معاناة كبيرة يعيشها أفراد الأسرة التي بها طفل يعاني من فرط الحركة فقط، أو فرط الحركة وتشتت الانتباه معًا، خاصة ونحن مقبلون على بداية عام دراسي جديد؛ نظرًا لما يسببه هذا الاضطراب من آثار نفسية سيئة على الطفل المصاب به تلقي بظلالها على أداء الطفل أكاديميًّا.
في هذه المقالة نستعرض أهمية الاستفادة من منهج الطبيبة والمربية الإيطالية ماريا منتسوري مع أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه، انطلاقًا من المبادئ والأسس التي تقوم عليها هذه الفلسفة.
اقرأ أيضًا: كيف يمكن الاستفادة من منهج منتسوري مع أطفال طيف التوحد؟
الانتباه ونمو الطفل
إن عملية الانتباه هي إحدى أهم العمليات العقلية التي بواسطتها يستطيع الطفل أن ينتقي المثيرات التي يتعرض لها دون الأخرى عن طريق حواسه المختلفة، وبذلك تؤثر إيجابيًّا في عملية التعلم عامة.
نقص الانتباه عند الطفل في مرحلة ما قبل المدرسة، قد يكون دليلًا على استمراره معه إلى أن يكبر، ما لم يكن التدخل مبكرًا، وتأهيل الطفل وتدريبه على التركيز والانتباه أطول مدة ممكنة.
مشكلة نقص الانتباه عند الأطفال لا تؤثر فحسب في تحصيله الدراسي وأدائه المدرسي، بل أيضًا في علاقاته الاجتماعية وتفاعلاته مع الآخرين، وصعوبة الاندماج في البيئة التي يعيش فيها.
يعاني طفل تشتت الانتباه صعوبة إنجاز المهام الموكلة إليه؛ نظرًا لصعوبة تركيزه دقائق عدة متصلة، وتظهر بوضوح في الدراسة ومتابعة شرح المعلم أو المعلمة أو الانتهاء من عمل طُلب منه، خاصة إذا ارتبط تشتت الانتباه بفرط الحركة.
اقرأ أيضًا: تعرف على بيئة التعلم في منهج منتسوري
لماذا منهج منتسوري؟
يعاني أطفال فرط الحركة وتشتت الانتباه سهولة استثارتهم بأي مثير خارجي؛ ما يؤثر في تركيز الطفل وانتباهه، ومن ثم تحصيله الدراسي؛ لذلك يكون التدريب على إطالة مدة انتباه طفل تشتت الانتباه بالتدريج وأطول مدة ممكنة.
وكالعادة كلما كان تأهيل طفل فرط الحركة وتشتت الانتباه في وقت مبكر وقبل دخول المدرسة كان ذلك أفضل، وانعكس بالإيجاب على أدائه الدراسي. وبالنظر إلى منهج ماريا منتسوري نجد أنه يولي اهتمامًا كبيرًا بخلق بيئة منظمة ومرتبة للطفل، وتقليل الإلهاءات البصرية والسمعية، ومحاولة تعليمه عن طريق اللعب والأنشطة المختلفة.
يلفت علماء النفس إلى أن الأطفال في سن الثالثة والرابعة من عمرهم يكونون أكثر استثارة لأي مثير خارجي من شأنه أن يلتفتوا إليه وينتقلوا من مثير سواء كان سمعي أو بصري لآخر، ما يلقي بظلاله السلبية على أداء هؤلاء الأطفال في التعليم.
ما يميز منهج منتسوري، تلك البيئة الهادئة والمنظمة وإعداد المساحات على نحو يقلل المشتتات التي من شأنها أن تساعد طفل فرط الحركة وتشتت الانتباه في التركيز، فهي تضم بين جنباتها كثيرًا من الأنشطة التي تتطلب تركيزًا من المتعلم، فضلًا على سهولة الوصول إلى المواد والوسائل التعليمية المتنوعة داخل الصف المنتسوري.
اقرأ أيضًا: تعرَّف على دور المعلم وفق منهج منتسوري
أنشطة منتسوري وطفل فرط الحركة
أحد أنشطة الحياة العملية في منهج منتسوري على سبيل المثال، نشاط "المشي على الخط" الذي يهدف إلى السير في طريق مستقيم، والحفاظ على التوازن في أثناء السير، من شأنه أن يساعد طفل فرط الحركة وتشتت الانتباه في التركيز الجيد في أثناء المشي على الشريط اللاصق على الأرض، والحفاظ على التوازن في أثناء السير عندما يمشي على الخط إلى نهايته، قبل أن يستدير ويعود مرة أخرى على الخط نفسه.
نشاط آخر يسمى "سكب الفاصوليا الجافة" من شأنه أيضًا أن يساعد الطفل في الهدوء وزيادة الانتباه والتركيز لديه، فعملية سكب الفاصوليا تعزز الانتباه والتركيز، وكذلك التآزر بين حركة اليد والعين.
الملاحظ في النشاطين السابقين، أن الأدوات المستخدمة فيهما بسيطة وفي المتناول ومن بيئة الطفل وبيته، ما يعني سهولة تطبيقها وتنفيذها داخل كل بيت، كونها لا تمثِّل عبئًا على الأسرة، ومع بساطتها وسهولتها، فإن لها دورًا كبيرًا في علاج تشتت الانتباه وفرط الحركة عند طفلك.
نشاط ثالث لا يقل أهمية وهو "وضع خلة الأسنان في علبة مثقوبة" حيث يضع الطفل عددًا معينًا من خلة الأسنان في علبة بلاستيك أو كوب بلاستيك شفاف صغير والغطاء به ثقب، ويطلب من الطفل وضع الخلة في الثقب باستخدام السبابة والإبهام، هذا النشاط يزيد انتباه الطفل بحيث يأخذ كل خلة ويضعها في الثقب على نحو صحيح، وهكذا إلى أن ينتهي من وضعها كل في الثقوب المخصصة لها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.