"لا تطلقوا الرصاص ".. خواطر وجدانية

لم تكن وضعية الاستكانة للطفل الكامن حيثُ جوف الليالي المظلمة سوى ترجمةً حقيقة لواقع لم يشأ أنْ ينتمي إليه..

كان هناك فاقدًا لاستواءِ ظهره شريدًا، إذا أبصرته ظننت أنه كان يمكثُ وحيدًا، لكنَّ أشباح الخوف جعلت من نحيف جسده كأنه حوله وعليه..

حركات تتلوها حركات، كأنها البحرُ وقد تشبعت أمواجه بثنايا الدُجى ظلمات منها وإليه..

ترى وقد تلعثمت كل المعاني في داخلك.. ها أنتَ وقد تجمدت كل العناوين في رأسك.. ثمَّ تعود كالسكرات في النهاية إليك نفسك..

إذا اقتربت عيناك منه عادت متوجسةً خائفةً من حيثُ بدأت..

"لا تطلقوا الرصاص" يرميه عليك قولًا وأذنك لم تنفكُّ قد سمعت..

صورةٌ على صورةٍ مؤكدةٌ وسحيحُ عيناهُ تراهُ وعيناك قدْ بصُرت..

يُلملمُ سائرَ جسده وقدماهُ بحركاتٍ تراها لحائطِ الكهفِ قدْ لصقت..

صدى صوتِ صُراخهِ بين الجبال ونحو التخوم قدْ رعُدت..

بكاءُ عيونه يضوي بين غيوم السماء والسماء تراها قدْ برُقَت..

قلت له ما اسمُك؟ ومن أين أنت؟ ومن تكون؟

قال لا أدري؟ ولكني صاحبُ تلك الديارِ والغريب يملُكها!

وأبي خلع رداء أرضه والخمرُ بات يعصرها..

وأمي نالَ منها كلَّ منالٍ وفراشُ الموتِ يطرُحها..

وإخوتي بعضهم للجارِ والمجرور ينصِبُها، والفاعل باتَ مفعولًا والتنوينُ يسكُنها..

ومكارمُ الأخلاقِ فيهم باتَ اللئيمُ يصنعها..

ثم سكتَ وقال ما اسمك؟ ومن أين أنت؟ ومن تكون؟ قلتُ له لا أدري!

قال: فأنت صاحبُ تلكَ الديار والغريبُ يملِكُها!