كيمياء السلوك الوجداني ودورها في الاستجابة للمؤثرات الخارجية

يُعد السلوك الوجداني نتاجًا لتفاعلات بيولوجية معقدة في الدماغ والجهاز العصبي، وتتشابك النواقل العصبية والهرمونات والمناطق الدماغية في شبكة متكاملة تُسهم في توليد المشاعر وتعديلها، وتؤدي النواقل العصبية في ذلك دورًا حاسمًا؛ فالسيروتونين يُنظِّم المزاج والقلق والاكتئاب، حيث يُعتقد أن انخفاض مستوياته يُسهم في ظهور أعراض الاكتئاب.

استجابة الجهاز العصبي للسلوك الوجداني

ويرتبط الدوبامين بالتحفيز والمكافأة والمتعة، ويؤدي النورأدرينالين دورًا في الاستجابة للضغط والانتباه واليقظة، والجلوتامات هو الناقل العصبي الاستثاري الرئيس في الدماغ، و GABA هو الناقل العصبي المثبط الرئيس الذي يُساعد في تهدئة الجهاز العصبي وتقليل القلق والتوتر.

ولا يقتصر التأثير على النواقل العصبية، بل يشمل الهرمونات التي تُفرزها الغدد الصماء. فالكورتيزول، يُفرزه الجسم استجابةً للضغط، ويُمكن أن تُؤدِّي المستويات المرتفعة منه إلى القلق والتوتر والاكتئاب، ويعزز الأوكسيتوسين الترابط الاجتماعي والثقة والمشاعر الإيجابية، وتؤدي الهرمونات الجنسية (كالتستوستيرون والإستروجين) دورًا في المشاعر المرتبطة بالجنس والعدوانية.

النواقل العصبية

ولا يُمكن فهم السلوك الوجداني بمعزل عن التفاعلات المُعقَّدة بين العوامل البيولوجية والخبرات النفسية. وتُؤثِّر التجارب الحياتية على كيمياء الدماغ، حيث يُمكن أن تُؤدِّي الضغوط النفسية والصدمات إلى تغييرات في مستويات النواقل العصبية والهرمونات؛ لذلك فالتعرض المُستمر للضغوط يُمكن أن يُؤدِّي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول، في المقابل فالاجتماعية والدعم الاجتماعي يُسهمان في تعزيز المشاعر الإيجابية.

التفاعل بين الجينات والبيئة

ويُعد التفاعل بين الجينات والبيئة عاملًا حاسمًا. فالعوامل الوراثية تؤدي دورًا في الاستعداد للاضطرابات النفسية، لكن يتفاعل التأثير الوراثي مع العوامل البيئية لتحديد النتيجة النهائية. وتُؤثِّر التجارب الحياتية، مثل الإساءة أو الإهمال في الطفولة، في التعبير الجيني، وتُزيد خطر الإصابة بالاضطرابات النفسية.

ويُمكن فهم الاضطرابات الوجدانية، كالاكتئاب والقلق والاضطراب ثنائي القطب، من منظور كيميائي عصبي، حيث تُعد اضطرابات في وظائف النواقل العصبية والهرمونات والمناطق الدماغية.

فالاكتئاب يرتبط بنقص مستويات السيروتونين والنورأدرينالين؛ لذا تعتمد فاعلية الأدوية المضادة للاكتئاب على زيادة مستويات هذه النواقل العصبية في الدماغ، سواءً عن طريق منع إعادة امتصاصها أو زيادة إفرازها (American Psychiatric Association, 2013). ويرتبط اضطراب القلق العام بنقص في GABA وزيادة نشاط اللوزة الدماغية؛ لذا تعمل الأدوية المضادة للقلق على زيادة تأثير GABA أو تقليل نشاط اللوزة الدماغية.

مثال: شخص يرى كلبًا ينبح (المُحفِّز). يُدرَك هذا المشهد بواسطة الحواس (الإدراك الحسي)، ويُؤدِّي ذلك إلى سلسلة من التفاعلات الكهروكيميائية في الدماغ، تشمل انتقال الأيونات وإطلاق النواقل العصبية (مثل الأدرينالين إذا كان الكلب يُمثل تهديدًا) وتغيرات في الجهد الكهربي للخلايا العصبية؛ هذه التفاعلات تُؤدِّي إلى استجابة سلوكية وجدانية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة