لا تتمسك بالغصن اليابس

تخيَّل أنك تملك شجرة في حديقة منزلك، زرعتها بيديك أو كبرت أمام عينيك، تحبها لأنها كانت دائمًا تمنحك الظل في الصيف، وجمالها يبعث فيك الراحة، ولكن مع مرور الأيام، لاحظت أن أحد أغصانها بدأ يذبل، أوراقه شاحبة، وملمسه جاف، كأن الحياة قد غادرته.

حاولت سقيه أكثر، واعتنيت به كما تعتني ببقية الشجرة، لكن دون جدوى، فالغصن ظل يزداد ضعفًا، وأنت ترفض الاعتراف بأنه لم يعد جزءًا حيًّا منها.

وذات يوم، زارك خبير في الزراعة، وقف يتأمل الشجرة مليًّا، ثم قال لك: "هذا الغصن مريض، عليك أن تقطعه، لأنه لا يقتصر ضرره على نفسه فقط، بل هو يسحب طاقة الشجرة كلها، يرهقها، ويمنعها من النمو الصحي."

لكنَّك، بدافع التمسك بكل ما اعتدته، قلت: "ما دام في مكانه، فلا داعي لقطعه، قد يتحسن مع مرور الوقت."

الأعذار...

تمر الأيام، فتلاحظ أن الشجرة نفسها لم تعد كما كانت، لم تعد قوية، أوراقها بدأت تفقد لونها الأخضر الزاهي، والفروع الأخرى بدأت تضعف تدريجيًّا. ورغم ذلك، ما زلت تبرر لنفسك بقاء الغصن، وتتردد في فصله، خوفًا من الفراغ الذي قد يتركه، ومن شكل الشجرة الذي قد يتغير بعده.

لكن الذبول استمر في الانتشار، حتى امتد إلى أجزاء أخرى، فعدت إلى الخبير مرة أخرى، لكنه هذه المرة لم يقل لك إن عليك قطع غصن واحد، بل أخبرك أن الأمر تفاقم: "لقد تأخرت كثيرًا، والمرض انتشر، والآن لم يعد يكفي أن تقطع ذلك الغصن وحده، بل يجب أن تتخلص أيضًا من الفروع التي تأثرت بسببه. لو كنت قد قطعت الغصن منذ البداية، لكنت أنقذت باقي الشجرة."

اضطررت أخيرًا إلى قطع الغصن الميت، ومعه بعض الفروع الأخرى. وبعد أن انتهيت، تأملت الشجرة، فشعرت بأنها ناقصة، وكأن شيئًا منها قد ضاع، لكنها كانت لا تزال واقفة، ولا تزال حيَّة. وشيئًا فشيئًا، بدأت براعم جديدة تنبت، وبدأت الشجرة تستعيد قوتها، فأدركت أنك لو كنت اتخذت القرار في الوقت المناسب، لما اضطُررت إلى خسارة هذا الكم من الفروع.

العبرة؟

كثيرًا ما نتمسك بأشياء تؤذينا، لا لشيء سوى لأننا نخشى الفراغ الذي قد تتركه. نخاف من التغيير، ونؤجل قراراتنا حتى نجد أنفسنا قد خسرنا أكثر مما كنا نخشى فقدانه. لا تتمسك بغصن يابس، فالشجرة لا تزدهر إلا حين تتخلص مما يعيق نموها.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

جميلة ورائعة حقا
دمتى مبدعة حبيبتى الجميلة 💜🌷🌷🌷
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

جميلتي سعاد دائمًا تعليقات تبعت لروحي السعادة 💜💜💜💜
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

جميلة بالفعل وبها العبرة والدرس المفيد وفقك الله
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.