كنتُ أشاهد مقطعًا مرئيًّا لصانعة محتوى متخصصة في علم النفس والأسرة، وكانت تتحدث عن الزواج التقليدي، والزواج عن حب، والفرق بينهما.
وفي المقطع نفسه كانت تتحدث أيضًا عن الزواج الثاني للرجل، ومن حديثها استنبطتُ معلومة مهمة جدًا سأعرضها في هذا المقال.
قد يعجبك أيضًا زوجة أولى ولا ترفض التعدد
الزواج التقليدي
هو زواج باختيار الأهل، أسرة الشاب تنتقي له فتاة مناسبة لميولهم وتربيتهم ومعاييرهم (هم)، المعايير المعروفة التي هي الأصح من وجهة نظرهم، يعرضونها على الشاب ويحثونه على الارتباط بها، وهي فتاة مناسبة فعلًا ولا تشوبها شائبة.
وعلى الجانب الآخر أهل الفتاة يقنعونها بالموافقة لأنه عريس مناسب أيضًا حسب معاييرهم الشخصية وما يرونه هو الأصلح لها.
أكرر القول إن الطرفين ليسا سيئين، إنهما مناسبان لبعضهما بعضًا بالمعايير المعروفة لمن يبحث عن زواج عادي تقليدي، النسب الطيب والتربية السليمة، ووفقًا للرجل يضاف عليها مقدرته المادية على الزواج.
ويتم الزواج، وتتكون الأسرة التي تشبه كثيرًا من الأسر، إنها امتداد لأسرة كل من الشاب والفتاة الأصلية؛ لأنهما من البداية تزوجا بمعايير اختيار الأهل.
قد يعجبك أيضًا التعدد في الزواج ضرورة أم رغبة؟
الزواج الثاني
في بعض الأحيان بعد بضع سنوات وعلى نحو غير مسبوق، يزداد نضج الرجل في الغالب؛ لأنه الأكثر احتكاكًا بالمجتمع والعالم الخارجي، أما زوجته فعالمها تقليدي غالبًا لا يتغير، وحينئذ تبدأ اهتماماته هي الأخرى بالتغيُّر، يتبعها أفكاره وميوله وكل شيء.
ولأن بيته الأصلي مبني في الأساس على ترشيح الأهل واختيارهم، كان هو يبحث عن الاختلاف الذي قد يسوقه القدر إليه في صورة فتاة تحمل كل صفات فتاة أحلامه بنسخته المعدلة الناضجة.
إن كان رجلًا عاديًا أو غير سوي فسيكتفي بإقامة علاقة عابرة بهذه الفتاة أو حتى يتزوجها عرفيًّا.
لكن الرجل السوي الحق سيفكر في الزواج الثاني، وتكوين أسرة فعلًا، أسرة دائمة بجوار بيته الأول وليست مجرد نزوة مؤقتة، وحينئذ تنفتح بوابات الجحيم.
قد يعجبك أيضًا لا ضرر في الضرائر.. هل تعدد الأزواج بالنسبة للرجال طريق للنجاح؟
وبدأت الحرب
بعيدًا عن رفض زوجته التام لزواجه من أخرى وطلبها الطلاق في أغلب الأحوال، فإنك تجد الأهل يقاومون وبشراسة إتمام هذا الأمر.
ليس خوفًا على الزوجة الأولى ولا مراعاة لمصلحتها، إنما لأن هذا الرجل اختار بنفسه هذه المرة بعيدًا عن معاييرهم، لقد خرج عن المسار الذي رسموه له منذ سنوات عدة.
ليس هذا فحسب، بل هو ينوي الزواج من جديد من فتاة لا يعرفونها، وهي بالطبع مختلفة عن زوجته، من ثم إقامة أسرة جديدة بعيدًا عنهم وعن اختيارهم، إنه يريد مفارقة القطيع والعادات والأسلوب التقليدي في الزواج.
حينئذ تبدأ الحرب الشرسة من تأجيج للمشكلة وشحن زوجته الأولى ضده، والرجل الذي يخوض حربًا من هذا النوع سيُفاجأ بكمِّ الأقنعة التي تتساقط عن وجوه أصحابها، فيرى حقيقة البشر وكثير من أهله وهي حقيقة مفزعة.
من أبسط الأمور أن يترك الأهل الرجل وزوجته يتفاهمان معًا، إن الأمر يخصهما، ولو تُرك الأمر -أي أمر- بين الزوجين للمناقشة دون تدخل أطراف أخرى في الموضوع، فسينحل على الأرجح، لكن تدخل الأهل في أي شيء يزيده تعقيدًا.
والزوجة الثانية بطبيعة الحال يكون احتكاكها بالأهل وبالمناسبات العائلية أقل بكثير عن الزوجة الأولى؛ لأنها ستكون في البداية غير مرغوب فيها، ولأن بقاءها بعيدة بعض الشيء سيمنع كثيرًا من المشكلات؛ لكنهم لا يصمتون، ويبدأ كل منهم في الضغط على الزوجة الأولى لتصر على طلب الطلاق وهدم البيت، وكل هذا لأن الرجل يبغي مخالفة القطيع والخروج عنه للمرة الأولى.
قد يعجبك أيضًا نصائح مهمة لاختيار شريك الحياة
هل تريد مصلحتي أم تريد تنفيذ كلامك؟
هذا هو السؤال، أنت تنصحني بضراوة، فهل تريد النصيحة لمجرد النصيحة فعلًا وأنها هي الأصح؟ أم تريد أن يُسمع كلامك فقط لأن هذا ما اعتدتَ عليه؟
الفرق ضئيل، ولو عقِله كل منا لاستمع إلى الآخرين على نحو مختلف، فيوجد من ينصحك بصدق ولأن كلامه هو الصحيح، ويوجد من ينصحك لأنه يرى ذلك ولا بد من تنفيذ كلامه.
هكذا الأهل، هم لا ينظرون للموضوع من كل الزوايا، أنا لا أتحدث عن التعدد بوصفه قضية، ولكني ألمس جانبًا نفسيًّا خفيًّا لا يمكن التصريح به.
يوجد سبب آخر معروف لرفضهم الشديد، وبالذات النساء اللاتي يحرضن الزوجة على الطلاق.
قرأتُ مشكلة حقيقية لامرأة مات زوجها وتقدم إليها رجل متزوج ومناسب، لكن أخواتها البنات يرفضن باستماتة، والسبب ليس خوفًا على مصلحتها من مخاطر الزواج الثاني، ولكنهن يخشين أن يفكر أزواجهن في الزواج الثاني!
تفكير غريب لا يخلو من الأنانية وحب التملك، دون النظر لمصلحة شقيقتهن ولا عمرها الذي ستقضيه بين جدران الوحدة.
هذا هو سبب آخر قد يكون معروفًا لبعضنا، غيرة النساء حول الزوجة الأولى وخوفهن إن رضخت لزواج زوجها أن يفكر زوج كل منهن بتكرار الأمر.
هؤلاء النسوة هن أول من يتخلين عنها عند حدوث الطلاق فعلًا إن رضخت لنصائحهن وتمسكت بالرفض، حينها ستنسحب من حولها كل الأصوات ويسود الصمت، وتبدأ علامات الامتعاض والضيق من وجود أولادها الصغار وشقاوتهم وإزعاجهم الذي كان محببًا في الماضي.
قد يعجبك أيضًا الأسباب الحقيقية وراء الخيانة الزوجية
والحل في رأيك؟
أنا أؤمن أن الحب رزق، وقد قالت صانعة المحتوى نفسها التي أتيتُ على ذكرها في أول المقال إن الرجل يحب حبًّا رومانسيًا مرة واحدة فقط في حياته، ولو أني لستُ قادرة على استيعاب أن يحب الرجل امرأتين في وقت واحد، لكن بعض الناس شبهها بوجود أكثر من ابن تحبهم جميعًا، لكن يوجد من تفضله من أبنائك على نحو خاص.
وأنا أرى أن الرجل الحقيقي فقط من يتمسك بحقه، ليس ليظفر به فحسب، بل لأنها فرصته الوحيدة ليخرج عن القطيع، يقيم بيتًا ثانيًا برضا الله ورسوله أفضل حتمًا من الخيانة، وستصمت الأصوات الثائرة على إثر إصراره من تلقاء نفسها؛ لأن حجتها ضعيفة، ولأن نياتهم ليست خالصة للخير.
قد يعجبك أيضًا ظلم المرأة في المجتمعات العربية
كيف تجرؤ على مخالفة القطيع؟
إن هذا هو لسان حالهم، ولسان حال كل من يفكر مجرد التفكير في ذلك، وفي كل عائلة نجد فردًا يشذُّ عن القاعدة ويبغي رسم طريقه لنفسه، لكن العائلة ترفض وتضغط عليه بمزيد من الضغوط لئلا يترك القطيع.
الخروج عن القطيع أصلًا في أي أمر يتطلب جهدًا غير عادي، مثل الأب الذي يصر على أن يلتحق ابنه بكلية الهندسة مثلًا لأن كل العائلة مهندسون، فيصر هو على اتباع شغفه ويختار كلية يحبها، فتثور ثائرة الأب والعائلة كلها لكنه يصر، وحينما يتفوق وينجح في مجاله تصمت الأصوات كلها خجلًا من نفسها بل وقد تصفق له في فخر.
إن الأمثلة كثيرة جدًا، لكني اتخذتُ من الزواج الثاني نموذجًا لأنه نموذج معقد تتعدد أسبابه ونتائجه ودوافعه وأحداثه.
ولا أظن أن أحدهم قد فكر فيه بهذه الطريقة، وبأنه يعد مخالفة للقطيع، ربما هذا سبب ثورة زوجته الأولى أصلًا ورفضها، لكنها لا تعرف وتعزو الأمر إلى الغيرة.
المشكلة الحقيقية ليست في صورة الزواج الثاني التي شوهها الإعلام عقودًا، ولا عبارات الاستهجان وأصابع الاتهام التي تتجه نحو الزوجة الأولى على الفور أنها السبب، الأمر يحتاج موازنة وإعادة تقييم للأمور، والبعد عن الأصوات غير المنطقية التي تتبع القطيع فحسب، سواء قطيع الأهل أو قطيع الإعلام.
في النهاية إما ستنتهي حربك وأنت ظافر منتصر خرجت من القطيع وأقمت بيتًا جديدًا على سنة الله ورسوله، ولم تتنازل عن حقوقك التي كفلها لك الشرع، كان أحد الشيوخ يقول ما دمت تريد أمرًا ما والشرع يوافقك فيه فلتفعله رغمًا عن أي شخص، المهم أن تحسن الاختيار ولا يكون الأمر مجرد رغبة عابرة أو حتى رغبة خفية في مخالفة القطيع.
لو حدث ذلك ثق بأن كثيرين سيتبعونك، ليس لرغبتهم في الزواج الثاني، بل لأنهم يريدون مخالفة القطيع.
توجد دومًا بداية لكل شيء، وكل ثورة تحتاج لشرارة، وكل خروج عن القطيع يحتاج إلى من يبدأه.
وإما أن تستسلم وتزيد قيود القطيع على عنقك؛ لأنهم لن يتركوك تفعلها ثانية، ولن يسمحوا لغيرك بالتفكير في الأمر؛ لذا لا بد من إحكام قبضتهم على عنقك أكثر من ذي قبل حتى يتعظ الباقون ولا يفكر أحدهم أن يفعل مثلك.
سيجذبون الحبل إليهم بشدة وتشعر أنك مقيد في حياة ليست باختيارك كلها، إنها حياة جيدة، لكنها تتبع معايير القطيع، القطيع الذي أحكم قبضته على عنقك حتى يكاد يخنقك بقوانينه غير العادلة.
اجدتى 👍🌹
أول مرة آخد بالي من التعليق والله، ومبسوطة جدًا إنه عجبك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.