كيف يتحكم الكروموسوم في توزيع الصفات الوراثية؟

هل سألت نفسك من قبل عن سبب هذا التباين في ملامح كل شخص؟ إن صفة واحدة في وجه أي منا قد تغير ملامحه للأبد ليصير شخصًا آخر، فالأنف المستقيم يختلف عن الأنف المفلطح، وكل منهما ينتج عنه مظهر مختلف تمامًا. وهكذا نجد أن ملامحنا تتباين تباينًا كبيرًا حتى بين التوائم المتشابهة، فإنك تجد بعض الاختلافات، وهذا كله لم يحدث صدفة، بل إن هذا ما يُسمى بعلم الوراثة.

ما علم الوراثة؟

بكل بساطة هو العلم المسئول عن تحديد صفات الكائنات الحية، ليس الشكلية منها فقط، بل حتى بعض الأخلاق وطريقة الكلام، حتى الأمراض التي يُصاب بها الإنسان طيلة حياته جزء كبير منها يتعلق بالوراثة.

من المعروف أن الخلية هي المكوِّن الأساسي لجسم كل كائن حي على وجه الأرض، وهذه الخلية متناهية الصغر تحمل بداخلها ما يشبه المصنع الصغير الذي لا يتوقف عن العمل للتجدد والتكاثر وإبقاء هذا الجسد في أتم حال.

وفي نواة هذه الخلية يوجد الجزء الأساسي موضوع المقال، وهو المسئول عن توزيع الصفات الوراثية داخل الإنسان، إنه الكروموسوم.

تركيب الكروموسوم

ماذا يوجد داخل الكروموسوم؟

إنه يحمل ما يشبه صورة مطبوعة لصفات كل شخص على الحمض النووي والمسمى DNA، على هذا الحمض تتوزع الصفات الوراثية بترتيب معين وتظهر على صاحبها بناء على هذا الترتيب، من الأقوى والأكثر ظهورًا حتى الصفات الدقيقة والأقل ظهورًا.

فصفة العين البنية مثلًا صفة ظاهرة وواضحة، لكن صفة قصر النظر غير واضحة وتحتاج لتعامل كثير مع الشخص نفسه لتدرك أنه يعاني منها.

وظيفة الكروموسوم هي حمل المادة الوراثية الموجودة على جزيئات الـ DNA، وعند انقسام الخلية في أثناء تكوين كائن جديد تتوزع هذه الصفات الوراثية بالتساوي بين الخليتين، إذن يحتوي جسم الإنسان على 46 كروموسومًا، نصفها من الأب ونصفها من الأم.

وظيفة الكروموسوم

بعد عملية التلقيح داخل الإنسان فإن الطفل يتكون وبداخله 46 كروموسومًا يحمل نصفها صفات الأم، والنصف الآخر يحمل صفات من الأب، وتلك الصفات مرتبة على جزيء DNA بشكل حلزوني، تحمل على سطحها عشرات الآلاف من الجينات المسئولة عن الصفات الوراثية للإنسان، فكل كروموسوم يحمل على سطحه ما لا يقل عن 60 ألف جين.

أنواع الكروموسومات

لأن البشر ينقسمون إلى رجال ونساء، فالكروموسوم أيضًا ينقسم إلى نوعين:

النوع  X

ويوجد في خلايا كل الكائنات الحية سواء ذكور أو إناث، ويحمل ما يزيد عن 1000 جين، ويشبه حرف X.

النوع Y

وهو المسئول عن تحديد جنس الجنين، فإذا وُجد في أي كائن حي فهو ذكر، أي يحمل الرمز  XYوهو رمز الذكر، أما إذا لم يوجد فيكون الرمز الموجود XX وهو رمز الأنثى.

هذا الكروموسوم صغير الحجم مقارنة بالنوع، ويحمل على سطحه ما لا يزيد على 50 جينًا فقط، وهي الجينات الخاصة بظهور صفات الذكورة من خشونة الصوت وقوة العضلات وغيرها.

أما بقية الكروموسومات وهي 22 زوجًا من الأب ومثلها من الأم فهي تحمل الصفات الوراثية الأخرى مثل لون العين والشعر والطول وغيرها من الصفات، وهي كروموسومات جسدية.

الاضطرابات الكروموسومية

اتفقنا أن الكروموسوم حين ينقسم لتكوين كائن جديد فإن هذا الأخير يحتوي على 23 كروموسمًا من الأم ومثلها من الأب، لكن في حالات شاذة يحدث خلل في هذا التقسيم، ينتج عنه أمراض وراثية معينة مثل:

متلازمة داون

وهي الأكثر شيوعًا، وتنتج بسبب وجود كروموسوم جسدي إضافي، يؤدي إلى ولادة طفل ذي ملامح مميزة من رأس كبير وقصر قامة مع انحراف العينين بشكل أشبه بالحوَل، وتسمى تلك الحالة التثلث الصبغي 21 لأن الكروموسوم 21 هو المتكرر.

متلازمة داون

مُتلازمة كلاينفلتر XXY

وكما يتضح من الرمز فإن المصاب بها يحمل كروموسوم X إضافيًّا؛ ما يزيد ظهور علامات الأنوثة عليه مثل كبر الثديين، أو إعاقة في التعلم والنطق، ويكون المصابون بها عقيمين على الأغلب، ويحتاج المريض بها إلى جرعات من هرمون التستوستيرون مدى الحياة.

مُتلازمة XYY

 وهي حالة عكس ما سبق، فهنا نجد زيادة في الكروموسوم  Yوليس X، فإذا كنا نطلق على الحالة السابقة أنه رجل يحمل بعض صفات الأنوثة، فهنا هو رجل يحمل كثيرًا من صفات الذكورة على نحو أكبر من الحد، فهو شخص طويل القامة على نحو ملحوظ وقد يميل إلى العدوانية.

التثلُّث الصبغي        X

وهي بالتأكيد حالات لفتيات ما دامت لا تحتوي الكروموسوم Y، فهي فتاة تحمل 3 كروموسومات X، وليس اثنين كما هو مفترض، وتمتاز بمعدل ذكاء بسيط وأحيانًا بالعقم، مع وجود مشكلات واضحة في الشكل مثل قصر القامة الملحوظ.

تحليل الكروموسومات

إن هذا التحليل يمكن إجراؤه للأم وهي ما زالت في شهور الحمل للتحقق من أن الجنين في بطنها سليم ولا يحمل أي اضطرابات في الكروموسومات لديه تجنبًا لأية متاعب قد تقابله فيما بعد، وفي حالات أخرى تختار الأم أن تجهض جنينها إن علمت بوجود مشكلات لديه حتى لا يتكبد المتاعب والتنمر وسط عالم قاسٍ.

تحليل الكروموسومات

يمكن إجراء هذا التحليل بواسطة عينة من السائل الأمنيوسي حول المشيمة في الشهور الأخيرة للحمل، أو عينة من المشيمة نفسها، لكنها عملية لا تخلو من مخاطرة لأنها قد تسبب الولادة المبكرة.

عمومًا لا يُنصح بإجراء هذا التحليل إلا في حالة وجود حالات وراثية لاضطراب الكروموسومات في العائلة، أو مرض الأم بمرض مزمن، أو حيثما يرى الطبيب.

 المراجع

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة