تصدر عن الإنسان أفعال تخبر عن صفاته، وتظهر نفسه هذه الأفعال على أرض الواقع بواسطة الجسد، الذي هو بمنزلة شاشة عرض لأفكاره.. العقل الباطن هو المحرك للسلوك والأفعال، ويتكون من مصدرين: مصدر فطري غريزي مطبوع من أصله، ومصدر كسبي مسموع من اجتهاده وخبرته.
اقرأ أيضاً كيف تغير شبكة الإنترنت سلوكيات الإنسان ؟
كيف تتكون هيئتك وأفكارك؟
الوالدان يمتلكان صفات أولادهما قبل ظهورهما للحياة.. فالأب في اللغة هو من كان سببًا في إيجاد نسخة تشبهه، والفعل (أباه) يعني غذاه ورباه، وكلمة الأم تعني أصل الشيء.
الابن والابنة هما الولد والبنت، مشتقان من الجذر اللغوي بان بونًا وهو الوضوح والظهور والانفصال عن غيره فهو بائن عنه، والبون هو البعد والمسافة بين شيئين ويقال، بيَّن بنته أي زوجها وأبعدها بالزواج.
فالوالدان أصل صفات الأولاد، والأولاد فروع تلك الصفات، والأصل بمنزلة النور الأبيض الذي تفرع إلى أطياف متعددة تعبر بمجموعها عنه.. يقول الأصل للفرع أنا الأصل والكل والإجمال وأنت الجزء والفرع والتفصيل، ولولاي لما كنت، وأنت من كل الوجوه وصف من أوصافي.
صفة أي شيء يبديها تمثاله وهيئته، أما صفات الإنسان فتبديها هيئته وأفعاله، فنستدل من لسان حال البشر وأفعالهم عن لسان مقالهم وما تخفيه نفوسهم وعقولهم من غرائز وأفكار.
بعض الأفعال والسلوكيّات التي تحولت إلى إدمان قد يكون سببها في البداية تقليد الآخرين، لكنها بالحقيقة أنبأتنا حين ظهورها لديه عن آلام عميقة كامنة حدثت مع الشخص في صغره، فقاده ذلك الألم الدفين إلى إظهار هذه السلوكيات التي عبرت عن صفات كامنة لديه.
اقرأ أيضاً إشكالية الوعي واللاوعي
سلوكيات الإنسان
سلوك الإنسان اليومي غير الواعي الذي يفعله من دون تفكير هو غريزة للعقل الباطن يشبه القيادة الآلية في الطائرة.. ومثال على ذلك، أذكر مسير السيارة بطريقة صحيحة رغم أن فكر السائق مشغول بأمر ما، ومن هذه النقطة ندرك معنى التقليد الأعمى في السلوك.
فميزة التقليد التي زودها الله النفس البشرية وظيفتها الحفاظ على ما وصل إليه السلف من معارف تراكمية، ليكمل الخلف تطوير تلك المعارف، أي الحفاظ على هوية الأصل ورفدها باجتهاد الفرع.
فكل ما يظهر من الإنسان من أفعال وتصرفات يشير بالمعنى المباشر إلى عقله وثقافته الشخصية وفكره وهويته الفردية، وبالمعنى غير المباشر يشير إلى موروثه وأصله وهويته الكلية.
فإذا ما أظهر شخص أفعالًا حميدة وخيرة ونبيلة وفاضلة، ملتزمة بالمنطق العام والخاص وكل صور العبادات الظاهرة والباطنة، كان ذلك دليلًا على أصالته وهويته الجمعية والفردية والعكس بالعكس.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.