سأخمد نيران شوقي لمضمار سباقٍ يتسابق فيه الود والعطاءُ..
ففي باطني سائلٌ يسيل ببطء وكلّي دم حامٍ لوطني..
لكني الآن راضخٌ فلقد بات ممكنًا انتظار آخر صراع يمر على جثث أرواح أُنهكت بلا رحمة..
مدت أياديها لاجئة إلينا لنمسك أيديهم عاصرين إياها..
هارعين إلى ناحية ظُلمٍ أصبح يُضخ في قلوبنا..
مُفضلين أن نكون كلابًا أوفياء على أن نكون مكروهين مناضلين.
لوهلة جَفُلَت عيناي حين لمحت شظايا قنابِلِكم..
وسمعتُ حسيسكم لأشعر أنكم ستكلمونني وتعذبونني..
فانهارت كل ذرة في كياني..
أمسكتُ سلاحي وناجيتُ بصوتي: هل تحجرت مشاعركم في غلبانِ؟
جفّ حلقي من كثرة انسياب دموعي..
من كثرة قَمعِ ظلماتٍ انتظرت حتى بزوغ الفجر لحرقي..
من كثرة عويلي حُرقة مهجَةٍ في كل شروقٍ رأت غروبي..
فبتُّ أهمسُ لأذني لكيلا أستنجد من صراخ قلبي الذي يحمل في جوفه جريان الدم ببطء رافضًا الحراك..
يتخثر شيئاً فشيئاً ..
حتى أتى يومٌ افتقد سمكم اللّدغ ثم اجتاحهم في غمضةِ جفنِ شعوب ظمئت للحرية لإزهاق روح تماطل السواد في تعذيبهم..
لِيُمَتِّع ناظريه بسفك دماءٍ تكره الأرض امتصاصها..
ويجري السائل على الأديم يرفض شربَه مفضلًا أن يُحدِثَ فجوةً به على أن يدخل ضحايا سمكم أعماقه..
ثم يمقتون ابتسامتي، ويهرب شعري..
تجحظ عيناي، وتسوَّد أوردتي ذلك بسبب أسلحتكم الفتاكة التي تجرد الإنسان من نضارته التي جردتني من طفولتي..
وجردتهم من براءتهم حين ماتت أمهم استشهادًا..
ثم هبت في دماغي شمعة أضاءت السبيل لرفع راية النجاة ولو أدى ذلك للمجازفة بحياتي.
أريد دفع روحي مقابل وطني المجيد..
وها أنا بي أفتح الستارة الحاجب عن ظلمات الليالي غير آبهة البتة بما قد اكفهرّ وأصاب جسدي الهزيل سُمًا من أحد سيوفكم..
أخذتُ الصعداء بصدمة..
هل بهذه السرعة يتعطشون للقذف بسمهم؟
أم أنني برؤيتي ما خلف ستارهم استشاطوا نارًا فأحرقت سلاسل عقابهم، وفتكت أياديهم..
ولشهوةِ عطشهم تعطشوا بِروِيِ أنفسهم بدمائي، نسفوا لحمي، ووصلوا إلى لُبّي لتصيبني الغصة حين غاصت أسنانهم في قلبي الذي لا يزال ينبض حبًا لوطني؟
لا يزال ينبض حبًا..
لا يزال ينبض.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.