هل تمتلك موهبة تؤهلك لأن تكون كاتبًا ينتج قصصًا وروايات تجذب القارئ؟ على الرغم من كونها ضرورية فإن الموهبة ليست كافية لأن تكون كاتبًا ناجحًا، فالموهبة تمثل الشرارة التي تشعل الإبداع، لكنها وحدها لا تكفي لبناء عمل أدبي متكامل، فما العناصر الأساسية التي لا بد أن يحللها الكاتب المبتدئ؟ هذا ما سنتعرف عليه في السطور القليلة الآتية، فتابع للنهاية.
تحليل عناصر العمل الروائي
تحليل عناصر العمل الروائي هو عملية تفكيك الرواية إلى عناصر أساسية، وذلك من أجل فهم كيفية تفاعلها معًا لإنتاج العمل الفني النهائي.
1- أنواع الرواة
والرواة في العمل الأدبي ينقسمون إلى داخلي وخارجي، نبدأ أولًا بالراوي الخارجي الذي ينقسم أيضًا إلى نوعين غائب وشاهد.
الراوي الغائب: هو الراوي الذي يعيش داخل القصة ولديه كل المعلومات لما يحدث لكل شخصية في العمل الروائي، ويعلم جيدًا بماذا يشعرون وفيم يفكرون، كما يعلم أحداث نهاية الرواية قبل بدايتها، ويرسم كل الخيوط برأسه أولًا، بداية من أصغر الشخصيات مرورًا بأدق التفاصيل وصولًا إلى أكبرها وأعمقها، بل نجده يتحكم في كل ما يحدث في الرواية، ولكن دون الدخول بها بنفسه مباشرة، فهو يشبه تمامًا المخرج الذي يرى كل شيء خلف الكاميرا، ويتحكم في كل الأحداث من خلف الكواليس.
الراوي الشاهد: يمكن أن نصفه بأنه ظل البطل، فهو يقف خلفه كظله تمامًا، أي أنه يحكي القصة من وجهة نظر البطل فقط، فلا يستطيع القارئ معرفة أي تفصيلة في الرواية دون قصد منه، فتخيل أنك تشاهد فيلمًا والكاميرا مسلطة فقط على بطل الفيلم، فلا ترى سوى ما يراه البطل، لذلك كل ما سوف تعرفه عن بقية الشخصيات في الرواية سيكون من وجهة نظر البطل فقط، وهذا يشوبه تحيز أو رأي معين للبطل، وهذا أمر طبيعي، لكن على الراوي أن يكون حريصًا ألا يجعل القارئ يشعر أن البطل هو من يحكم على كل الشخصيات.
ثانيًا الراوي الخارجي الذي ينقسم إلى راوٍ مشارك مفرد وراوٍ مشارك متعدد.
الراوي المشارك المفرد: وهنا الراوي يكون ضمن أبطال القصة، ولا يقتصر دوره على أن يحكي عنهم فقط، بل يعيش معهم كل لحظة، فهو يحكي ما يحدث له لنفسه، على عكس الراوي الذي يحكي عن شخص آخر، فهو يشعر بكل ما يحدث داخل الرواية يحزن ويفرح ويفكر، فهو لا يحكي القصة فقط بل يعيشها، ويجعلك تشعر وكأنك جزء منها.
الراوي المشارك المتعدد: وهنا تُحكى الرواية على أكثر من لسان من ألسنة شخصيات الرواية، وكل شخصية تحكي تبعًا لوجهة نظرها، أي إن كل شخصية في الرواية تقول "أنا" وتحكي ما يحدث لها، وكأن كل شخصية تصور جزءًا من الرواية، وهو ما يجعل الرواية أكثر تشويقًا للقارئ، فهي تجعله يفكر بدرجة أعمق في كل الأحداث، وهذا النوع يتطلب وجوده في القصص الطويلة على عكس القصص القصيرة التي تفتقد لمثل هذا النوع.
2- الزمان والمكان
لا بد لكل رواية أن تشتمل على عنصري الزمان والمكان، قد يكون الزمن قريبًا أو بعيدًا، وقد يكون في يوم معين، أو حتى ساعة معينة، أما المكان من الممكن أن يكون في بيت ما أو شارع أو مدينة أو حتى في بلد آخر.
والراوي هنا يؤدي دور الرسام الذي يرسم صورة كاملة للرواية، والزمان والمكان هو الإطار الذي توضع فيه تلك الصورة، فعندما يتقن الراوي وصف الزمان والمكان جيدًا يشعر القارئ أنه موجود فعلًا في أحداث الرواية، يعيش زمانها ومكانها، أما إن أهمل هذين الجزأين فسيشعر القارئ أنه بعيد كل البعد عن الرواية.
3- العقدة
إن أراد الراوي أن يكتب رواية جذابة لا بد أن يحسن وضع العقدة، وهي المشكلة الكبيرة التي تعوق الأبطال وتجعلهم يتحركون من أجل حلها، فهي تشبه اللغز الذي يضعه الراوي في الرواية، ليس فقط بهدف أن يفكر في حلها الأبطال، بل يجعل للقارئ أيضًا دورًا للتفكير في حل للعقدة، ليشاركه مع الأبطال ويعيش معهم القصة ويشعر بما يشعرون، وكلما كانت العقدة كبيرة كانت الرواية مشوقة، تجعل القارئ يقلب الصفحات ليصل إلى النهاية، أما إن افتقدت الرواية لهذا العنصر فستكون مملة.
4- الحوار
الحوار روح الرواية، تخيل أن تشاهد فيلمًا بلا حوار! سيكون مملًا جدًّا، لذا فالكلام الذي يدور على ألسنة الشخصيات، هو ما يجعل الرواية حية تشعر القارئ أنه يعيش الأحداث، فمن المهم على الراوي أن يتقن هذا العنصر جيدًا حتى يحافظ على جاذبية روايته، فإن أهمل الراوي هذا العنصر أصبحت الرواية مثل التقرير بلا حركة أو إثارة، فالراوي هنا نراه هو من يحكي عن الشخصيات ولا يترك لهم مساحة التعبير عن أحوالهم بألسنتهم هم، ما يسبب الملل للقارئ ويجعله يستبدل الرواية بأخرى.
5- الفكرة
كل رواية جيدة لا بد أن تدور حول فكرة حتى وإن كانت الفكرة غير واضحة من بداية الرواية، فالفكرة تجعل القارئ يفكر ويسأل وهو الأمر المهم في نجاح الرواية، فالقارئ يفكر في ما يقرؤه ويحاول طوال قراءته أن يجيب عن أسئلته، فكلما كانت الرواية تثير تساؤلات القارئ فهي ناجحة لدرجة تجعل القارئ يناقشها مع غيره، هذا ما تصنعه الفكرة في نجاح الرواية، فإن كانت الفكرة غير واضحة أو ضعيفة سيشعر القارئ بملل يجعله يرى أن الرواية لا تستحق القراءة.
وفي نهاية جولتنا السريعة يمكننا تلخيص ما سبق في أن أدب الرواية متجدد، وكل عمل روائي يمثل تحديًا جديدًا للكاتب، فقد لاحظنا مما سبق أن عناصر الرواية تتفاعل مع بعضها بعضًا بطرق معقدة وتتطور باستمرار مع تطور المجتمع والثقافة، إذن فمجال كتابة الرواية السينمائية يحتاج إلى مزيد من الجهد والاهتمام، فكلما تعمقت عزيزي في فهم هذه العناصر، زادت قدرتك في صياغة رواية أدبية متكاملة الأطراف، ولمزيد بشأن فن كتابة الرواية يمكنك مشاهدة كورس الرواية على منصة تعلم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.