كيف نتعامل مع كوكب الأرض على أنه جمهورية واحدة متكاملة؟

لما كان الجميع يعدون أبناء كوكب واحد، وأبناء أب وأم سكنا ذلك الكوكب، وانتشرت ذريتهما فيما بعد في أصقاعه المترامية الأطراف.

وبعدّ الجميع يحملون الصفات الجسدية والصفات النفسية نفسها تحت مسمى واحد هو الإنسان؛ أي ذلك الكائن المتمتع بمواصفات واحدة، لكن بملايين النسخ التي تكّوِن البشرية جمعاء.

وبناء على كل المعطيات السابقة، فقد انتفت الحاجة إلى أن يتقوقع ذلك الكائن الإنساني ضمن كانتونات وتجمعات تسمى دولًا ولها حدود.

اقرأ أيضًا كروية الأرض بين الأدلة العلمية والأهواء الشخصية

جمهورية الأرض

يجب أن يكون كوكب الأرض جمهورية بشرية واحدة مقارنة بالكواكب الأخرى، فالانتماء الحقيقي للكون، وليس لانتماءات متفرقة على كوكب واحد.

تلك الجمهورية الأرضية تتشكل من مقاطعات عدة حالها كحال أي دولة حالية، تكوّن بالمحصلة مجتمعة تلك الدولة التي تضاهي الدول الأخرى في الكواكب عامة.

مقاطعاتها هي آسيا وإفريقيا وأوروبا وأمريكا وأستراليا ونيوزيلاندا وأوقيانوسيا والقطبان الشمالي والجنوبي.

ويربط بينها شبكة مواصلات عالمية أولها شركة طيران واحدة وطنية، وشبكة سكك حديدية، وطرق سيارة سريعة ومواصلات بحرية متعددة، وذلك خدمة لسكان الجمهورية الأرضية ضمن الكوكب الواحد.

بمعنى أن كل وسائل المواصلات المذكورة تكون مواصلات داخليةً، وأما الخارجية منها ستكون بغية التواصل مع الدول الأخرى في الكواكب المجاورة، فتكون شركة طيران خارجية أسطولها صواريخ فضائية بين الكواكب.

تلك الدولة الأرضية يرأسها شخص واحد اسمه رئيس الدولة، وينتمي إلى إحدى مقاطعاتها الأساسية، وينتخب بالاقتراع العالمي، وكذلك الحال بالنسبة إلى الحكومة المركزية ورئيسها، وكذلك البرلمان، مع وجود حكام للمقاطعات الأساسية المكونة لتلك الدولة، فنجد حاكمًا لأوروبا وحاكمًا لآسيا وحاكمًا لأمريكا وحاكمًا لإفريقيا... إلخ.

لا حدود البتة بين أراضي تلك الدولة، فالتنقل بين مقاطعاتها ومدنها المتعددة لا يحتاج إلى أوراق ثبوتية أو فيزا أو ما شابه ذلك.

عملتها واحدة؛ لأن اقتصادها واحد، ومواردها واحدة، وتوزيع الثروات الطبيعية وغير الطبيعية للجميع دون زيادة أو نقصان.

اقرأ أيضًا كيف عرفنا أن الأرض كروية قبل أكثر من ألفي عام؟

لا وجود للهجرة

عند إنشاء تلك الدولة تنتفي معها كل مظاهر السيطرة القديمة عندما كانت توجد دول وممالك، وبذلك حدود يصعب اجتيازها، فتتوطد حاجة الناس إلى البقاء في أمكنتهم؛ لأن الحاجة إلى الهجرة قد انتفت، فلا داعي لركوب البحار والغرق والموت.

ومن أراد السفر فلن يعدو عن كونه تنقلًا بين المقاطعات والمدن في الدولة الواحدة.

وكذلك تنتفي كل مظاهر الظلم والتعسف والعنصرية والقومية المزيفة التي كانت تنتج حالاتٍ عدائيةً بحتة تحت مسمى التفضيل العرقي.

عندها ينتفي الغل من نفوس البشر، ويحل مكانه الحب والود، والتسامح والتضامن والتكافل؛ لأنه لم تعد توجد مجتمعات مُسيرة وغنية، ومجتمعات مُسَيطر عليها وفقيرة، تتطلع إلى الهجرة إلى المجتمعات الأولى بغية حياة أفضل.

عندها تنتفي حالات وضع اليد على الموارد الطبيعية كما كان سابقًا؛ بحجة أنها موارد وطنية بحتة لقوم ما دون الآخرين، فتحتكر من حكام يصرفونها على ملذاتهم الشخصية دون رقيب أو حسيب.

عندها تنتفي كل أنواع الصراع والحروب لتملك الأراضي، فلم يعد يوجد داعٍ لذلك، فالحدود غير موجودة، وبذلك ينتهي التهديد بالقوة، وأولها السلاح النووي، فيفقد فاعليته بفقدان العدو المفترض.

وتغلق كل مصانع الأسلحة، ويلغى سباق التسلح، فمن غير المعقول أن نجد سباقًا من هذا النوع ضمن الدولة الواحدة.

عندها تتضامن كل الشعوب وتنصهر في بوتقة واحدة؛ لتصبح شعبًا أرضيًا واحدًا، ويلغى توصيف الإنسان حسب لونه وعرقه ودينه.

اقرأ أيضًا كل ما يمكنك معرفته عن كوكب عطارد أصغر كواكب المجموعة الشمسية

ثقافة واحدة وشعب واحد

وأما موضوع اللغة والدين والثقافة فستجد طريقها للحل سريعًا؛ لأنها من مخلفات التكتلات الماضية، فهي كانت تحصيلًا حاصلًا لها؛ لذا ستحل محلها ثقافة واحدة، تربط الجميع بعدهم شعبًا واحدًا؛ لأن تعدد الثقافات يعني تعدد الشعوب، وبتعدد الشعوب يعني بقاء الصراع.

عندها تندثر نهائيًا فكرة الهجرة من الوطن إلى مجتمع آخر ووطن جديد، فيه كثير من المكاسب والأرباح.

وهذا المجتمع الجديد الذي يوصف بأنه حقق إنجازات هائلة في المجالات كافة، وأغلق على نفسه الحدود؛ لكي يضمن سلامته من غزو الآخرين بروح مملوءة بالأنانية والعنجهية وفرض هيمنة واحتلال سابقين، وارتباطات حالية بعد التحرر هدفها استمرار الهيمنة على الموارد الطبيعية.

فيكون المهاجر الجديد هو الفائز الذي سنحت له الظروف مهما كان نوعها بأن ينخرط في ذلك المجتمع، ويصبح فردًا من أفراده حاله كحال من ربح بطاقة يانصيب.

قبل الشروع ببناء الدولة العالمية الواحدة يجب تهيئة الأرضية، وخلق الظروف الملائمة، وذلك ببدء تحرير تلك الفكرة من الحلم إلى الواقع، وإدراجها فكرةً جادةً يمكن تحقيقها يومًا ما.

وذلك بتوعية الأجيال الناشئة التي تكون الدعامة الأساسية للبدء في إخراجها بعدها حلًا حتميًا وحيدًا يتطلب كثيرًا من التضحيات في سبيل الوصول إلى الهدف المنشود.

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة