للشعر العربي فنون أيضًا.. ماذا تعرف عن فن الموشحات؟

الموشح فن من فنون الشعر العربي يمتاز بجماله الفني، وصوره الشعرية، وتعقيده في صناعة الشعر، وكثرة قوافيه وأدواره، وأوزانه الكثيرة، وتواؤم الموسيقى والغناء.وأول التواشيح هو المنسوب إلى أولاد النجار عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة فاستقبلوه والجواري ينشدن:

أشرقت أنوار محمد     واختفت منه البدور

يا محمد يا محمد       أنت نور فوق نور 

وقد جدد الشعراء العباسيون في القصيدة العربية تخلصًا من قيود القافية. ولكي يلائم الشعر الغناء، فاخترعوا المسمط والمخمس والمزدوج والدوبيت والمواليا والسلسلة والمخمسات.

والسبب الأول في اختراع الموشحات هو الغناء؛ لأن أوزانها أحفل بالغناء والتلحين، الذي كان ضروريًّا عند شعراء الأندلس من أوزان الشعر، واتخذ في أول الأمر أداة للهو والمجون.

وتنسب لابن المعتز (247-296هـ) أول موشحة من الموشحات الفنية المعروفة.

ابن خلدون ورأيه في الموشحات

يقول المؤرخ ابن خلدون: "أما أهل الأندلس، فلما كثر الشعر في ديارهم وتهذبت مناحيه وفنونه، وبلغ التنميق فيه الغاية، استحدث المتأخرون منهم فنًّا منه، سموه بالموشح، ينظمونه أسماطًا أسماطًا، وأغصانًا أغصانًا، يكثرون منها ومن أعاريضها المختلفة".

شعراء الموشحات في الأندلس

إن أول من ثار على الأوزان القديمة وابتدع الموشحات هو مقدم بن معافر الفريري من شعراء الأمير عبد الله بن محمد المرواني في القرن الثالث الهجري، وعنه أخذ ابن عبد ربه صاحب العقد الفريد المتوفى عام 328هـ، وعن هذين أخذ الناس، ثم سال سيل الموشحات في المغرب والمشرق فبرع بعدهما عباقرة الوشاحين في الأندلس، وفي مقدمتهم: عبادة القزاز، شاعر المعتصم بن صمادح صاحب المرية من ملوك الطوائف، وجاء بعده "ابن رافع رأسه" شاعر المأمون بن ذي النون صاحب طليطلة، ثم جاءت الحلبة التي كانت في زمن الملثمين وعلى رأسها فارسها الأعمى التطيلي.

وبعد هذه الطبقة طبقات جاءت بالغرائب، ومنهم: ابن سهل الإشبيلي، وأبو حيان النحوي، ولسان الدين بن الخطيب، وابن زمرك.

الفن الشعري للموشحة

ذكر ابن سناء الملك في كتابه "دار الطراز" مناهج فنية عدة في نظم الموشحات: وترتيب أبياتها، وينقسم الموشح حسب جزأيه إلى:

• تام: ما تألف من ستة أقفال وخمسة أبيات وابتدئ فيه بالأقفال.
• أقرع: ما تركب من خمسة أقفال، وخمسة أبيات، وابتدئ فيه بالأبيت.

فمثال الأول قول ابن التلمساني:

    قمر يجلو دجى الغلس                         بهر الأبصار مذ ظهرا

    آمن من شينة الكلف     عذت من حبيبه بالكلف

   لم يزل يسعى إلى تلفى   بركاب الدل والصلف

فالقفل "قمر.. إلخ"، والبيت من "آمن" إلى "الصلف"، والموشح تام لأنه مبتدئ بالقفل.

ومثال الثاني:

سطوة الحبيب          أحلى من جنى النحل

وعلى الكئيب         أن يخضع للذل

أنا في حروب        مع الحدق النجل