كثية تلك المجالات التي يمكن لها الاستفادة من تطبيق مبادئ الطبيبة الإيطالية ماريا منتسوري، مؤسسة منهج منتسوري، أحد الأنظمة التعليمية التي برزت بقوة خلال العقود الأخيرة، بعدما أثبت فاعلية كبيرة وحقَّق نتائج مبهرة مع ذوي الاحتياجات الخاصة؛ ما يجعلنا نتساءل: ماذا لو تم تطبيقه على الأطفال العاديين وفي سن مبكرة؟
بالطبع ستكون النتائج أكثر إبهارًا وفاعلية. في هذه المقالة نسلط الضوء على أوجه الاستفادة من منهج منتسوري في تنمية المهارات المختلفة لدى الأطفال.
اقرأ أيضًا: هكذا نستفيد من منهج منتسوري في مرحلة الروضة
مهارات الطفل المنتسوري
ما يميز منهج منتسوري بصفته نظامًا تربويًّا وتعليميًّا أنه يرتكز على المتعلم، فكل شيء في العملية التعليمية المنتسورية تنصب لخدمة المتعلم، بدءًا من التعلم الذاتي وتشجيع الاستقلالية والاعتماد على النفس، واختيار الأنشطة التي تلائم إمكاناته وقدراته، وصولًا إلى تقييم الطفل ليس بناءً على مرحلته العمرية أو مقارنته بأقرانه.
فالتقييم هنا مختلف عن طرائق التقييم التقليدية القائمة على الامتحانات والاختبارات الموحدة، ولكن يركز منهج منتسوري على تقييم النمو الفردي للطفل عن طريق جمع المعلومات وملاحظة نشاط الطفل داخل الصف المنتسوري.
على سبيل المثال، يضم منهج منتسوري للمرحلة العمرية من 3 إلى 6 سنوات عدة أقسام منها: الرياضيات، اللغة، العلوم، الجغرافيا، التاريخ، الحياة العملية، وتنمية الحواس، وكلها مهارات يتم تنميتها لدى الطفل منذ صغره، عن طريق مجموعة من الأنشطة المختلفة والمتنوعة لتنمية هذه الجوانب المختلفة من شخصية الطفل.
يستخدم الطفل الأدوات والوسائل المتنوعة من بيئته في نشاطاته المختلفة، ويختار من بينها ما يناسب قدراته وإمكاناته ورغباته قبل كل شيء.
عامة تهدف فلسفة منتسوري إلى تنمية مهارات الطفل الحياتية والاجتماعية والأكاديمية والشخصية وكذلك الإبداعية التي يحتاج إليها في تفاعلاته وعلاقاته اليومية داخل الصف المنتسوري الذي يطلق العنان للطفل لكي يختار ما يتعلمه.
اقرأ أيضًا: كيف نستفيد من مبادئ منتسوري مع طفل فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
المهارات الحياتية
لنبدأ بمهارات الحياة العملية في منهج منتسوري، التي تنمي فيه الاعتماد على النفس، والرعاية الشخصية، وذلك بتعليمه مهارات الحياة اليومية مثل النظافة الشخصية، وتنظيف الأسنان واستخدام المرحاض بطريقة صحيحة، وإعداد الطعام، وترتيب البيئة المحيطة من حوله.
فضلًا على تحمل بعض المسؤوليات الصغيرة داخل الصف المنتسوري، فيتعلم الأطفال أهمية المسؤولية والالتزام بالمهام، وهو ما ينمي لديه تحمل المسؤولية. يتعلم الطفل كذلك كيف يرتدي ملابسه بنفسه، وربط الحذاء وتلميعه، وقفل أزرار القميص، وهذه أنشطة تعزز من جانب آخر مهارات التآزر الحركي البصري بين اليد والعين.
المهارات الحركية
يضم منهج منتسوري كثيرًا من الأنشطة اليدوية، مثل اللصق، والتقطيع، والرسم، والتشكيل بالصلصال، وهذه كلها أنشطة من شأنها أن تساعد الطفل في تطوير التنسيق بين اليد والعين وتعزيز المهارات الحركية الدقيقة.
فضلًا على التقاط الأشياء الصغيرة التي من شأنها أن تساعد في تقوية العضلات الدقيقة للطفل، وتنسيق حركة اليد والعين -التآزر الحركي البصري- ما يُسهم في تحسين المهارات الحركية للطفل.
إلى جانب الأنشطة البنائية الأخرى مثل ترتيب الأشكال، وتركيب المكعبات والألعاب البنائية الأخرى التي تعزز مهارات التنسيق والتفكير المكاني.
المهارات الاجتماعية
قد يكون من المناسب جدًا للطفل الخجول الذي يخشى التفاعلات الاجتماعية، التدريب على منهج منتسوري الذي يشجع على التواصل الفعال مع الآخرين وبناء علاقات اجتماعية من طريق العمل معًا في الأنشطة الجماعية التي تعزز قيم التعاون بين الأطفال.
فضلًا على زيارة المرضى، ومساعدة المحتاج، واحترام الآخرين، والتفاعل معهم، يتعلم الأطفال كذلك طريقة التحدث بأدب، والتعبير عن مشاعرهم دون خجل، وحل الخلافات والنزاعات بطريقة ودية سلمية، وكلها أنشطة من شأنها تنمية مهارات التواصل وحل المشكلات.
المهارات الأكاديمية
توجد أيضًا المهارات الأكاديمية، حيث يتعلم الطفل القراءة والكتابة عن طريق توفير أدوات ووسائل تعليمية مثل الحروف المنقطة والألواح الرملية التي تعزز فهمهم للأبجدية وصوتيات اللغة.
وفي الرياضيات نجد أن منهج منتسوري يستخدم أدوات ملموسة من بيئة الطفل مثل المكعبات والشرائط لتعليم المفاهيم الرياضية الأساسية، ما يساعد الأطفال في فهم الأعداد والعمليات الحسابية بطريقة تجريبية ومرئية.
إضافة إلى أن منهج منتسوري يوفر موادَّ تعليمية تساعد الطفل في استكشاف مبادئ العلوم الطبيعية والبيئية.
المهارات الإبداعية والتفكير النقدي
إذا كانت المناهج التقليدية تشجع الطفل على الحفظ والتلقين، فإن منهج منتسوري، يطلق العنان للعملية الإبداعية والابتكارية لدى الطفل عن طريق الأنشطة المختلفة والمتنوعة التي تستهدف تنمية شخصية الطفل من كافة جوانبها.
فيوجد الرسم والتلوين والتشكيل بالألوان المختلفة، معتمدة في ذلك على إطلاق العنان لخيال الطفل وقدراته الإبداعية الفنية.
اقرأ أيضًا: تعرَّف على دور المعلم وفق منهج منتسوري
الخلاصة
يوفر منهج منتسوري فرصة عظيمة للآباء والأمهات للاستفادة من مبادئه ومحاولة تدريب الطفل عليها في البيت بأدوات ووسائل سهلة وبسيطة وفي متناول كل الأسر، فالصف المنتسوري مصمم على أساس قاعة الأسرة، وعلى هذا يمكننا تنمية وتطوير مهارات الأبناء من جميع جوانبها، وإعداده بقوة لدخول الحضانة ثم المدرسة، إلى جانب تمضية الطفل وقت فراغه في أنشطة تنمي مهاراته المختلفة وتكسبه أخرى جديدة.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.