نقص الخبرة والإدراك إحدى أهم القضايا التي تشغل الآباء والأمهات لأطفال طيف التوحد، بحيث يظهر الطفل دائمًا أقل من سنه، تصرفاته، أفعاله، حتى طريقة كلامه وحواره مع الآخرين، تبدو طفولية للغاية، والسبب هو ما سنتناوله في هذه المقالة.
طفل طيف التوحد ونقص المعلومات
يفتقد طفل طيف التوحد للمعلومات التي تمكِّنه من اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب مع الأشخاص المناسبين، وهذا يرتبط بالموضوع الذي يكون النقاش حوله، سواء داخل الأسرة أو على مستوى الأقران.
على سبيل المثال، شخص يفتقد المعرفة والمعلومة الكافية في برنامج فوتوشوب أو المونتاج الخاص بتعديل الصور والفيديوهات، بالتأكيد لن يستطيع التعامل معه، أو استخدامه بطريقة احترافية في صنع المونتاج الخاص بفيديوهاته، وهكذا طفل طيف التوحد.
قد يتحدث أفراد الأسرة حول موضوع ما في حضور هذا الطفل، الذي يفتقد للمعلومات الكافية في هذا الموضوع التي تمكنه من الدخول في الحوار ومشاركة الآراء؛ لذلك يبدو منعزلًا رافضًا من الأساس المشاركة في نقاش لا يعرف عنه شيئًا. ربما هذا ما يفسر أسباب فشل العلاقات الاجتماعية وبناء الصداقات في كثير من الأحيان لطفل طيف التوحد، إذ يجهل في غالب الأحيان تفاصيل حول الموضوع المثار، لذا يرفض الحوار ويتجنب مخالطة الآخرين؛ تجنبًا للإحراج.

كثيرًا ما نلاحظ أن أطفال طيف التوحد يتصرفون بطريقة طفولية في كثير من المواقف الحياتية، فتجد على سبيل المثال، طفلًا يبلغ من العمر ثمانية أعوام، ويتصرف بطفولية وكأنه طفل يبلغ من العمر أربعة أعوام. من المعلوم أن لكل عمر أو سن تصرفات معينة، فما قد يكون مقبولًا من طفل يبلغ الرابعة من عمره.
بالطبع لا يكون مقبولًا إذا صدر من طفل يبلغ ثمانية أعوام، لسبب بسيط وهو أن طفل الثامنة مرَّ بكثير من التجارب والخبرات، التي تجعله يتصرف على نحو أكثر حكمة، مقارنة بالطفل ذي الأعوام الأربعة.
ماذا يتعين على الآباء فعله حيال طفل طيف التوحد؟
هنا تبدو أهمية الدور الذي يقوم به الوالدان تجاه طفل طيف التوحد، من حيث إمداده بالمعلومات الكافية حول كثير من الموضوعات الحياتية التي يتوقع أن يعرفها الطفل، بحيث إذا ما طُرح حوار بشأنه في حضوره، أمكنه التفاعل والمشاركة من واقع المعلومات التي لديه التي قد يكون مصدرها الأب أو الأم، فتزداد ثقته بنفسه، ويبادر إلى المشاركة في التفاعلات الاجتماعية والحوارات اليومية.
المشكلة التي يعاني منها أطفال طيف التوحد تتلخص في أنه أحادي الاتجاه، بمعنى أنه يحدد موضوعًا أو اثنين، يهتم بهما عن بقية الموضوعات الأخرى ويحب الحديث عنهما؛ لذلك تجده يعرف أدق التفاصيل عن هذين الموضوعين، وتبدو بقية الموضوعات عند الحديث عنها أمامه، غير ذات أهمية له؛ لكونها خارج اهتماماته.
لذلك مهما كبر أطفال طيف التوحد، يمكنك أن تلاحظ طفولية تصرفاتهم؛ نتيجة نقص المعلومات. وهنا يتعين على الوالدين زيادة كمية المعلومات التي يعرفها الطفل عن كل شيء حوله وفي محيطه؛ إذ كلما زادت معلوماته، زاد فهمه للحياة، وبدأ التحسن تدريجيًّا.
فضلًا على أن رغبة الوالدين بانسجام الطفل في بيته، تواجَه بحاجز يتمثل في شح المعلومات التي لدى الطفل عن هذا العالم من حوله.
مشكلة طفل طيف التوحد أنه لا يحب هذه الحياة؛ لأنه ببساطة يجهلها وليست لديه أدنى معلومة عنها، أو خبرة تمكنه من أن يتفاعل مع أفرادها.
لذلك يُنصح الآباء والأمهات تحديدًا بتحديد هدف أسبوعي لطفل طيف التوحد، يتمثل في تعريفه بموضوع ما، وإعطائه المعلومات الكافية في هذا الموضوع على مدار أيام الأسبوع، ليكون خلال شهر يكون لديه كم هائل من المعلومات عن أربعة موضوعات أساسية؛ ما يجعله مبادرًا للمشاركة في النقاشات والحوارات الأسرية ومع الأصدقاء.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات شاركونا آراءكم بالتعليقات أسفل هذه المقالة، من واقع خبراتكم وتجاربكم في أفضل الوسائل لزيادة حصيلة طفل طيف التوحد من المعلومات حول الموضوعات التي تشغل اهتمامه وحيز تفكيره.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.