هل يؤثر الصيام في وضوح الرؤى وكثرتها في رمضان؟

شهر رمضان الفضيل، إنه ليس مجرد شهر يضم مجموعة أيام اعتيادية كسائر الأشهر، بل هو مرحلة تحمل في طياتها ذبذبات واهتزازات نورانية عالية، ما يحدث تحولًا داخليًّا عميقًا في الأبعاد الثلاثة داخل الإنسان: النفس، والجسد، والروح.

وهنا تُغَرْبَل النفوس البشرية، فبعضنا يشعر بطاقة روحانية هائلة وصفاء داخلي، في حين يمر آخرون بمشاعر مضطربة أو حتى إرهاق غير مبرر، فما السر وراء ذلك؟ وهل يوجد بُعد خفي للصيام يتجاوز الامتناع من الطعام؟

بكل تأكيد، توجد أبعاد خفية في غاية القوة لا يدركها عدد من الناس، وسنتناولها في نقاط عدة متسلسلة حتى يتسنى للجميع التعرف عليها بمتسع من اليسر والفهم الواضح:

أولًا: أثر الصيام على تغيير ترددات الطاقة في جسد الصائم

الجسد ليس مجرد كيان مادي يقتصر على عمليات حيوية كما يعتقد بعضنا، بل هو حقل طاقي يتأثر بنظامه الغذائي وعاداته اليومية، فعندما نصوم تقل كثافة الطاقة الجسدية (المرتبطة بالطعام والهضم)، ما يسهم بدرجة كبيرة في تصعيد وتزايد الطاقة الروحية للإنسان؛ فالامتناع من الطعام مدة طويلة يُحفِّز الجسد على التخلص من السموم المادية والطاقية، ما يسمح بتدفق طاقة أكثر نقاءً عبر مسارات الطاقة التي توجَد في المجال الكهرومغناطيسي للإنسان.

مسارات الطاقة داخل جسم الإنسان

ومن ثم، تصبح الترددات الطاقية أكثر انسجامًا مع الترددات الروحية بسبب تقليل الانشغال بالاحتياجات المادية؛ لذلك الصيام يقوي "الهالة الطاقية"، ما يجعل الإنسان أكثر حساسية للطاقة من حوله، سواء الإيجابية أو السلبية.

ثانيًا: العلاقة بين الجوع والتأمل والنقاء الروحي

الصيام في جوهره يشبه عمليات عدة من التأمل الروحي مثل اليوغا، فهو يقلل المشتتات الحسية، ويساعد العقل على الدخول في حالة أعمق من الوعي والغوص نحو كهوف الذات المظلمة التي يجهلها أو يتجاهلها الإنسان عن نفسه طيلة الأشهر الماضية، فيأتي شهر رمضان بممارسة الصيام ليعطي فرصة جديدة لمحو غبار الظلام عن النفس، فتتسنى لها الإشراق من جديد.

الصيام والوعي

فأغلب الممارسات الروحية القديمة، سواء في التصوف الإسلامي أو الفلسفات الشرقية، تعد الجوع وسيلة لفتح البصيرة، وتقوية الحدس، والعثور على المواهب الروحية الفريدة، وأعتقد أن أغلبنا يعرف أن الجسد عندما يكون ممتلئًا بالطعام، يستهلك طاقة في الهضم، ما يؤثر في عملية الوعي والإدراك خلال التأمل والاتصال بعالم الروح.

ثالثًا: كثرة الرؤى والأحلام في المنام واليقظة

في الشهر الفضيل، عادةً ما يلاحظ كثيرون أن أحلامهم تصبح أكثر وضوحًا ولم تعد مشوشة وضبابية كما في السابق، فيشعر الإنسان أن أحلامه تحمل رسائل عميقة موجهة إليه نوعًا من الإرشاد الروحي، فما السبب وراء ذلك؟

في البداية، يجب أن نضع في الاعتبار أن الصيام يساعد على تصفية الذهن، ويجعل العقل الباطن أكثر نشاطًا وإدراكًا، ما يؤدي دورًا استثنائيًّا في زيادة وضوح الأحلام وقوتها. ومع ارتفاع الطاقة الروحية خلال هذا الشهر، يصبح الإنسان أكثر تقبلًا واستيعابًا للإشارات الكونية والإلهامية التي تظهر له عبر الأحلام والرؤى.

كذلك، لا ننسى أن تقليل الانشغال بالاحتياجات المادية وتخفيف الارتباط بالعادات اليومية يجعلان الروح أكثر تحررًا، ما يفتح المجال أمام أحلام تحمل طابعًا توجيهيًّا لما يحتاج إليه الإنسان في رسالته الروحية في الحياة.

أما من الناحية العلمية، فإن الصيام يؤثر في نشاط الدماغ بطرق مختلفة، إذ يقل تدفق الدم إلى الجهاز الهضمي بصورة ملحوظة، ما يسمح بزيادة النشاط في المناطق المسؤولة عن الإدراك والذاكرة، ويفتح الطريق للاتصال بالأبعاد العليا، ثم إن انخفاض مستوى السكر في الدم قد يعزز نشاط الدماغ في أثناء النوم، ما يجعل الأحلام أكثر وضوحًا ويسهل تذكرها فور الاستيقاظ.

تأثير الصيام في الأحلام

إلى جانب ذلك، فإن النوم غير المنتظم بسبب السحور وصلاة الفجر يؤدي إلى مدة نوم أعمق، ما يجعل الإنسان يتذكر أحلامه بسهولة أكبر، كل هذه العوامل تجعل رمضان شهرًا استثنائيًّا مقدسًا، ويزداد فيه ارتباط الإنسان بعالم الأحلام والرؤى، ما يفتح الباب أمام فهم أعمق لذاته ورسائل الكون من حوله.

عزيزي القارئ، شهر رمضان الكريم هو بمنزلة فرصة ذهبية استثنائية يمكنك اغتنامها للارتقاء بروحك من جديد عن طريق ممارسة الذكر والتدبر في كل شيء، بدايةً من عمق ذاتك وصولًا إلى محيطك الكوني الخارجي.

بإمكانك التدريب على التنحي والتخلي عن أي عادة سيئة لا تخدم مسارك التنموي في الحياة، بل بإمكانك خلال ممارسة الصيام إعادة هيكلة منظومة حياتك من جديد، وكسر كل تلك القيود التي قيدت ذاتك بها، والتحرر من قبضتها. ضع أهدافك وابدأ فيها بسلاسة؛ لأن طاقة هذا الشهر الروحانية ستمنحك تمكينًا هائلًا على عكس الأيام العادية المشحونة بالصخب والضوضاء من حولك.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة