مأساة الهجرة من ليبيا بعد احتلال الإيطاليين

بعد نهاية الجهاد ضد إيطاليا في غرب ليبيا، وتمكُّن الطليان من احتلال مصراتة، قرَّر مجموعة كبيرة من المجاهدين الليبيين الهجرة من ليبيا، والالتحاق بالدول المجاورة، وكان عدد منهم قد قرر الهجرة إلى مصر، وقد انطلقوا مغادرين منطقة (السدادة) بمصراتة في فجر يوم 22 ديسمبر 1923م، وقد انطلقوا أولًا نحو مدينة (سرت) التي لم يحتلها الطليان بعد، فاستراحوا فيها مدة قصيرة، وقد خرج كثير منهم بعائلاتهم وأسرهم وأطفالهم. 

رحلة الهجرة إلى مصر

خرج من مصراتة إلى مصر ثلة من المجاهدين من مصراتة وغيرها، منهم: الحاج علي المنقوش، والحاج علي السطا مامي، وأحمد بك السويحلي، والفيتوري السويحلي، والضابط السنوسي الضراط، وبعيو بيت المال، وعمر أبو دبوس، والتهامي بك قليصة، والشيخ الطاهر الزاوي، وأحمد المريض، والشيخ سوف وابنه عون.

الهجرة من ليبيا

وقد هاجروا لأنهم لم يجدوا سبيلًا آخر؛ لأن أكثرهم كان حُكم الإعدام ينتظره في حال بقائه في وطنه، لأن الطليان كانوا يحقدون عليهم، بسبب الهزائم التي واجهتهم خلال معارك الجهاد بقيادتهم التي استمرت أكثر من عشر سنوات، وقد وقع هذا فعلًا لبعضهم، ممن قرروا عدم الهجرة والرجوع إلى مصراتة.

فإن أحد المهاجرين المصراتيين إلى مصر، وهو مجاهد من آل (النايس)، قرَّر العودة الى مصراتة بعد وصول المهاجرين إلى سرت، فعاد راكبًا حصان أخيه المجاهد (الشيخ علي السطا)، فقبض عليه الطليان بعد يوم من رجوعه وأعدموه رحمه الله.

واصل المجاهدون مسيرهم إلى مصر، حيث خرجوا من سرت إلى (العقيلة)، ففارقهم هناك (إبراهيم السويحلي) وبعض رجاله، حيث عادوا إلى سرت لمواصلة الجهاد، وأكمل البقية طريقهم.

أما الطريق التي سلكوها إلى مصر، فمن العقيلة انطلقوا إلى جالو وجخرة، ثم القرضبة، فالجغبوب، ثم سيوة، حتى وصلوا إلى حمام مريوط، ثم إلى الفيوم، ومنها إلى الإسكندرية، حيث استقر بعضهم هناك، بعد رحلة شاقة في الصحراء الليبية، استمرت شهرًا كاملًا، سلك بهم الدليل فيها طرقًا ملتوية، حتى إنهم اضطروا لذبح الإبل التي معهم ليأكلوا لحومها، ثم اضطروا إلى أن يأكلوا (نوى البلح) الذي كان مخصصًا للإبل.

بعض صعوبات الهجرة

يحدثنا الشيخ (الطاهر الزاوي) عن بعض الصعاب التي لاقاها المهاجرون في طريقهم إلى مصر، فيقول متحدثًا عن الطريق من القرضبة الى الجغبوب: وقد كنا نبتدئ السير من بعد صلاة العصر، ونستمر في طريقنا إلى مصر، ونستمر في السير بقية النهار، والليل بطوله، وصباح الغد، إلى أن ترتفع الشمس وتشتد حرارتها، فننزل قليلًا إلى ما بعد العصر، تم نستأنف المسير.

وعلى هذا المنوال بقينا سبعة أيام، حتى وصلنا مكانًا يقال له (الطرفاوي)، وهو أول مكان فيه ماء عثرنا عليه بعد سبعة أيام، أقمنا عليه يومًا، ثم استأنفنا السفر إلى الجغبوب، وممن جمعتنا بهم الرحلة القاسية من مصراتة، أحمد بك السويحلي رئيس حكومة مصراتة، والتهامي بك قليصة، والأستاذ عمر الميساوي من الزاوية، وكنا جماعة لا تقل عن أربعمائة نفس، بين رجال ونساء وأطفال، وليس معنا ما يُؤكل ويُشرب إلا ما حملت ظهور الإبل. لكن رحمة الله أدركتنا، فصحبتنا السلامة إلى أن وصلنا الجغبوب، ثم دخلنا سيوة من البلاد المصرية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة