لا للضرب.. تعرَّف على أسلوب العقاب بالزجر وفوائده التربوية

نواصل سلسلة مقالاتنا عن الوسائل البديلة لعقاب الطفل، بعيدًا عن الضرب والإهانة البدنية، في محاولة لتوجيه وإرشاد أولياء الأمور حول أساليب أكثر فاعلية في تقويم سلوكيات الأطفال الخاطئة، وفي الوقت نفسه تحافظ على العلاقة السوية بين الآباء والأمهات من جانب وأطفالهم من جانب آخر.

في هذه المقالة سوف نتناول أسلوب التهديد بالزجر ورفع الصوت، بوصفه أحد الأساليب الفعالة والآمنة للعقاب البدني في التعامل مع الأطفال.

اقرأ أيضًا فن عقاب الأطفال الإيجابي وأمثلة على المبالغة في العقاب

أسلوب التهديد بالزجر

بتطبيق هذا الأسلوب الذي سوف نتعرف عليه في السطور التالية، يمكن للوالدين تعليم أطفالهما الحدود الصحيحة للسلوك دون الإضرار بصحتهم النفسية أو الجسدية.

صحيح أن العقاب الجسدي -الضرب- قد يظهر نتائج سريعة، لكنه يحمل مخاطر كبيرة، أكدتها نتائج الدراسات والبحوث التربوية.

فهو لا يضر فقط بالعلاقة بين الوالدين والطفل، بل يترك آثارًا نفسية سلبية قد تستمر مدى الحياة، في حين الزجر ورفع الصوت يوفران فرصة لتعديل سلوك الطفل على نحو أكثر احترامًا وتوازنًا.

اقرأ أيضًا تعرف على أفضل طريقة لتأديب الطفل

ماذا يعني العقاب بالزجر؟

هو أسلوب تربوي يعتمد على استخدام الكلمات أو الإشارات الصوتية بحزم لتحذير الطفل من سلوك غير مرغوب فيه أو تصرف خاطئ.

ما يعني أن الزجر في هذا السياق بهدف توجيه تحذير أو لوم بصوت مرتفع أو بأسلوب صارم، لكنه لا يتضمن أي نوع من العقاب البدني أو الإيذاء الجسدي، وهذه نقطة غاية في الأهمية، ألَّا يقترن العقاب بالزجر بالإيذاء البدني للطفل.

اقرأ أيضًا النظرة الغاضبة.. هل تكفي لعقاب الأطفال على تصرفاتهم الخاطئة؟

السؤال: متى نلجأ إلى العقاب بالزجر؟

تحدثنا في مقالة سابقة، عن العقاب بالنظرة الغاضبة، بوصفها خطوة أولى، فإن لم تؤت ثمارها، نلجأ إلى الخطوة التي تليها، ألا وهي العقاب بالزجر أو الصوت المرتفع الذي عادةً ما يتم اللجوء إليه عندما يتصرف الطفل على نحو غير مقبول.

عليك أن تتذكر دائمًا أن الهدف من الزجر هو لفت انتباه الطفل وتوضيح أن سلوكه يجب أن يتغير دون إيذائه جسديًّا أو نفسيًّا.

على الرغم من أن الزجر قد يتضمن رفع الصوت في بعض الأحيان، لكنه يُعد أقل قسوة مقارنة بالضرب أو العقوبات البدنية الأخرى.

على سبيل المثال، إذا كانالطفل يعبث بأشياء قد تضر به أو بالآخرين، قد يقول الوالدان شيئًا مثل: "لا تلمس هذا! إنه خطر عليك!" أو "هذا السلوك غير مقبول، يجب أن تتوقف فورًا!".

إذا كان طفلك يتجاهل واجباته المدرسية أو يتأخر في إنجاز المهام المطلوبة منه بعد تكرار الطلب بتأديتها وعدم تأجيلها، يمكن توجيه الزجر: "عليك أن تنجز مهامك قبل اللعب، لا تؤجل كتابة واجباتك".

اقرأ أيضًا هل الضرب وسيلة تربوية لعقاب الطفل؟

فوائد الزجر

لأسلوب العقاب بالزجر فوائد عدة، نذكر منها أنه يساعد في جذب انتباه الطفل بسرعة، خاصة إذا كان الطفل في حالة من التشتت أو لم يدرك خطورة ما يقوم به.

الزجر أسلوب تربوي لا يُشعر الطفل بالإهانة أو الرفض ممن حوله، ويتيح للطفل فرصة للتراجع عن سلوكه دون شعوره بالإهانة أو الخوف.

مقارنة بالعقاب البدني، فإن أسلوب العقاب بالزجر أقل احتمالًا للتسبب في أضرار نفسية أو جسدية للطفل.

لكن ما يجب على الوالدين أخذه في الاعتبار عند استخدام هذا الأسلوب، أن يكون الزجر متوازنًا ومناسبًا للعمر والحالة.

لأن الإفراط في استخدامه قد يؤدي إلى تأثيرات سلبية مثل زيادة التوتر أو القلق عند الطفل، أما استخدامه باعتدال فقد يعزز الوعي ويعلم الطفل احترام الحدود.

يظل البحث عن أساليب فعالة لتنظيم سلوك الطفل والحفاظ على توازنه النفسي والعاطفي أمرًا محوريًّا في العملية التربوية يجب أن يشغل بال الآباء والأمهات والتربويين.

اقرأ أيضًا كيف أتعامل مع فرط الحركة لدى الطفل؟

العقاب البدني والعقاب بالزجر

من الضروري ونحن بصدد الحديث عن العقاب بالزجر والصوت المرتفع وبعد الوقوف على مفهومه، أن نسلط الضوء على الفوارق الجوهرية بينه وبين أسلوب العقاب البدني.

يرتبط العقاب البدني أساسًا بتوجيه الألم الجسدي إلى الطفل، سواء بالضرب أو أي أسلوب آخر يعتمد على إيذاء الجسم.

وعلى الرغم من أن هذا النوع من العقاب قد يظهر تأثيرًا مؤقتًا في ضبط سلوك الطفل، لكنه غالبًا ما يؤدي إلى نتائج عكسية.

لأن الطفل هنا يشعر بالمهانة والخوف؛ ما يؤدي إلى تدهور ثقته بنفسه وضعف شخصيته وتدهور علاقته بوالديه.

فضلًا على ذلك، قد يظهر الطفل سلوكًا عدوانيًّا تجاه الآخرين، فيتخذ من هذا السلوك وسيلة لتوجيه العنف أو التحكم في الآخرين، مثلما يستخدمها الوالدان معه عند صدور تصرف غير مقبول منه.

في حين أن العقاب بالزجر ورفع الصوت، يعتمدان على تنبيه الطفل إلى خطئه دون إيذائه جسديًّا.

ورغم أن هذا الأسلوب قد يبدو في بعض الأحيان قاسيًا، لكنه لا ينطوي على آثار نفسية مدمرة كالتي يحدثها العقاب البدني، وذلك حال الإفراط في استخدامه أو استخدامه على نحو غير مدروس.

لذلك فرفع الصوت يمكن أن يكون وسيلة فعالة لإيصال رسالة واضحة للطفل بأن سلوكه غير مقبول، لكنه يجب أن يُستخدم على نحو مدروس دون إفراط، حتى لا يشعر الطفل بالتهديد أو الانزعاج الزائد.

بالزجر ورفع الصوت، يُمكن للطفل أن يستوعب بسرعة أن سلوكه غير مقبول. يتمكن الطفل من ربط تصرفاته بعواقب سلبية واضحة؛ ما يعزز وعيه بالحدود التي يجب أن يحترمها.

وفي الوقت نفسه، يمنح هذا الأسلوب الطفل الفرصة لتحسين سلوكه دون حاجة إلى الخوف من الألم الجسدي.

إذا كان الضرب يترك مشاعر من الألم والخوف في نفس الطفل، فإن الزجر ورفع الصوت يُعدان أقل حدة على المستوى العاطفي. فالزجر يزيد مستوى الانتباه للخطأ دون أن يشعر الطفل بالتحقير أو العجز.

الآباء والأمهات الذين يستخدمون هذه الطريقة في العقاب على نحو مدروس ومنضبط دون إفراط يبنون جسورًا من التواصل الفعال مع أطفالهم، وعلاقة تقوم على الثقة والاحترام المتبادل هي الأساس في التربية الفعالة.

هذا من شأنه أن يُسهم في تعزيز العلاقة بينهما وبين الطفل، لأنه يعلم الطفل أن الهدف من العقاب ليس إلحاق الأذى به، بل تعديل سلوكه؛ فهذا يعزز شعور الطفل بالأمان والاطمئنان، ويزيد احتمالية استجابته الإيجابية في المستقبل.

ومن بين الفوائد المتعددة كذلك لهذا الأسلوب التربوي في عقاب الطفل، أنه بالتفاعل مع الزجر ورفع الصوت، يتعلم الطفل كيفية التواصل على نحو أكثر فاعلية.

فهو يتعلم كيف يراقب ردود الأفعال ويتفاعل مع الوضع بطريقة أفضل؛ ما يساعده في فهم العواقب المترتبة على تصرفاته.

هذا النوع من التعلم لا يقتصر على السلوكيات السلبية فقط، بل يساعد في تشكيل شخصية الطفل عمومًا.

اقرأ أيضًا تعرف إلى أهم أساليب العقاب وشروط ضرب الطفل

قبل الزجر!

توجد مجموعة من الملاحظات المهمة التي يجب على الوالدين أخذها في الاعتبار قبل استخدام الزجر أو رفع الصوت، إذ يتعين على الوالدين تحديد السلوكيات التي لا يمكن قبولها بوضوح.

على سبيل المثال، إذا كان الطفل يصرخ أو يضرب الآخرين، يجب أن يعلم أن هذا السلوك غير مقبول. من المهم أن تكون الرسالة واضحة ومباشرة: "لا يمكن القبول بأن تضرب أخاك".

الأمر الثاني رفع الصوت يجب أن يكون مناسبًا للحالة، ويقتصر على التأكيد على خطورة السلوك.

يجب أن يكون الصوت حازمًا لكن غير مؤذٍ. من المهم تجنب الصراخ المفرط أو الصوت الذي يحمل تهديدًا، حيث قد يتسبب ذلك في توتر الطفل وتهديد علاقته بالوالدين.

في بعض الأحيان، يكون الصمت أو الحديث الهادئ أكثر فاعلية في معالجة السلوكيات الخاطئة، لذلك يجب أن يُستخدم الزجر أو رفع الصوت فقط في الحالات التي تتطلب التدخل الفوري.

اقرأ أيضًا الطفل العدواني.. احذروا الخمس المهلكات!

كافئ طفلك

أيًّا كانت طريقة أو أسلوب العقاب الذي تتبعه مع طفلك، توجد قواعد ثابتة لا تتغير في التربية، وهي الوجه الآخر للعقاب بأشكاله وصوره المختلفة، ألا وهي الثواب، بمعنى أن نستخدم الزجر أو رفع الصوت بتشجيع السلوكيات الإيجابية.

بحيث إذا تم تعديل سلوك الطفل جيدًا، يجب مكافأته أو تقديم الثناء له، سواء ماديًّا أو معنويًّا، ويفضل هنا الهدايا المادية خاصة إذا كان الطفل صغيرًا، هذا يشجع الطفل على التعلم من سلوكياته الإيجابية ويزيد احتمالية تحسن سلوكه في المستقبل.

وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة، عن جدوى استخدام طريقة العقاب بالزجر والصوت المرتفع بديلًا عن الضرب.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة