كيف نربي أبناءنا في هذا الزمان؟

كيف نربي أبناءنا في هذا الزمان؟ وما السبيل لكي نخرج شخصًا سويًا في مجتمعه؟ وما النصائح التي يجب معرفتها عن تربية الأبناء؟ كل هذه التساؤلات التي تراود أذهان كثيرًا من الآباء والأمهات وغيرها نجيب عنها في هذا المقال.

قبل أن تفكر في الإنجاب

ما لا يدركه كثيرون ممن يقدمون على الزواج من الشباب والفتيات أن تربية الأبناء تبدأ قبل أن يقرر أي منهما من سيكون شريك حياته المستقبلي، ويحرص المتزوجون حديثًا على إجراء الفحوص الطبية قبل الزواج للتحقق من استعدادهما للزواج والإنجاب، على كل طرف من الجنسين أن يحسن اختيار شريك الحياة.

فالشاب قبل أن يقرر الزواج بفتاة يحبها لمظهرها وجمالها أو حسبها ونسبها ومالها، عليه أن يدرك أنه لا يختار زوجة لنفسه فقط، وإنما أمًّا لأولاده في المستقبل، وأيضًا الفتاة عليها أن تختار أبًا لأولادها قبل أن تختاره زوجًا وفارسًا لأحلامها، لكيلا تستفيق من هذه الأحلام بكوابيس تنغص عليها حياتها لاحقًا.

للأسف حالات الطلاق المرتفعة في السنوات الماضية تؤشر إلى سوء اختيار وانبهار بالظاهر دون اهتمام بجوهر الإنسان الذي يختار شريك حياته، فالذي ينخدع بالمظهر سرعان ما يكتشف الحقيقة المرة، فتكون النتيجة صادمة ويبقى درسًا له يتعلمه طوال حياته.

وهذا درس لكل ذي عقل ألا ينخدع بالشكل أو المظهر، وإنما يبحث عن المنبت الطيب والأصل الحسن، فأغلب الشباب والفتيات يقعون في مدة الخطوبة في هوس الحب الأعمى للدرجة التي لا يرى فيها مساوئ الطرف الآخر، التي يستحيل معها الحياة، ورغم تحذيرات المحيطين، يغامر ويخوض تجربة دلت بدايتها على نهايتها حتى قبل أن تبدأ.

اقرأ أيضًا: ما الذي يجعل الطفل عدوانيًّا؟

الطفل أعقد من أي آلة

توجد مقولة جميلة تقول: "الطفل أعقد من أي آلة، وتحتاج تربيته الرشيدة إلى معرفة وخبرة وحذق، لكن الناس لا يحبون الاعتراف بذلك". فعندما يشتري الواحد منا آلة أو جهاز كمبيوتر لم يسبق له التعامل معه، أول شيء يفعله قبل محاولة فكه وتشغيله، هو أن يطلع على (الكتالوج) الخاص به، أو سؤال من لهم خبرة ودراية، بل إن الصانع يحذر من استخدام الآلة الجديدة قبل امتلاك المعرفة الجيدة بها، هكذا تربية الأبناء تحتاج إلى قراءة واطلاع ومعرفة لكي تستطيع أن تربي جيدًا.

الناظر إلى حال الشباب والفتيات هذه الأيام في الشوارع والمدارس والنوادي وكل مكان، يستطيع أن يخلص إلى غياب التربية، وغياب دور الأبوين، للدرجة التي نتساءل فيها: هل يعقل أن يكون آباء وأمهات كل أولئك الشباب والفتيات مطلقين أو مسافرين أو توفاهم الله؟!

كيف لفتاة في عمر الزهور تخرج من بيتها بهذا اللباس الضيق الذي يصف جسمها؟ كيف لها أن تضع كل مواد التجميل هذه على بشرتها في هذه السن الصغيرة؟ أين آباء هؤلاء الشباب الذين يتسكعون على النواصي وأمام مدارس الفتيات ببناطيل ممزقة، وقصات شعر غريبة، وأخلاق بذيئة؟!

اقرأ أيضًا: هل يعامَل المراهق معاملة الرجال أم الأطفال؟

قبل إنجاب طفل

من المهم للمقبلين على الزواج معرفة بعض المعلومات التربوية الأساسية والضرورية التي لا غنى عنها، التي من شأنها أن تساعد على نحو أفضل في الاستعداد لمهمة الأبوة أو الأمومة، فالطفل يمر بمراحل نمو منذ لحظة تخلقه في بطن أمه مرورًا بالولادة والرضاعة وصولًا إلى مرحلة الفطام، بما تتضمنه كل مرحلة من خصائص يجب معرفتها؛ لكي يسهل التعامل مع الطفل.

الأمر المبشر هي حالة الوعي المتنامية في السنوات الأخيرة بأهمية التربية، التي تتجسد في رغبة كثير من الآباء والأمهات في التعرف إلى أفضل الطرائق والمناهج التربوية للتعامل مع الطفل، وهذه نقطة إيجابية تحسب للآباء من باب المحاولة والاعتراف بالتقصير نحو الأبناء والبحث عن تصحيح المسار.

والتربية على هذا النحو عملية صعبة ومعقدة وتتطلب كثيرًا من التضحيات، فالأبوة والأمومة ليست بهذه السهولة التي يتصورها البعض دون تقديم تضحيات، وإلا أخبرني ماذا تساوي كلمة "بابا" أو "ماما"، للأسف لا يدرك قيمتها إلا من حرم منها، وهكذا نحن معشر البشر لا نستشعر النعم إلى بفقدها.

اقرأ أيضًا: كيف نُخرج طفلًا منضبطًا؟

أين ثمرة تربيتي؟

كثيرًا ما نسمع من بعض المربين أنه لا يرى ثمرة تعبه وتضحياته في تربية أبنائه، لقد قرأ وسمع وشاهد كثيرًا من المتخصصين وعمل بكلامهم، ومع هذا لا تزال بعض سلوكات الطفل كما هي لم تتغير، أين المشكلة إذن؟

المشكلة تكمن في الاستعجال لقطف الثمرة المرجوة، فهل يعقل مثلًا أن يضع الفلاح البذرة في التربة، ثم يجني الثمرة في اليوم التالي؟ هذا غير معقول ولا مقبول على الإطلاق، فالتربية طريق طويل علينا الاستمرار فيه سواء رأينا أم لم نر النتائج بعيننا، فلا داعي إلى اليأس والقنوط، فالإنسان مطالب بالسعي والأخذ بالأسباب، والنتائج في تقدير الخالق عز وجل.

لا شك بأن التغيرات المتلاحقة حولنا كل لحظة تلقي بظلالها على عملية التربية، فتربية الأبناء اليوم ليست كتربية الأبناء في الأمس، وتربية الأبناء في مجتمع الريف والمدن الصغيرة تختلف عن تربية الأبناء في المدن الصناعية والحضر.

في السابق، كان يوجد نوع من التكافل في التربية، فالأب والأم ليس هما فقط من يربيان، فتوجد الجد والجدة والعم والخال حتى الكبار سواء الأقارب أم الجيران، أما الآن فكثير من الآباء يرفض تدخل الآخرين في طريقة تربيته لأولاده، وهذا يعني أن إصلاح أي خلل في التربية من مسؤولية الوالدين تحديدًا.

اقرأ أيضًا: الشجار بين الأبناء.. كيف يواجه الوالدان هذه المشكلة؟

ولدك منحة أم محنة؟

تتفاوت معاناة الآباء والأمهات في تربية الأبناء، وإن وجدت قواسم مشتركة بينها، فالعناد والشجار وسرعة الغضب والأنانية وغيرها من المشكلات المرتبطة بمرحلة الطفولة المبكرة، تكاد تكون موجودة لدى كل الأطفال في هذه المرحلة العمرية.

لكن أحيانًا نسمع من إحدى الأمهات عند سؤالها عن تربيتها لطفلها، بأنه آية من آيات الله، في هدوئه وراحته وعدم إزعاجه وذكائه، في المقابل كثير من الأمهات تشكو سوء خلق أطفالها وحركتهم الزائدة، وعنادهم الشديد، وسرعة غضبهم، ورفضهم تنفيذ الأوامر.

ولكي تمر المرحلة بسلام وأمان، يجب على الوالدين القراءة والاطلاع على خصائص هذه المرحلة، حتى يتمكنا من التعامل الجيد معها ومحاولة تعديلها على نحو سليم، لا يترك آثارًا سلبية على الطفل.

مثل هذه الأخطاء التي يقع فيها الأبناء، تعد فرصة تربوية لكي يستزيد الوالدان والمربيان من الثقافة العامة في تربية الأبناء، والمضي قدمًا قي تهذيب سلوكات الأبناء، بدلًا من الوقوف بسلبية ولا مبالاة.

الجمود ورفض التغيير ضد الفكر التربوي والثقافة التربوية، لا سيما في ظل المتغيرات الكثيرة والمتلاحقة حولنا، والمطلوب منا معاشر الآباء والأمهات تنويع الأساليب وتجريب طرائق عدة، وهذا ما يعبر عنه بعض الآباء بالقول: إن أسلوبًا تربويًا معينًا نجح مع الابن الأكبر، لكنه فشل مع أخيه الأصغر، إلا أن ما يثير الاستغراب حقيقة هو أن ينجح أسلوب تربوي واحد مع كل الأبناء".

فتوجد فروق فردية في القدرات والإمكانات والمهارات والذكاءات وغيرها، تحتم تجربة أكثر من طريقة، وأن يكون لدى المربين مرونة في تغييرها حتى تحقيق النتائج المرجوة.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة