كيف تكتب الشعر؟ هل الشعر موهبة فقط أم توجد عوامل أخرى؟
عادةً عندما نتحدَّث عن الشعر، يخطر في بالنا صورة العاشق «الهائم» الذي يتغزَّل بحبيبته، أو بالطبيعة والأزهار والربيع والقمر البدر البديع، حين يعبِّر عن مشاعره بطريقة عاطفية ببعض الجمل الجميلة مع موسيقى في الخلفية.
لكنَّ تلك الصورة النمطيَّة تتناسى أنَّ الشعرَ فنٌّ، وأنَّه يتطلبُ عملًا جديًّا -إلى جانب الموهبة- ليكون شعرًا حقًّا.
قد يهمك أيضًا البارودي ( 1838 – 1904 ) رائد الشعر في الأدب الحديث
أساسيات كتابة الشعر
الجانب الذي يغفله النَّاس: هو أنَّ الشعر فنٌّ مثل كلِّ الفنون، يتطلَّب التعلُّم والقراءة والتدرُّب على مختلف جوانبه. فكِّروا فيه كأنَّه تعلُّم العزف على آلة موسيقيَّة، وستتضح فكرتي تمامًا، فهو كذلك فعلًا.
حسنًا.. إذا كنتَ تجدُ في نفسك الموهبة لقول الشعر، والحبَّ لهذا الفنِّ، والاستعداد النفسي له، وأنَّ قلبكَ يرفُّ له ويقبله ويفرح به.. فقد اجتزت الخطوة الأولى، فكلُّ المقال يتحدث عن الخطوات التي تأتي بعدها.
القراءة والحفظ
في البداية -ولأنَّ الشِّعر فنٌّ ككلِّ الفنون- فأنت تحتاج إلى القراءة والحفظ بكثرة والتأمُّل والتبصُّر فيما تقرأ، مهما كان نوع الشعر الذي تريد أن تكتب فيه (عاموديًّا كان أو شعر التَّفعيلة أو قصيدة النثر).
اقرأ بكثرة وأعد القراءة واستمتع بما تقرأ وردِّده بينك وبين نفسك أو بين الناس، فكِّر فيما تقرأ وحلِّلْه. وهذه الخطوة خطوة دائمة ستنفِّذها طيلة مسيرتك الفنيَّة.
القراءة... تعطيك الأفكار والإلهام (طبعًا ليس كلُّ ما تقرؤه يفعل ذلك؛ فهنالك شعرٌ سيِّئ) وتغذي موهبتك كما يغذي الماء الشجرة، فكِّر في هذه المسألة هكذا؛ أنت تحتاج الغذاء دائمًا، موهبتك كذلك، وغذاؤها القراءة.
قد يهمك أيضًا كيف يمكنك كتابة قصيدة رائعة؟
لا تنتظر الإلهام.. وتدرَّب على قول الشِّعر
القراءة والحفظ وكلُّ ذلك جميل، نعم لكنَّ الموهبة لن تتجرأ على أن يعلو صوتها بقوة وتكسر الصمت الذي يقف في وجه تعبيرها عن مشاعرك وتجاربك إذا أنت لم تدرِّب عضلاتها جيِّدًا.
إذا انتظرت الإلهام، وجاءك فعلًا، وأنت لم تحصل على تدريبٍ كافٍ، ستجد نفسك ضعيفًا عن التعبير عمَّا سكبته لحظة الإلهام في قلبك.
لكن عندما تتدرب على قول الشعر (ببساطة، اختر أيَّ فكرة وعبِّر عنها حتى لو وجدتها غير مناسبة أو بسيطة أو حتى غير جديرة بالتعبير عنها) فإنَّك سوف تعبِّر تمامًا عمَّا تريد بالطريقة التي تريد، وستشعر بالرضا عمَّا قلته.
لأنك ستُخرج فعلًا كلَّ ما كان في بالك بكفاءة وجدارة وكفاية، ولم تعجز عن قول كلِّ ما تشعر به، فالعجز أو الحبسة التي تشعر بها بين ما تريد قوله وبين الطريقة التي تعبِّر بها عنه سببها عدم التدرُّب، وهذا يحبس المعاني في قلبك ولا يسمح لك بإخراجها.
قد يهمك أيضًا شعر ابن خلدون أين اختفى؟ وآراء شوقي وطه حسين
تمرينات التدرب الشعري
والتمرينات التي تساعدنا في التدرُّب الشعري:
· اقرأ قصيدةً تحبُّها ثمَّ ضع مكان كلِّ كلمة فيها كلمة من عندك تعطي المعنى نفسه، أو بدِّل كلَّ جملة بجملة من عندك تعطي المعنى نفسه.
· التمرين الثاني يشبهه: هنا فقط عليك أن تبدِّل القافية.
· التمرين الثالث: بدِّل وزن القصيدة واحتفظ بالقافية، أو بدِّل الجمل ببساطة واحتفظ بالقافية.
· بدِّل الوزن والقافية معًا.
كما قلنا سابقًا: ببساطة اختلق فكرة وعبِّر عنها.
قد تلاحظ أنَّ هذه التمرينات مشتقَّة من التمرين الأوَّل. لكن طبعًا جميعها مهمة لتنويع تدريبنا وكسر الملل في أثناء التدرُّب.
لا يوجد جدول محدَّد للتدرُّب، لكن يفضَّل أن تنظِّم وقتك وتحدِّد عدد جلسات معين في الأسبوع لتتقدَّم بشكل ثابت إلى أن ترى تحسُّنًا واضحًا، قد تفضِّل مثلًا أن تتدرَّب عشرين دقيقة في الجلسة الواحدة كلَّ يوم جلستان حتَّى تبلغ عشرين ساعة تدريب (وهو رقم ينصح به جورج كاوفمان في كتابه: العشرون ساعة الأولى. للوصول إلى مستوى أداء مناسب أو إلى الكفاية في تعلُّم المهارة والتدرُّب عليها).
بالتوفيق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.