقى في اليوم ذاته، ويتمّ تعميمها على جميع المؤسسات المسرحية في العالم". انتهى الاقتباس.
إن فعالية يوم المسرح العالمي يرعاه المعهد الدولي للمسرح ITI منذ عام 1962م وهو منظمة دولية للفنون التمثيلية (مقرها شنغهاي/ الصين ولها مكتب في باريس)، وسيكون هناك احتفال هذا العام برعاية اليونيسكو سيتم نقله على موقع إنترنت مخصص لهذه الاحتفالية.
فما هو المسرح؟ وكيف بدأ؟ وما هي مراحل تطوّره؟ وما هي الأدوار المنوطة به فنياً وثقافياً؟ وما هو مستقبل هذا الفنّ في ضوء طغيان وسائل التواصل الاجتماعيّ، واستمداد الكثير من الناس جرعاتهم الثقافية من مواقع الإنترنت، ومصادر تفرضها السرعة، والديناميكية، التي تدور بها عجلة الحياة في هذه الأيام.
كورس كتابة المسرحية في انتظارك!
المسرح البدايات وتاريخ التطوّر باختصار
لنعود بعجلة التاريخ إلى المسرح الإغريقيّ (من القرن السابع قبل الميلاد)
لقد تكوّن المسرح الإغريقيّ للاحتفاء بالمهرجانات الدينية، حيث كانت تستخدم جوقة إمّا للغناء أو الإنشاد للنص الدينيّ. ومن غير المعروف إذا ما كان ثيسبيس Thespis كاتباً مسرحياً أو ممثلاً أو كاهناً ولكن ينسب إليه بأنه من أوجد "الممثل الأول" والذي ينفصل عن الجوقة ويتحدّث إليها كشخصية منفصلة. وهذا ما أدّى لاحقاً لنشوء الشخصيات حيث كانت ترتدي الأقنعة للسماح للممثلين بلعب أكثر من شخصية أو دور.
ومن الكتاب الإغريق المشهوين: أخيلس Aeschylus والذي طرح فكرة استخدام ممثلٍ ثانٍ وثالث، والذي سمح بالتفاعل بين الشخصيات. وقد استمر سوفوكليس Sophocles في تشكيل الشخصيات باستخدام أقل للجوقة وتكوين مزيد من الحوار بين الشخصيات.
المسرح الروماني (تقريبًا من القرن الرابع قبل الميلاد)
لقد تأثّر الرومان بشدّة بالمسرح الإغريقيّ وكلمة مسرحية play أصلها لاتيني من كلمة "ludus" التي تعني الترفيه أو التمثيل. وقد طرح الكاتب المسرحيّ الرومانيّ تيرينس Terence مفهوم الحبكة الثانوية subplot والذي أتاح للجمهور تمييز ردود أفعال الشخصيات المختلفة تجاه نفس الأحداث أو الظروف. وقد كان المسرح الروماني أقل تأثّراً بالدين من المسرح اليوناني.
لكن الجمهور في المسرح الروماني كانوا يتميّزون غالباً بالصراخ والوقاحة ولم يكونوا يصفقون، وإنما كانوا يصرخون منادين بعبارات فيها الإهانة وقلة الأدب والاستخفاف، وبسبب ذلك كانت العروض يغلب عليها الإيماءات والحركات الجسدية وكانت تُكرّر. وقد وضع الممثلون نظاماً يسمح للجمهور بأن يعرفوا عن الشخصية بمجرّد النظر إليها مثلًا:
- الشعر المصطنع الأسود يرمز لشخصية شاب.
- الشعر المصطنع الأحمر يرمز لعبد.
- الثوب الأصفر يرمز لامرأة.
- الشرابة/ الشعر الأصفر يرمز للآلهة.
مسرح أوروبا القروسطي (تقريبا بداية القرن الخامس)
بعد سقوط الإمبراطورية الرّومانية فقد هجرت المدن وأصبحت أوروبا بأكثرها زراعية، وبعد عدّة مئات من السنين ظهرت المدن من جديد، وقد كانت الكنيسة الرومانية الكاثوليكية مسيطرة على الدين والتعليم والسياسة، وكان لها أيضاً تأثيراً قوياً على المسرح، وتمّ عودة ولادة المسرح بشكل الدراما الطقوسية، والتي كانت تكتب باللاتينية وتمثل من قبل رجال دين، أو أعضاء من الكنيسة.
وكانت المواضيع تستقى من الإنجيل المسيحيّ. وكانت العروض تتمّ أيضاً احتفاء بالمهرجانات الدينية (كما في عصر الإغريق). وبعد ذلك كانت الدراما تكتب باللغات الشائعة، بحيث يمكن لأيّ شخص أن يفهمها. وكانت المسرحيات تمثّل في ساحات المدن على خشبات مسرح عبارة عن عربات، وكان هناك ثلاثة أنواع من الدراما الطقوسية هي:
- المسرحيات الغامضة التي تستند للعهد القديم والجديد.
- المسرحيات الإعجازية وتستند لحياة القديسين.
- المسرحيات الأخلاقية وهي تعلم دروس عن طريق شخوص رمزية تمثّل فضائل أو أخلاق ذميمة.
إسهام تجمع كوميديا الفنّ Commedia Dell’Arte في إيطاليا (تقريبا بدأ في القرن الرابع عشر)
في إيطاليا ظهر شكل فريد من المسرح لعامّة الناس سمي كوميديا الفنّ، وكان هذا الشكل يحتاج لبضع شخصياتٍ رئيسيةٍ، ولا يحتاج لشخصيات فرعية، ولم تكن المسرحيات تأتي من نصوص، ولكن من سيناريوهات التي كانت تأخذ شكل الحبكة القصصية.
وقد كان الممثلون يرتجلون الحوار مستخدمين حركات وإشارات بهلوانية مضحكة (تسمّى بالإيطالية لاتزي lazzi). وكان الممثلون يرتدون أنصاف أقنعة التي تُشير للجمهور بنوع الشخصية التي يودون أداءها (تماماً مثل اليونان).
وكانت الفرقة الكوميدية مكوّنة من 10 إلى 12 عضواً بضعٌ منهم نساء، وكانت تستند المسرحيات لشخوص شعبية مثلًا:
- بنتالونه Pantalone وهو تاجر متقدّم بالعمر من فينيسيا.
- أرليكينو Arlecchino وهو خادم مشاكس.
مساهمة إيطاليا في عصر النهضة والإصلاح (تقريباً بداية القرن الخامس عشر)
تمّت مساهمات أخرى للمسرح من قبل الإيطاليين خلال تطور خشبة المسرح وصولًا لشكلها الحديث proscenium "خشبة إطار الصورة / شاشة العرض".
مساهمة عصر النهضة والمسرح الإنجليزي الإصلاحي
في إنجلترا استخدمت خشبات مسرح أيضاً من عربات مغطاة بقماش النايلون، التي شكلت منصّة عرض أكثر انفتاحاً، وكان الجمهور يحيطون بالمنصة، وفي بعض الأحيان يقفون على خشبة المسرح وكان يتمّ التركيز في المسرحيات على الحوار واستمرت المسرحيات في طرح قضايا أخلاقية، ولاحقاً استبدلت المواضيع الدينية بمواضيع الولاء للحكومة. وكان المؤدّون ينضوون تحت مجموعات أو فرق التي شكلت نسقاً للمسرحيات التي يمكنهم أداؤها.
الخبرة الإنجليزية في عصر النهضة والإصلاح
في القرن السادس عشر تراوحت إنجلترا ذهاباً وإياباً في تبني الكاثوليكية إلى البروتستانتية، وكان كتّاب المسرحيات يحاولون إعادة الحياة للكتابة المسرحية باللاتينية، وكانوا يعتقدون أنهم بذلك يدعمون الكنيسة الكاثوليكية، والكتّاب الذين كانوا يحاولون إحياء الكتابة المسرحية باليونانية كانوا مرتبطين بالبروتستنتية، وتبعاً لمن كان يملك السلطة في ذلك الوقت فقد كان تنزل بالكتاب عقوبة الموت لمن يحاول الكتابة بلغة غير مرغوبة، والعديد من الكتّاب بدأوا في تجنب إحياء الأعمال الكلاسيكية، وكتبوا مسرحيات غير سياسية وغير دينية.
تهديد المسرح في عصر النهضة والإصلاح
إن المشاكل السياسية التي ظهرت في إنجلترا جعلت من المسرح خطراً، حيث الاضطراب المدني يُمكن أن ينشأ بفعل ما كان يعرض في المسرحيات، وكانت المسارح مرتبطة أيضاً بفكرة قضاء الوقت بمشاهدة العروض بدلاً من العمل، وارتبطت المسارح أيضاً بالبغاء، حيث إن البغايا كن يتسكعن في المناطق التي تُعرض بها المسرحيات، وفي بعض الأحيان كن يشكلن جزءاً من الجمهور، وإضافة للمشاكل السياسية فإن الخوف من الطاعون أدّى لإغلاق المسارح، وقد أدّت هذه الظروف إلى الترخيص لشركات تمثيل الذي أدّى بدوره إلى السيطرة على المسرح من قبل الدولة.
المسرح الإليزابيثي (القرن السادس عشر) ولادة مسرح الله
خلال هذه الفترة كان هناك كتّاب مسرحيات بارزون آخرون: كريستوفر مارلو Christopher Marlowe وبين جونسون Ben Jonson. وقد شجع بزوغ نجم شكسبير ومعاصروه على نمط طبيعي أكثر للحديث والتمثيل، وقد تمّ طرح موضوع الحكومة الجيّدة. وقد كانت شخصيات شكسبير أيضاً أكثر إنسانية من حيث النواحي الإيجابية والسلبية لشخصياتهم التي تمّ طرحها. وخلال هذا الوقت كانت المسرحيات ما تزال تعرض في الهواء الطلق، أو في بعض الأحيان تعرض في قاعة.
1. William Shakespeare is the most notorious playwright in the history of theatre.
الجمهورية والبعث (تقريباً بداية القرن السابع عشر) مساهمة فرنسا في المسرح
بدأ المسرح في فرنسا يركّز على المشاهد وتشكيل جمهور، وكانت المسرحيات تتضمّن العادات، ومشاهد الرقص والإبداع، والتي تطلبت تغيير المشهد، وهذه النواحي المسرحية تمّ التأكيد عليها أكثر من مجرّد التمثيل أو سرد قصّة.
وقد استخدمت المسارح أيضاً كمنصات، حيث يتمّ التمثيل كان يتمّ في القسم الأمامي من خشبة المسرح، وكانت الخلفية تستخدم لعرض المشهد.
وقد سمح الفرنسيون أيضاً للنساء بالتمثيل على المسارح (عندما عاد المسرح لإنجلترا في عام 1660م سمح للنساء بالظهور على خشبة المسرح أيضاً، وهذا يعتبر من المؤثرات الفرنسية).
المسرح في القرن الثامن عشر
بدأ المسرح في القرن الثامن عشر يصبح فناً شعبياً، وخلال النصف الأول من القرن الثامن عشر فقد أصبح الممثلون يأخذون شهرة ويؤدّون أدوارهم بشكل غنائيّ. وكان الممثلون يرتدون لباساً حديثاً وفق معايير الموضة السائدة، وكان هناك تنافس بين الممثلات حول من سترتدي أفخر الملابس، وكان التمثيل الإيمائي ما زال شائعاً وشجّع على تطوير المسرح التفاعليّ مع الجمهور، والكوميديا الضاحكة، والمؤثرات الخاصّة.
مسرح القرن الثامن عشر لديفيد غاريك David Garrick
يعتبر غاريك من أعظم الممثلين في بريطانيا، وكان أول من أطلق له لقب نجم. ومن عام 1741م، حتى تقاعده في عام 1776م، فقد كان غاريك ممثلاً ناجحاً ومنتجاً ومدير مسرح، وقد كتب أكثر من 20 مسرحية، وصاغ أكثر من ذلك بكثير بما فيها مسرحيات شكسبير.
وقد ركز غاريك أكثر على الشكل الطبيعيّ للحديث والتمثيل الذي يحاكي الحياة، وهذا الشكل ألهم بالحركة الواقعية، والطبيعية في المسرح.
وقد عزل غاريك الجمهور عن المنصّة وكان الممثلون الآن يمثلون ضمن ديكورهم الخاصّ ومشهدهم، وبدأت المسرحيات تكتب عن الناس العاديين، وهذا يفسر أيضاً لماذا أصبح المسرح تجارياً أكثر نظراً لأن يجب أن يصل لجمهور أوسع.
مسرح القرن التاسع عشر وتطوير الإضاءة ومنصات العرض المسرحي
إن الثورة الصناعية التي بدأت في القرن التاسع عشر قامت بإحداث تغييرات في المسرح أيضاً، حيث بدأ باستخدام مصابيح الغاز لأول مرّة في عام 1817م، في مسرح دوري لاين Drury Lane في لندن، وفي نهاية القرن بدأ استخدام الإنارة الكهربائية في المسارح وباستخدام آليات تغيير المشاهد المعقدة التي طوّرت، واستخدام الرافعات، والمصاعد، والمنصات الدوارة.
مسرح الميلودراما في القرن التاسع عشر
إن ضعف الإنارة والتطوّر في تصميم المجموعات أدّت إلى تركيز الطراز المسرحي على الحركة والعرض وليس التمثيل. وولدت عندها الميلودراما، وهي مستمدة من الدراما الموسيقية، حيث كانت تستخدم الموسيقى لتهييج المشاعر أو تعزيز دور الشخصيات، وقد كان الممثلون يؤدّون أدوارهم باستخدام الإيماء ووضعيات الجسد لعرض شخصياتهم، وقد كان يتمّ تضمين المنظومة الأخلاقية المتجسدة بالخير والشر في شخصيات شهيرة.
والعديد من التأثيرات الخاصّة كانت جزءا من العرض: الحرائق والانفجارات أو الزلازل، وكان الشكل التقليدي للمواضيع المطروحة هو وجود شرير يشكل تهديداً، حيث ينجو البطل او البطلة منه، ويتمّ الوصول للنهاية السعيدة التي يهواها الجمهور، وخلال النصف الأول من القرن كانت أجور كتّاب المسرحيات ضعيفة.
مسرح القرن التاسع عشر "عصر عظام المسرح"
في النصف الأول من القرن التاسع عشر، كان هناك ثلاثة كتّاب غيروا المسرح برمته، وقد بدأت أعمالهم تعبيراً عن الحركة "الواقعية" والتي هدفها جلب الحياة الحقيقية على خشبة المسرح، وكان الأمر كما لو أن الجمهور يشاهد من خلال حائط رابع يتلصصون على الشخصيات وهؤلاء الكتاب العظام كانوا:
- هنريك إبسن Henrik Ibsen والذي كان يكتب بالنرويجية.
- جورج برنارد شو George Bernard Shaw الذي كان يكتب بالإنجليزية.
- أنطون تشيخوف Anton Chekhov الذي كان يكتب بالروسية.
مسرح القرن التاسع عشر: الأعظم على الإطلاق The Greatest of All
لقد تمّ تشكيل الدراما الجادّة والواقعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، والتي تحدّت الممثلين في تعلُّم طرق جديدة للتمثيل. وقد كتب قسطنطين ستانيسلافسكي Konstantin Stanislavski العديد من الأعمال حول فنّ التمثيل وطريقته ما تزال تستخدم حتى اليومـ وتعتبر أفضل تدريب للممثلينـ وقد قام الممثلون التالية أسماؤهم بدراسة طرق ستانيسلافسكي: جاك نيكلسون، جيمس دين، مارلون براندو، روبرت دي نيرو، آل باتشينو، بينيتشيو ديل تورو ودوني ديب (وآخرون كثر).
مسرح القرن العشرين – المسرح الحديث
خلال القرن العشرين تغيَّر العالم للأبد (حيث حدثت حربان عالميتان والكثير من التغيُّرات الاجتماعية والسياسية) وقد استمرت الحركة الواقعية والإبداعية، وهي نمط تمثيل أكثر طبيعية في الازدهار في القرن العشرين.
والعديد من الحركات المسرحية الأخرى قد ظهرت، ومنها مسرح اللامعقول Absurd والذي خرج من رحم الحركة ما بعد الحداثية التي تعتقد أن الحياة لا معنى لها وأنه لا يوجد إله. وهذا الطراز من المسرح انتشر في أوروبا في أواخر الأربعينيات من القرن العشرين.
صدّقوا أو لا تُصدّقوا، فإن هناك الكثير من تاريخ المسرح لم يتمّ تضمينه في هذه العجالة مثل (المسرح الموسيقيّ ومسرح المضطهدين والمسرح التقدميّ ومسرح الأطفال والكباريه وفودفيل ومسرح الشارع والميم.... الخ... الخ... الخ وبالإضافة لما كان يحدث في أجزاء أخرى من العالم، وإن مهنة التمثيل والمسرح كانت تتغيّر باستمرار استجابة للجمهور، وأذواقهم، وتوجهاتهم السياسية، والاجتماعية، والحركات السائدة، والتطوّر في التكنولوجيا.
من أجمل مقولات أوسكار وايلد Oscar Wilde:
1. "أنا أعتبر المسرح أعظم الفنون قاطبة وهو الطريقة المباشرة التي يمكن فيها للإنسان مشاركة إنسان آخر مشهدا إنسانيا".
2. وبعد فقد كانت هذه اللمحة التاريخية عن المسرح العالميّ والمسرح الغربيّ الذي يحتفي بيوم المسرح العالميّ.
عسى ألّا أكون أطلتُ في موضوع يعتبر تخصصاً وعلماً بذاته يُدرَّس في أكاديميات العالم وجامعاته، ولكني أختم بالقول إن المسرح هو فنّ الزمن الجميل، ولا بدّ أن يبقى؛ ليكون مهماز دفع للبشرية للتقدّم والرقيّ الفكريّ والإنسانيّ والثقافيّ، ويعول الكثير على الحركات المسرحية الجديدة لبعث الروح من جديد في المسرح، ذلك الفنّ العريق، فنحن كلنا بانتظار عودة الروح، كما أنني أعتذر لعدم إيراد معلومات عن التجارب المسرحية العربية، وفيها الكثير ممّا يمكن التوقف عنده، ولكن هذا الموضوع يستحقّ مقالاً خاصاً به.
تأثير المسرح على الثقافة الشعبية
يؤثر المسرح بشكل عميق على الثقافة الشعبية من خلال قدرته على تناول موضوعات حيوية تعكس الواقع الاجتماعي والسياسي. يجسد المسرح تجارب الإنسان وقضاياه اليومية، مما يساعد الجمهور على التواصل مع تلك التجارب وفهمها بشكل أعمق.
تساهم العروض المسرحية في تشكيل الوعي العام، إذ تلقي الضوء على قضايا مثل الهوية، والمساواة، والعدالة، مما يحفز النقاشات ويعزز التغيير. بالإضافة إلى ذلك، يستلهم الفنانون من المسرح في أعمالهم السينمائية والتلفزيونية، مما يُغني المحتوى الثقافي ويجعله أكثر تنوعًا. بفضل هذه الديناميكية، يبقى المسرح جزءًا أساسيًا من المشهد الثقافي ويعكس تطورات المجتمع.
كيف تكتب مسرحية عن أحداث تاريخية؟
كتابة مسرحية عن أحداث تاريخية تتطلب توازنًا بين الحقائق التاريخية والإبداع الفني. تبدأ بتحديد الحدث التاريخي الرئيسي وتحديد الشخصيات البارزة فيه. ثم يأتي دور البحث المتعمق لفهم السياق الاجتماعي والسياسي والثقافي للحدث، ما يساعد على إضفاء الواقعية والتفاصيل الدقيقة.
يجب التركيز على جوانب إنسانية للشخصيات لتصبح قريبة من الجمهور، مما يُضفي بعدًا عاطفيًا على القصة. يمكن الاستفادة من الحوارات لإبراز الأفكار والصراعات، مع ترتيب المشاهد لتصاعد التوتر والدراما. في النهاية، تتيح لك المسرحية رؤية الماضي بعيون جديدة، مما يربط الجمهور بدرس أو عبرة معاصرة.
كيف يسهم فن المسرح في التعبير عن قضايا المجتمع؟
يعد فن المسرح أداة قوية للتعبير عن قضايا المجتمع من خلال قدرته على إحياء القصص والمعاناة الإنسانية بأسلوب مؤثر وملموس. يعرض المسرح مشكلات مثل الفقر، التمييز، والعدالة الاجتماعية بشكل يجعل الجمهور يشعر بتجارب الشخصيات ويتعاطف معها، مما يخلق وعيًا أعمق بهذه القضايا.
إلى جانب الترفيه، يدفع المسرح المشاهدين إلى التفكير والتساؤل حول واقعهم، ويفتح المجال للنقاش المجتمعي. يستخدم الممثلون والمخرجون الرموز والأداء لتجسيد أفكار معقدة وتوصيل رسائل هادفة، مما يجعل المسرح منصةً للتغيير الاجتماعي، تُلهم الجمهور للتفكير والعمل من أجل تحسين واقعهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.