لماذا ترفض الزوجة المصرية تعدد الزوجات؟ ج1

على مدار مقالين سابقين ناقشتُ أسباب رفض المجتمع المصري خاصةً لتعدد الزوجات، أو زواج الرجل بأكثر من امرأة.

واليوم أناقش الأمر من وجهة نظر الزوجة الأولى التي فوجئت برغبة زوجها في الزواج من أخرى، وهبط عليها الخبر كالصاعقة.

قد يهمك أيضًا لهذه الأسباب يحارب المجتمع فكرة الزواج الثاني للرجل ج1

هل المرأة أصلًا مؤهلة للتعدد؟

يقول الله تعالى: {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} وبناء عليه فإن كل امرأة مسلمة مؤهلة نفسيًّا للتعدد، حتى وإن لم يمكنها التكيف في البداية؛ لأنه كان شائعًا ومنتشرًا بصورة عادية وطبيعية في عصور الإسلام الأولى.

حتى في كثير من دول الخليج، تتعامل المرأة الخليجية معالتعدد بصورة عادية، بل وتنظر للأمر كله على نحو أوسع من وجهة نظر المرأة المصرية، فهي ترى أنها فرصة للاهتمام بنفسها وتجديد حياتها والخروج مع صديقاتها.

على عكس المرأة المصرية التي تزيد وضع القيود على الرجل إلى حد تكبيله ومراقبة حياته كلها حتى لا يفكر مجرد التفكير أن يفعلها.

لكن توجد امرأة تتقبل التعدد بالفطرة، وأخرى تحتاج إلى بعض الاجتهاد ومعالجة نفسها وقلبها ودرجة قربها من الله والاستعداد النفسي بعض الوقت لتتقبل الأمر.

فقد شُوهت فطرتنا كلنا بحب الدنيا والتكالب عليها، ولا شك أن الزواج من رجل مخلص متدين يتسم بصفات قلما وُجدت في هذا الزمن، لا شك أنها نعمة، ولكننا نحافظ على النعم بزيادة الحرص وأحيانًا التقييد.

مثلما تبتاع هاتفًا باهظًا فأنت تكون غاية في الحرص في التعامل معه، لكن مع البشر لا يصلح هذا الأسلوب، وسنعرف الأسباب حالًا.

قد يهمك أيضًا لهذه الأسباب يحارب المجتمع فكرة الزواج الثاني للرجل ج2

أسباب رفض الزوجة المصرية

أنتِ مقصرة وغير كافية

بمجرد طرح الفكرة من الزوج لزوجته فقط، وأنه يرغب في الزواج من امرأة أخرى، تثور ثائرتها، ويبدأ عقلها بطرح فكرة أنها مقصرة ناحية زوجها، وأنها غير كافية.

ليس هذا فحسب، بل إن مَن حولها يتهمها بالسبب نفسه، وتبدأ في البحث عن مواطن التقصير لديها، وتوجد زوجات تحاول تغيير نفسها حسبما ترى، فمنهن من تتجمل أكثر من ذي قبل، ومنهن من تهتم أكثر بإعداد الغداء وترتيب المنزل، وهكذا كل واحدة على حسب درجة استيعابها وفهمها لمعنى التقصير.

والحقيقة أن شراء المرء دجاجة على الغداء، ثم يأتي غدًا ليبتاع كيلو لحم، هذا لا يعني أنه يكره الدجاج! كلاهما بروتين، لكن فوائد كل منهما تختلف، وفي الوقت نفسه لا يمكن الاستغناء عن الدجاج أو عن اللحم نهائيًّا، حتى ولو أقل القليل منهما.

وفي أحيان كثيرة تكون الزوجة غير مقصرة، بل وزوجة مثالية فعلًا، لكن احتياجات زوجها تفوق طاقتها، سواء احتياج جسدي أو نفسي أو عاطفي، لكن هاجس التقصير يظل يراودها وهي تبحث في استماتة عن العلة.

قد يهمك أيضًا لهذا السبب يعارض الأهل فكرة الزواج الثاني للرجل

الغيرة

وهي شعور فطري لدينا جميعًا، رجال ونساء، حتى لدى الحيوانات، لكنه يتفاوت بدرجات، فتوجد غيرة مذمومة، وغيرة محمودة. ولا شك أن كل زوج يحب غيرة زوجته وهي تسأله عن فتاة تراسله مثلًا، أو امرأة كان يتحدث معها في العمل.

لكن تلك الغيرة تنقلب لمرض حينما يتطور الأمر إلى تفتيش هاتفه، ومراقبة حركاته وسكناته، بل وقراءة محادثاته الشخصية في فعل لا يخلو من التجسس وخيانة الأمانة للطرف المرسل إليه.

حينئذ تحولت الغيرة إلى غيرة مذمومة وشك وعدم ثقة. ولتجعلها قاعدة، كل فعل تفعله إذا اصطدم بالشرع فقد صار مذمومًا، فسؤالها إياك عن بعض الأشخاص شيء عادي، لكن قراءة تلك المحادثات بينك وبينهم هي الشيء غير العادي، ويندرج تحت بند التجسس بلا شك.

في حالة التعدد تشتعل تلك الغيرة بأقصى ما لديها، لتتحول إلى نيران مستعرة، وقد تنقلب إلى أفعال مثل طلب الطلاق، وهجر المنزل، وربما بعض التصرفات غير اللائقة كالشتائم، وربما الاعتداء باليد على الزوج، أو حتى الهجر في الفراش كنوع من العقاب.

وكلها أساليب ضغط ليس إلا، نابعة من عاطفة مجروحة؛ لأن العاطفة إن تنحَّت جانبًا وبدأ العقل بالسيطرة على الأمر ورؤية الصورة كاملة في وضوح فسيبدأ بالتحليل ووضع الأمور في نصابها على النحو الصحيح.

قد يهمك أيضًا لا ضرر في الضرائر.. هل تعدد الأزواج بالنسبة للرجال طريق للنجاح؟

قاعدة الأيام الثلاثة

إن النساء مجانين، وأنا امرأة وأقول هذا الكلام بثقة، وقد تتخذ إحداهن قرارًا مصيريًّا شديد الخطر بدافع من العاطفة، ثم تندم عليه بعد يومين وتجد أنها تسرَّعت، خصوصًا حين تنفذ قرارها أو حتى التلويح بتنفيذه.

توجد مقولة للمهندس أيمن عبد الرحيم تقول: "من حُسن قوامة الرجل أن يعرف أن المرأة لا تعني كل ما تقول"، وهي مقولة صحيحة تمامًا.

أنا شخصيًّا صرتُ أتبع مع نفسي قاعدة معينة للسيطرة على هذا الأمر، فأي قرار مصيري أتخذه مع الدموع مثلًا فأنا لا أنفذه على الفور، بل أنتظر ثلاثة أيام، إن ظللتُ على قراري بالإصرار نفسه فهو قرار عقلي، وحينئذ يجب تنفيذه.

أما إن تغير قراري ووجدته سخيفًا -وغالبًا ما يحدث ذلك بعد يوم واحد- فأنا لا أنفذ شيئًا، وأعده كأن لم يكن، خاصة وقد اتخذته وأنا أبكي مثلًا، أو تحت تأثير انفعال عاطفي معين.

كلنا نتذكر الفيلم الشهير (الشقة من حق الزوجة) حين قررت كريمة -معالي زايد- تنفيذ كلام أمها وطلب الطلاق من سمير -محمود عبد العزيز- لسبب تافه، وما إن فعل تحت إصرارها حتى بدأ الجميع يلومه على التنفيذ، وأنا أراقب المشهد ذاهلة عاجزة عن فهم هذا التصرف مع أنني امرأة، لكن طلب الطلاق أمر كبير وخطير لا يُتخذ إلا لسبب قوي فعلًا مثل أن يكون الزوج مدمنًا، أو يضرب زوجته أو يهينها أو حتى تكرهه.

لكن على العكس تجد أن الزوجة التي زوجها يضربها فعلًا ويوسعها باللكمات والركلات يوميًّا تقريبًا، نجدها لا تطلب الطلاق، وحين ينصحها أقرباؤها بالطلاق -وهي في أمسِّ الحاجة إليه في حالتنا هذه- تهتف أنها ستحتمل بسبب الأولاد!

ولماذا لا تظهر هذه النظرية لدى رغبة الزوج في زواجه من أخرى، خاصة إن كان زوجًا مثاليًّا لا تشوبه شائبة؟ أين الصبر والاحتمال من أجل الأولاد؟

لماذا يمكنكِ احتمال ضربه وإهانته لكِ بطريقة مذرية ولا يمكنكِ احتمال زواجه بأخرى؟ لماذا عدم التفكير في الأولاد؟

والجواب لأن العاطفة هي من تتحدث وليس العقل، ودائمًا أقول إن درجة نضج الإنسان تتناسب طرديًّا مع مدى تحكمه في عاطفته وقت اللزوم، فلا يسمح لنفسه باتخاذ قرارات وقت الغضب مثلًا، وهو أمر يأتي بالتدريب، بالذات لدى النساء، كما في قاعدة الثلاثة أيام.

قد يهمك أيضًا خاطرة "التعدد من وجهة نظر ذكورية".. خواطر اجتماعية

هل يمكن السيطرة على الغيرة؟

أي شعور سلبي يمكن السيطرة عليه، وما دام سواك قد تمكن من السيطرة عليه فيما سبق فأنت تستطيع، الغيرة أصلًا بصفة عامة شعور غير محمود، ليس في حالتنا هذه فحسب، بل في كل وقت؛ لأنها قد تتطور إلى حسد وحقد، وربما أكثر.

المهم ألا تتطور إلى أفعال تُغضب الله تعالى، طالما أنها مجرد شعور فيمكن التحكم فيه كأي شعور سلبي، فأنت تغار من زميلك في العمل لأنه أفضل منك مثلًا، لكنه يظل شعورًا تجاهد نفسك للسيطرة عليه، وأنتِ تغارين من شقيقتكِ لأنها أجمل منكِ وهكذا.

الغيرة من طبائع النساء، ليس على الزوج فقط، بل من بعضهن بعضًا، والموجود في الأوساط النسائية بكثرة يدرك جيدًا ما أقوله، لكن ما دمنا نجاهد أنفسنا لكبح جماح هذا الشعور فنحن ما زلنا بخير.

لا أنكر شعور الغيرة في حالتنا هذه، وأنه يكون قويًّا كالبركان الملتهب، لكن توجد امرأة تكتفي بالبكاء والانعزال في غرفتها، وأخرى تقوم بأفعال غير لائقة ذكرتها سابقًا، قد تتطور في بعض الأحيان إلى السحر والأعمال السفلية.

حتى لو قامت بتلك الأفعال في البداية من شدة الغيرة فإنها لا تستمر فيها، لا بد أن تسيطر على نفسها فيما بعد، فالبداية تكون ملتهبة ثم تهدأ ويبدأ العقل في الاستيعاب، لكن أن تستمر الزوجة بالكلام القبيح أو الاعتداء الجسدي أو أي أمر آخر، أو حتى التسبب في أي أذى لزوجته المستقبلية المرتقبة بالكلام أو بالفعل، هنا لا بد للرجل من وقفة.

في الأحوال الطبيعية يهدأ بركان الغيرة بعد مدة من الوقت بكلمات مطمئنة مستمرة من الزوج، هذا إن ظل الأمر بين الزوجين لم يتخطاهما، في كثير من الأحيان تتمدد المشكلة وتتسع لتشمل أهل الزوج والزوجة، فتنتشر رقعة النيران ويصير من الصعب السيطرة عليها وإخمادها.

قد يهمك أيضًا نصائح مهمة لاختيار شريك الحياة

عدم استيعاب الفكرة

وهي عدم استيعاب فكرة أنني كافية لكن زوجي سيتزوج بأخرى، فكيف يمكنه الجمع بين امرأتين في قلب واحد؟

الواقع أن تركيب الرجل النفسي يختلف عن تركيب المرأة، فهو مهيأ نفسيًّا تمامًا للجمع بين زوجتين، بعكس المرأة التي حينما يدخل أحدهم قلبها فإنها تغلقه عليه ولا يمكنها أن تحب سواه.

ولهذا لا يمكنها استيعاب أن الرجل مختلف فعلًا، وحل هذا الأمر بسيط، وهو القراءة أكثر في الكتب التي تتحدث عن طبيعة الرجل وتكوينه، ومتابعة أشخاص تتحدث عن الأمر من ناحية علمية على وسائل التواصل، وسأطرح بضعة أسماء: ريهام حلمي، وسماح عبد الفتاح، وكتاب (كتالوج سي السيد) للكاتب إيهاب معوض.

إن الإنسان يمكنه تغيير فكره وقناعاته خاصة حين تكون أفكار يؤيدها الشرع، فأية أفكار يعترض عليها الشرع فلا مجال للتفكير فيها أو مناقشتها، فالشرع هو القالب الثابت الذي يجب أن نعمل على تغيير أنفسنا لنناسبه لا تغييره هو نفسه.

قد يتقبل الإنسان فكرة معينة ويوقن صحتها، لكن عقله أو قلبه يرفضها، هنا عليه العمل على نفسه أكثر، والبحث وزيادة الاجتهاد بكل وسيلة لتقبل الفكرة ولو عقليًّا في الأقل.

وفي أمر التعدد فإن قلب المرأة سيظل رافضًا للفكرة معترضًا عليها، حتى لو اقتنعت تمام الاقتناع، لكن فطرتها الأنثوية ستتألم، وهذا يقودنا إلى السبب التالي والأكثر أهمية الذي سنتعرف عليه في الجزء الثاني.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة