تمر علينا الأعمار دون أن يكون لدينا فكرة واضحة عن طريقة إنفاق تلك الأعمار وإداراتها، فنعمتان مغبون فيهما كثير من الناس هما: الصحة والفراغ.
والفراغ هو وقت الإنسان أو عمره الذي يستطيع أن يؤدي الأعمال على مداره، أي الأشياء أحق بالبدء بها، وأيها يمكننا تأجيله، وأيها أيضًا يمكن أن نلغيه من الأساس.
قد يعجبك أيضًا لماذا الوقت يمر سريعاً ؟ Why is time running fast?
حق النفس
ومن منظور حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صدق فيه الصحابي على قوله بـ "إن لنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، ولربك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقه" يمكن أن نقول إن الاهتمامات لا بد أن تتوزع بهذا الشكل.
بمعنى أن لله حقًّا في العبادة والذكر وقراءة القرآن، وللأهل حقًّا في الرعاية والخدمة والمعاونة وإدخال السرور عليهم، وللنفس حقًّا في التعليم والتزكية والراحة والترفيه والمتع الحلال.
ويجب أن يوازن المرء بين تلك الحقوق الثلاثة في كل يوم وليلة، صلاة - صدقة - ذكر الله - قراءة قرآن - دعوة بالمعروف ونهي عن المنكر، يقابلها رعاية لمن نحن مسئولون عنهم ماليًّا ومعنويًّا.
ثم يأتي الجانب الذي يحبه كل منا وهو حق النفس في التزكية والتعلم والترقي والطعام والشراب والتنزه والزواج والفرح والراحة.
وظالم نفسه يُعد ظالمًا. فلا ينبغي أن يطغى جانب على جانب آخر حتى لا يحدث خلل في إدارة العمر.
فإذا أهدرت حقك باستمرار فسوف يأتي اليوم الذي تريد فيه أن تأخذ حقًّا فوق حقك؛ تعويضًا عما فقدت في سالف الأيام.
فيجب أن يتوازن المرء ولا يكلف نفسه في العبادة ما لا يطيق، ولا أن يتحمل مسئولية أكبر من مسئوليته، وأن يقوم بجميع الأمور في سلاسة وعدالة؛ حتى تثمر تلك الأعمال عن إعمار الإنسان في الأرض وترك أثر جيد قبل أن نموت.
قد يعجبك أيضًا كيفية تحسين إدارة الوقت.. التغلب على اعتقاد أن لديك وقتًا كافيًا
أولويات إنفاق الوقت
وحين نأتي لجانب النفس فإنه يوجد أربعة أنواع لإنفاق الوقت يجب الانتباه لها جيدًا وهي تعرف بالأولويات.
· مربع الإنجاز والمستقبل وفيه الأمور المهمة والعاجلة.
· مربع الأزمات وفيه الأمور المهمة غير العاجلة.
· مربع الخداع وفيه الأمور العاجلة غير المهمة.
· مربع الضياع وفيه الأمور غير العاجلة وغير المهمة.
فالأول والثاني فقط هما ما ينبغي مراعاتهما جيدًا، والثالث والرابع ينبغي إهمالهما قدر المستطاع؛ لأنهما مضيعة للوقت.
وأما معاملة الأشخاص لا يجب التركيز على الاهتمام بشخص واحد فقط، وإعطاؤه كل طاقتنا؛ لأن هذا طاقيًّا سوف يؤدي إلى الملل والنفور والبعد.
ولكن يجب أن نوزع اهتماماتنا بين رعاية هذا والسؤال عن ذاك، ومراعاة أنفسنا مرة، والغياب والاعتذار مرة أخرى.
لا يجب على الإنسان أن يكون متوفرًا في كل الأوقات؛ فتوجد أوقات للعبادة وأوقات للنفس والراحة، وفيما عدا ذلك إذا كان الإنسان في حالة جيدة وظروف حسنة يمكنه المشاركة في مساعدة الغير، ولا ينبغي أن يظلم نفسه من أجل الآخرين.
قد يعجبك أيضًا أخطاؤنا الشائعة في إدارة وتنظيم الوقت
ليس المطلوب منك سوى الفضل
والفضل هو الزيادة عن الحاجة في المال والوقت والمشاعر. فالأولى بمالك ومجهودك ووقتك هم من أنت مسئول عنهم بالدرجة الأولى، ثم الأبعد فالأبعد.
ومقام الإيثار وتفضيل الآخرين على النفس هو مقام استثنائي، وليس فرضًا على الجميع، بل تفضلًا، ويقوم به من لديه طاقة نفسية تمكِّنه من ذلك. وقد ذكر القرآن الكريم من أطعم الضيف وهو في حاجة إلى هذا الطعام على أن ذلك العمل من مكارم الأخلاق وأعلاها ولكنه ليس فرضًا.
فليعمل كل امرئ بما يستطيعه من جهد وبما لديه من طاقة ولا يكلف نفسه فوق طاقتها؛ فلا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وفي كلٍّ خير.
وخلاصة القول هو توزيع الاهتمامات بين الواجبات والمسئوليات والمكافآت التي نمنحها لأنفسنا من حين لآخر؛ حتى نستطيع تكملة مسيرة الحياة في سكينة وراحة نفسية وهدوء بال.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.