نحن نختلف، ومن منطلق اختلافنا هذا يصعب علينا في الغالبية العظمى من الحالات فهم بعضنا بعضًا.
فتجد أننا في كثير من الأوقات نقع في سوء الفهم أو سوء الظن، أو قد نخلق بيننا فجوة لأننا مغرمون بقراءة الآخر وتفسير التصرفات. فلولا ذلك لما وُجدت علوم مثل علم النفس، ولا سمعنا بلغة الجسد، ولا سمعنا بشيء اسمه تحليل النفس البشرية.
ليس ذلك فحسب بل نحن أيضًا نرغب بقراءة أنفسنا، فيجعلنا ذلك نتمركز أحيانًا حول ذواتنا، فيخلق ذلك التمركز شيئًا من الظلم غير المقصود، فنحكم على الغير بنظرة دنيوية مستنقصين من عواطفهم، ضاربين بعرض الحائط خصوصياتهم وطريقتهم في التفكير.
اقرأ أيضًا: لماذا خلقنا الله مختلفين؟
لدى كل منا عقلية ونفسية وطريقة تفكير، تحكمها مبادئ وعقيدة وبيئة معينة، تجعل هذه العوامل تصرفات الغير الغريبة تبدو لنا أكثر وضوحًا وفهمًا.
عندما ننظر من بعيد إلى التعاملات نجد أن بعض التصرفات غريبة، وربما همجية أو سيئة، وربما جميلة وراقية، وأحيانًا لا نستطيع تجاهل استغرابنا الشديد من بعض التصرفات المبالغ بها، وأحيانًا لا نستطيع استيعاب بعض العقليات، ولا يمكننا تفسير التصرفات.
ونجد أنفسنا نطرح دائمًا سؤالًا: لماذا؟ باحثين عن إجابة شافية لفهم هذه العقليات؛ لذلك فإن العقليات تختلف اختلافًا كبيرًا. فأنت لا يمكنك أن تفكر وتتصرف مثل شخص آخر، ولا يمكنك إيجاد تفسير لكل تصرف ولكل موقف.
اقرأ أيضًا: سوء الظن.. هل تتوافر فيه بعض المزايا والإيجابيات؟
نفس الإنسان تميل إلى تحليل الآخر، ونحن دائمًا متطلعون لمعرفة ما يجول في خواطرنا، نحب قراءة العقول والتصفح في تفسير تصرفات البشر، ولكن ما يؤدي إلى سوء الظن والفهم وما يزيد الأمور تعقيدًا أننا نأخذ ما ظنناه وجال بأنفسنا بجدية وكأنه صحيح؛ فنظلم بعضًا أو ننكر شعور بعض آخر لمجرد أننا ظننا أن ذلك صحيح.
فعقولنا تختلف، ولكل منا طريقته الخاصة في التفكير، طريقة تحكمها مبادئ وعقيدة وبيئة ونفسية معينة. أعتقد أن الاختلاف جميل، وأن من العيب فينا أننا نرغب في فهم كل تصرف وكل عقلية. ربما ذلك مهم للبعض الذي تجبره الحياة العملية على ذلك، أما عامة الناس فأظن أن التعمق ليس بالضرورة، وربما أيضًا ليس بالشيء الجميل؛ فهو لا يتلف أحدًا مثل ما يتلفنا نحن.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.