في المجتمعات الشرقية، يتخذ الرجل في تعامله مع المرأة نوعًا من أنواع التكتيك والرهانات التي تقترب كثيرًا من لعبة كرة القدم.
فيُشبَّه الرجل بلاعب كرة قدمٍ متمرس يحوم حول مرمى خصمه طوال المباراة. تجد هذا اللاعب يترصد الفرصة ويُخطط بعناية لاختراق الدفاعات والوصول إلى الهدف المنشود. كذلك الرجل في المجتمع الشرقي، يحوم حول المرأة التي تعجبه، يُراوغ ويتفنن في وسائل لفت انتباهها، هدفه الأول والأخير أن يُوقعها في حبائله ويسحبها نحو عالمه.
اقرأ أيضًا: ظلم المرأة في المجتمعات العربية
إذا استطاع أن يُحرز الهدف، تراه يطير فرحًا، لكن فرحته لا تنبع من فوزه فحسب، بل من احتفاله العلني بذلك النصر الذي حققه. بعيدًا عن مرماه الذي سجَّل فيه هدفه، يتنقل بين الجموع متفاخرًا، لا يُلقي بالًا للحارس الذي كان مسؤولًا عن حماية هذا المرمى، ألا وهو قلب المرأة التي سمحت له بتمرير كرة قلبها إلى داخل شباكها. في هذه اللحظة، لا يدرك أن هذا الحارس هو الذي مكَّنه من تسجيل هدفه في مرمى العواطف.
أما إذا فشل في إحراز هدفه، فتزداد عزيمته ويضاعف محاولاته. لا يُكتفى منه بالمحاولة الأولى، بل يستمر في رصد الفرص الجديدة ويُعيد الكَرَّة أكثر من مرة، قد يستخدم الحيلة أو يبتكر أساليب جديدة للعودة إلى المباراة، مستغلًا أي فرصة قد تتاح له لتسديد كرة جديدة. يُعاود الهجوم، يعاند ويتحدى، تمامًا كما يفعل اللاعب الذي يسعى لتحقيق هدفه بكل وسيلة ممكنة، حتى لو كان ذلك يعني التلاعب بالظروف أو إدخال نفسه في مواقف قد تبدو مجازفة.
لكن إذا انتهت المباراة دون أن يسجل هدفًا واحدًا، يسود الحزن على وجهه ويغرق كبرياؤه في بحر من الإحباط. يتنكر في شعور الهزيمة، ولا يستطيع أن يتجاوز مرمىً حُرِم فيه من تحقيق هدفه. هنا يظهر ضعفه، فيظل في صراع داخلي مع نفسه، ليتحقق أن هدفه لم يتحقق بعد.
اقرأ أيضًا: نظرة المجتمع إلى المرأة قديمًا و حديثًا
لكن نادرًا ما نرى رجلًا في المجتمع الشرقي يتعامل مع المرأة كما يتعامل لاعب كرة القدم مع مرماه. قليلٌ هم الرجال الذين يعاملون المرأة كونها ليست هدفًا يجب إحرازه، بل ككنز ثمين يجب حمايته والحفاظ عليه. هؤلاء هم الرجال الذين يعرفون أن العلاقة بالمرأة ليست مجرد لعبة للوصول إلى غاية، بل هي شراكة حقيقية تقوم على الاحترام والرعاية. هذا الرجل لا يرى في المرأة مجرد مرمى لتسجيل الأهداف، بل يراها درعًا يجب حمايته من كل خطر، وحارسًا يجب الوقوف بجانبه.
الرجل الذي يعي تمامًا أن دوره في الحياة هو أن يحمي ويصون، هو الذي يستحق أن يُعشق بصدق. هو الذي يقدم لكِ الأمان في عالمٍ مُمتلِئ بالتهديدات، ويُقدِّر وجودك في حياته. لا يتعامل معكِ وسيلة للوصول إلى غاياته، بل ملاكًا يحفظ له توازنه الداخلي. فالرجل الذي يعامل المرأة بهذه الطريقة هو الذي سيبني علاقة حقيقية تدوم وتستمر عبر الزمن.
أما إذا كان الرجل لا يزال يتعامل مع المرأة كونها هدفًا في مباراة، فإن الرد عليه يجب أن يكون حاسمًا وواضحًا. لا يجب أن يُسمح له بتحقيق انتصاره بسهولة. يُمكنكِ أن تواكبي محاولاته وتصمدي أمامها بحكمة، ثم بعد أن تثبتي قوتك وتوازنك، تُحرزين هدفك الخاص في اللحظات الأخيرة. تكونين قد قلبتِ موازين اللعبة، مسجلةً هدف الفوز الذي لا يتوقعه أحد، لتهزميه في الدقيقة الأخيرة من المباراة، ويظل هو في حالة من الذهول والدهشة.
اقرأ أيضًا: ما أسباب العنف ضد المرأة؟
إذن الرجل الذي يرى في المرأة مجرد هدف يجب إحرازه، هو في النهاية من يخسر في هذه اللعبة. أما الرجل الذي يعامل المرأة كونها رفيقة وشريكة، ويقدِّر عقلها وقلبها ويحترم مكانتها، هو الذي يستحق أن يُعشق بصدق. المرأة التي تعرف قيمتها، وتدير هذه اللعبة بحذر وحكمة؛ ستكون هي الفائزة في النهاية، وستظل تدهش الجميع بتحقيق النصر الذي لا يُحسم إلا لمن يستحق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.