القدرة على ضبط إيقاع النوم أو عدم القدرة على ضبطه، كيف يعرف جسدك أن وقت النوم قد حان؟ لماذا تعاني آثار اختلاف التوقيت بعد وصولك إلى منطقة بعد سفرك، إلى منطقة ذات توقيت مختلف؟ كيف تتغلب على أثر تغير التوقيت؟ لماذا يسبب لك هذا التأقلم مزيدًا من المعاناة من فرق التوقيت عندما تعود من حيث أتيت؟ لماذا يستخدم بعض الناس الميلاتونين من أجل مواجهة هذه المشكلات، (لماذا، وكيف) يبقيك فنجان قهوة صاحيًا؟ ولعل السؤال الأهم هو: كيف تعرف أنك تحصل على القسط الكافي من النوم؟
اقرأ ايضاً الميلاتونين ودواعي استخدامه وأضراره
عوامل تحديد الرغبة في النوم والاستيقاظ
هناك عاملان رئيسان يحددان متى تصير راغبًا في النوم ومتى تصير راغبًا بالاستيقاظ، وأثناء قراءتك هذه الكلمات يمارس كل من هذين العاملين تأثيرًا كبيرًا على دماغك وعلى جسدك:
العامل الأول
هو إشارة منبعثة عن الساعة الداخلية الموجودة في دماغك (ساعة تعمل وفق نظام 24 ساعة) تخلق هذه الدورة دورة أو إيقاعًا، ليليًا أو نهاريًا متكررًا يجعلك تشعر بالتعب أو باليقظة في أوقات منظمة من الليل والنهار.
العامل الثاني
فهو مادة كيميائية تتراكم في دماغك وتخلق (ضغط النوم)؛ أي الإحساس بالحاجة إلى النوم، فكلما ازداد بقاؤك مستيقظًا، كلما تراكم هذا الضغط الكيميائي الذي يطالبك بالنوم، وبالتالي فإنك تشعر بقدر أكبر من النعاس، إن التوازن بين هذين العاملين هو ما يحدد كم تكون منتبهًا أو صاحيًا خلال فترة النهار، ومتى تشعر بالتعب والاستعداد بالذهاب إلى الفراش في الليل كما يحدد (جزئيًا) مدى جودة نومك.
على الرغم من أن لدى كل كائن بشري إيقاعًا ثابتًا من أربع وعشرين ساعة، فإن نقطة الذروة ونقطة الحضيض في هذا الإيقاع مختلفتان اختلافًا مفاجئًا من شخص لآخر.
اقرأ ايضاً ما علاقة النوم بأهمية الاستيقاظ مبكراً؟
أصحاب النمط النهاري
فعند بعض الأشخاص تكون ذروة اليقظة في وقت مبكر من النهار وتكون نقطة الحضيض (أي وقت الإحساس بالنعاس) في وقت مبكر من الليل، هؤلاء هم "أصحاب النمط النهاري"، وهم يشكّلون قرابة أربعين بالمئة من البشر.
يفضل هؤلاء الناس الاستيقاظ عند الفجر تقريبًا؛ بل يسعدهم الاستيقاظ في هذا الوقت ويكون أداؤهم في حالته المثلى في هذه الفترة من النهار.
أصحاب النمط المسائي
وأما "أصحاب النمط المسائي" فهم يعادلون نحو ثلاثين بالمئة من البشر، عادة ما يفضل هؤلاء الذهاب إلى الفراش في وقت متأخر والاستيقاظ في وقت متأخر من الصباح التالي، أو حتى في بعد ظهر اليوم التالي، وتقع النسبة الباقية (أي نحو ثلاثين بالمئة من الناس) بين النمطين النهاري والليلي مع ميل بسيط في اتجاه النمط الليلي، مثلي.
قد يدعى هذان النمطان من الناس "عصافير الصباح"، و"بومات الليل"، وخلافًا لعصافير الصباح، عادة تكون بومات الليل غير قادرة على النوم في وقت مبكر مهما حاولت فعل ذلك، لا تتمكن البومات من النوم إلا في وقت متأخر من الليل.
اقرأ ايضاً "النظام الغذائي والنوم والرياضة".. عادات مهمة للحفاظ على صحة الدماغ
مركز القيادة في الدماغ
وبما أنها لا تنام حتى ذلك الوقت المتأخر، فمن الطبيعي أنها تكره الاستيقاظ في وقت مبكر، ولا يكون أداؤها جيدًا في هذا الوقت من النهار، وذلك لأن أدمغتها على الرغم من أنها "مستيقظة" تظل في حالة أقرب إلى النوم خلال ساعات الصباح الباكر، يصح هذا خاصة على منطقة من الدماغ اسمها "الفص الجبهي الأمامي" وهو واقع فوق العينين.
يمكن اعتبار هذه المنطقة مركز القيادة الرئيس في الدماغ، يتحكم الفص الجبهي الأمامي بالتفكير عالي المستوى بالمناقشة المنطقية، كما يساعدنا في ضبط مشاعرنا، وعند إرغام "بومة الليل " على الاستيقاظ في وقت مبكر كثيرًا، فإن الفص الجبهي الأمامي لديها يظل غير نشط، وهذا ما يشبه حالة محرك السيارة عند تشغيله في الصباح الباكر؛ فهو يستغرق زمنًا أطول قبل أن يبلغ درجة حرارة التشغيل الطبيعية، وبالتالي فإن عمله قبل بلوغ تلك النقطة يظل منخفض الكفاءة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.