يولد الإنسان مقبوض اليدين، وحين يموت تنبسط يداه، وكأن حياة كل امرئ منا هي الفترة بين قبض اليد وبسطها، فتخيّل مدى قصر المدة، فهل يعقل أن نتركها تنقضي دون أية بصمة فيها، تخيّل معي كم عدد البشر الذين عاشوا في هذه الحياة دون أن يسمع بهم أحد، دون أن يصنعوا شيئًا يذكرون به بعد وفاتهم، وبالمقابل لا أظنك جاهلًا بالذين وضعوا للتاريخ مساره، ونقشوا أسماءهم بالذهب على سجله، ولا تحسبن أني أتحدث بلسان غربي، لعلّ الكثيرين يراودهم أن العظماء هم الغربيون فقط، بل في أمتنا الكثير منهم، لكن هذا لا يجعلنا نزيل أسماءهم من التاريخ، ونخلع عنهم وسام العبقرية والشرف، لا يمكن أن ننسى أديسون الذي أهدى للعالم المصباح الكهربائي، ولا يمكننا تجاهل جان بر يسبر الذي منح البشرية اختراعًا عظيمًا هو الكومبيوتر الإلكتروني، وأمثلة ذلك كثير.
لكن لنقف وقفة تأمل، ألم نكن السباقين للابتكار والاختراع؟ ألم يخترع عليّ ابن إبراهيم الإسطرلاب لمعرفة الوقت به، ومن منا لا لم يسمع برائد علم الكيمياء جابر ابن الحيان، وتاريخنا يفخر بهما وبأمثالهما.
إذن فالمعادلة متوازنة؛ فإن كان عظماؤنا قدّموا لنا هذه الابتكارات فنحن قادرون على أن نكون مثلهم، وتكون لحياتنا بصمة براقة كبصماتهم.
تأمّل معي رواق المجد هذه صورة للطبيب الرئيس ابن سينا، وإلى جانبها صورة فيلسوف العرب الكندي، وتلك صورة الفاروق عمر بن الخطاب، وتقابلها صورة حمزة بن عبد المطلب أسد الله رضي الله عنهما، صحيح أنها الصور الأخيرتين كتابية عن تاريخ البطلين في سبيل الإسلام، لكنها ستبقى صور مشرقة في تاريخ الإسلام.
والآن ارم ببصرك إلى ذلك الركن هناك في آخر الرواق هناك إطار دون صورة، ألا تريد أن تكون صاحبه؟ ألا تريد أن تنضم لرواق العظماء؟
حسّن أظنك ترغب في ذلك، إذا صمم الآن واتخذ قرارًا حاسمًا وارسم معالم المستقبل، واصنع بصمة لحياتك، بصمة تخدم الإسلام، بصمة مشرقة ترسم بسمة للأجيال القادمة ولننطلق بخطى ثابتة إلى الأمام متوكلين على الله وباسمه نبدأ مسيرتنا.
"المقال الفائز بالمرتبة الثانية في فرع المقال في مسابقة نادي القلم 2009م بقناة فور شباب الفضائية".
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.