كيف تتحول التجربة إلى إدمان؟

إنها رحلة إلى القاع، لا تُرى، لكنها دائمًا تبدأ بخطوة، ربما كانت، رغبة في التجربة، عرض محرج، تهاون، تنازل، عدم تقدير عواقب، أو حتى تهور، ومنه إلى التدهور.

لا يبدأ الإدمان عادةً بعده مرضًا مفاجئًا، مع أنه قد يكون وراثيًّا، أو مكتسبًا، لكنه دائمًا «تجربة» أولى، يظنُّ فيها الشخص المتعاطي أنها تحت السيطرة.

إنه الكلمة الأفضل لكل مدمن: «تحت السيطرة»، «أنا أستطيع أن أتحكم»، «أنا بخير ولم أضر أحدًا»، «مرة واحدة لن تضر»، ثم... «لم يحدث لي شيء خطر كما كنت أظن».

ومع تكرار التعاطي بحثًا عن الهروب من الضغوط أو الألم النفسي، والاستمتاع، يبدأ الدماغ بتسجيل المخدر حلاًّ سريع للتوتر، والألم، والضغط، والراحة، وأحيانًا للتخلص من الخجل أو بادعاء زيادة التركيز.

مع التكرار والاعتياد، تتطور الحاجة، أي حاجة الجسم لمزيد من المادة للحصول على التأثير نفسه، وعند التوقف المفاجئ يظهر ما يسمى «الانسحاب» الذي يرافقه شعور بالألم الجسدي والنفسي.

هذه الأعراض تجعل الشخص يتعاطى مجددًا، مجبرًا بلا إرادة منه لتجنب المعاناة، والألم مع أسباب التعاطي، فتتعمّق الدائرة، ويضطر إلى زيادة الجرعة، لأن الجسم مع التكرار يعتاد جرعة معينة، ثم تتوقف هذه الجرعة عن التأثير، فيضطر إلى رفع الجرعة مجددًا، إلى أن تتغيَّر طبيعة التفكير، ويضطرب الشعور، وتتغير كيمياء الدماغ وتحدث تحولات كيميائية نتيجة التعاطي المستمر؛ تؤثر في مناطق التحكم في القرار، والذاكرة، والمكافأة، فتزداد الحاجة والرغبة الملحّة، وتقل قدرة المتعاطي على المقاومة، حتى وإن كان يريد التوقف.

عندها يبدأ الشخص بإهمال العمل، والعائلة، والصحة، وقد تظهر سلوكيات شديدة الخطر لتأمين المخدر، هذه المرحلة تُعرف باضطراب استخدام المادة، إذ يستمر التعاطي على الرغم من الأضرار الواضحة.

إن التدخل المبكر هو مفتاح التعافي.

كلما اكتُشف الإدمان مبكرًا، كانت فرص التعافي أعلى... إذا شعر المدمن أن «الهروب» بالمخدرات أصبح ملاذه الوحيد، فهذه إشارة إلى البحث عن الدعم المهني فورًا.

أولًا: تقييمًا نفسيًّا شاملًا لتحديد جذور المشكلة.

ثانيًا: جلسات علاج فردية وجماعية لمعالجة الاعتماد العاطفي والجسدي.

ثالثًا: دعم مستمر عبر برنامج زمالة المدمنين المجهولين لتبادل الخبرات وبناء شبكة دعم متينة.

إن التعافي ممكن، ويبدأ بخطوة صغيرة وهي الاعتراف بوجود المشكلة وطلب المساعدة.

لكن، لماذا يمتنع المدمن عن طلب المساعدة؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة