هل من حق الآباء والأمهات الدخول إلى غرف نوم أبنائهم المراهقين، والتفتيش في أغراضهم الشخصية دون إذنهم؟ ما العمل إذا وقعت عين الأب أو الأم على أمر خاص لابنهما المراهق لا يريد لوالديه أن يراه؟ وهل توجد خصوصية بين الأبناء وآبائهم؟ هذه الأسئلة تثير جدلًا كبيرًا حول حدود العلاقة بين الطرفين، فالأمر يحتاج إلى التوفيق بين حق الأبناء في الخصوصية وواجب الآباء في متابعة أبنائهم، وهو ما سنتحدث عنه خلال السطور التالية.
هل لأبنائنا خصوصية لا يجب خرقها؟
منذ الصغر ننصح الآباء والأمهات بتعليم الطفل مفهوم الخصوصية والملكية الخاصة؛ لأن الطفل في صغره يعتقد بأن كل ما تقع عليه عينه ويده، هي أشياء ملك له وحده، وهذا مفهوم خاطئ يجب أن يعالجه الوالدان لدى الأبناء بتعريفهم الملكية الخاصة وملكية الآخرين، بحيث يتعلم الطفل أن هناك أشياء لا تخصه ولا يمكنه أخذها دون الإذن من صاحبها.
من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الآباء والأمهات، عندما يكون لديهم طفل صغير لأشقاء أكبر منه، فنجد تعلق الطفل الصغير بأشياء إخوته الأكبر منه، وتحت وقع البكاء المتواصل، يطلب بل يأمر الآباء الإخوة الكبار بالتخلي عن أشيائهم الخاصة بهم من أجل أخيهم الأصغر لكي يتوقف عن البكاء، فهل نحن بذلك نرسخ مفهوم الملكية الخاصة وملكية الآخرين وخصوصياتهم أم ندمرها؟!
عندما يكبر هذا الطفل الصغير ويصير شابًا يافعًا، فإنه يعتاد أخذ ما ليس له، لأنه تربى على ذلك. كل ما تقع عليه يده وعينه هو ملك له، وهنا تبدأ المشكلات بين الآباء الذين تهاونوا في تدريب وتعليم طفلهم معنى الخصوصية والملكية الخاصة منذ أن كان صغيرًا، وبين الأبناء الذين كبروا وتربوا ولم يعرفوا بعد مفهوم الملكية الخاصة وما يملكه الآخرون.
تنمية مفهوم الخصوصية لدى الأبناء منذ الصغر
إذا كنا نحث الوالدين على تدريب الطفل وتعليمه مفهوم الخصوصية والملكية الخاصة منذ الصغر، فحريّ بهم أن يحترموا هم خصوصية أبنائهم، فلا يحق لهم الاطلاع على أمر يخفيه عنهم الابن أو الابنة، أو لا يرغب في رؤيتهم لهذا الشيء. لكن ماذا إن أصر الوالدان على اقتحام خصوصية الأبناء؟
بالتأكيد سيؤدي ذلك إلى عدة مشكلات مع الأبناء، لا سيما في هذه المرحلة الخطرة من حياتهم، فضلًا عن بناء جدران وحواجز من عدم الثقة بين الطرفين، في وقت يكون الوالدان بأمسِّ الحاجة للقرب من ابنهما أو ابنتهما في مرحلة المراهقة، فتزداد الفجوة بينهما، ويصير الصديق أقرب من الأب والأم للابن، وبدلًا من أن يكون الأب والأم هما مستودع أسرار ابنهما أو ابنتهما، يكون الصديق خارج البيت.
هذا إلى جانب أن مصادرة الوالدين للأشياء الخاصة بالابن أو الابنة وإتلافها لن يمنع الابن من الاستمرار في هذا الفعل، بل سيجعله أكثر حرصًا على فعله وإخفائه عن والديه بعيدًا عن أعينهما. وبذلك، الخاسر هنا الوالدان وليس الابن المراهق.
أفضل طريقة لاحترام خصوصية الأبناء والتعامل الصحيح معها
بدلًا من ذلك، على الوالد أن يسأل نفسه دائمًا: هل هذا الأمر يمثل خطرًا وتهديدًا على صحة أو حياة ابني أم لا؟ فإن كان لا ضرر منه، فاتركه مكانه. وأما إذا شعرت بالخوف على الابن من جرّاءِ هذا الفعل، فالأفضل أن تفتح معه الموضوع، ويُفضَّل أن يكون بالتلميح لا بالتصريح، وأن يكون بضرب الأمثال أو القصص والحكايات حسب المرحلة العمرية للابن، وأن تُسقط الفعل أو التصرف الذي أخفى على بطل القصة أو الحكاية وتطلب من الابن أن يبدي رأيه أو يعطي تفسيرًا لهذا التصرف من وجهة نظره.
أنت بذلك ودون أن تدخل في جدال أو تحتد على ابنك، تعرف أسباب إقدامه على فعل هذا الأمر عن طريق إبداء وجهة نظره وتفسيره لتصرف بطل القصة أو الحكاية. وقتها يمكن للأب اختيار الوسيلة الأنسب لبيان صحة أو خطأ هذا التصرف، بأسلوب هادئ ورزين.
وما يجب على الوالدين معرفته جيدًا، أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يتقبل الأبناء توجيهات ونصائح الآباء والأمهات إن لم تكن بينهما جسور من التواصل وعلاقة قوية ومتينة، بحيث يكون الابن أكثر حرصًا على عدم إغضاب الوالد أو الوالدة كونه يحبهما حبًا شديدًا، ويخشى أن يحزنهما هذا الأمر، فتكون الطاعة هنا طاعة حب لا طاعة خوف، وهذا هو المطلوب والمأمول في عملية التربية.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم بالتعليقات أسفل هذه المقالة عن أفضل الطرق التي اتبعتموها في تربية الأبناء المراهقين.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.