دائمًا ما تحدثت الكتب والبحوث النفسية والاجتماعية عن العوامل التي تتأثر بها النفس البشرية، وكيف أن العوامل المختلفة، منها الداخلية المساهمة في تكوين الشخصية لدى الفرد، والعوامل الخارجية التي تتحكم في مسار هذه الشخصية وطريق الحياة الذي تحكمه العادات والتقاليد والأعراف الموجودة داخل كل عائلة وداخل كل مجتمع، هي ما يجعل كل واحد منا شخصًا مختلفًا عن الآخر في كل شيء.. طريقة الحياة الخاصة والمبادئ والأفكار التي تحدد نقاط الاختلاف حتى بين الإخوة وبين الأزواج وبين الأصدقاء، فلا يوجد أحد يشبه الآخر.
وانطلاقًا من هذه النقطة، أثبتت مختلف الدراسات أن الأفكار بحد ذاتها هي التي تحدد مسار الحياة لكل واحد منا، وأن تأثير الأفكار يفوق بكثير تأثير العوامل الخارجية التي تحكم حياة الأفراد، إذ إن بداخل كل واحد منا أفكاره الخاصة التي لا يستطيع أحد أن يغيرها مهما حاول.. ببساطة، نحن مقتنعون بأفكارنا، وعليه فإن للأفكار تأثيرًا كبيرًا على حياتنا كلها، وقد ميزت البحوث النفسية بين المفكر والفكر والتفكير، وسنوضح ذلك فيما يلي:
المفكر
المفكر -بداية- هو الشخص الذي يضع الفكرة في ذهنه، وبذلك هو الأساس والسبب في كل شيء، فهو الذي يقرر ما يريد، ويختار الأسلوب، ويضعه موضع التنفيذ، والمفكر لديه الخيار في أن يضع في ذهنه أفكارًا سلبية أو أفكارًا إيجابية، أفكار سعادة أو أفكار تعاسة، أفكارًا دنيوية أو روحانية، أفكارًا صحية أو غير صحية..
باختصار هو الشخص الذي يضع الأفكار بشتى أنواعها، هو الوحيد الذي يختار ويقرر نوع الفكرة في ذهنه، وعليه تتحول الفكرة إلى تفكير، ثم إلى تركيز، وبعدها إلى أحاسيس، ثم إلى سلوك، وبعدها إلى نتائج من نفس نوع الفكرة التي وضعها في ذهنه؛ فإذا كانت الفكرة سلبية ستكون النتائج سلبية، وإذا كانت إيجابية فستكون حتمًا النتائج إيجابية.
فلو أن أحدنا وضع في ذهنه فكرة سلبية وكررها كل يوم مدة ستة أشهر، حسب البحوث النفسية، فإن هذه الفكرة ستتحقق إما بكارثة مادية وإما نفسية أو صحية.. ولذلك، يجب علينا أن نحرص على اختيار أفكارنا بدقة لما لها من تأثير فينا وعلى حياتنا بوجه عام.
الفكر
إن كل شيء في الوجود بدأ بفكرة، ثم تبلورت هذه الفكرة إلى إمكانية، ثم أصبحت هدفًا، وبعدها تحولت إلى فعل حتى أصبحت حقيقة.. إن الفكرة هي جذر كل شيء، فالأفكار الإيجابية أدت إلى الاكتشافات العلمية والتقدم الذي نراه حولنا في كل المجالات، والأفكار السلبية أدت إلى انتشار جرائم القتل والسلب والزنا والأمراض النفسية.. وغيرها كثير، وقد أثبتت الدراسات أن معظم الأمراض ترجع إلى الفكر والتفكير.
التفكير
أما التفكير، فهو ينشأ عندما يقرر المفكر ويختار فكرة معينة، سواء كانت سلبية أو إيجابية، ويضعها في ذهنه، كما قلنا، وهنا يتعرف العقل عليها ويحلِّلها من جمي الزوايا، ثم يمنحها منطقًا ومعنى مبنيين على معلومات مشابهة موجودة في الذاكرة، ثم يقارن العقل بينها وبين أفكار أخرى مشابهة لها.
وأخيرًا يبحث العقل في جميع الملفات العقلية عن أي معلومات تدعم الفكرة التي وضعها الشخص في ذهنه، وبذلك تكتسب الفكرة معنى ومنطقًا وتصبح جاهزة للاستعمال، فيصبح كل انتباه وتركيز الشخص منصبًّا على الفكرة، ما يسبب له الأحاسيس في داخله، فينفذ السلوك الذي يحقق النتائج المترتبة على هذه الفكرة.
مثال على تأثير التفكير
فعلى سبيل المثال، حينما يشكو أي شخص من سوء حالته المادية أو الاجتماعية أو العائلية أو الشخصية، هنا تعود الشكوى إلى الأفكار التي توجد في ذهنه، فيبدأ باللوم والانتقاد ومقارنة حاله بحال غيره، وهنا تكون النتائج أسوأ بكثير بسبب سيطرة الأفكار السلبية والشكوى المستمرة وعدم قدرته على البحث عن أفضل الاختيارات التي تخفف عنه سوء حالته المادية مثلًا بالسعي والبحث عن عمل، فيبقى شاكيًا، يلوم الظروف والأوضاع التي يمر بها.. وهذا يؤدي إلى نتائج سلبية في حياته وعدم المساهمة في تحسين وضعه المادي، مثلًا.. وهذا ينطبق على مختلف الحالات الاجتماعية أو الشخصية أو العائلية.
لذلك، يجب علينا أن نحرص على اختيار أفكارنا، فهي فعلًا تسهم في تحديد مسار الحياة الذي نسير عليه.. فهي، في النهاية، قد تأتي بنتائج لا نرضى عنها، وتضعنا أمام تحديات ليس لها أي داعٍ لوجودها.
موضوع مهم جدا صديقتي شهد يوسف عويجة، دمتي رائعة ومتآلقة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
اشكرك صديقتي العزيزة منى ... ودمتي بالف الف خير ... بانتظار مقالاتك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.