إذا كانت النهايات تُعرف بما نبدأ به أو من منطلق الاتجاه الذي نختاره، فكان علينا أن نهتم بالتفاصيل في أثناء عملية البناء. ذلك هو شأن الفرد في أسرته. إن الأب والأم هما اللذان يصنعان الإطار الذي تواصل المدرسة الرسم والنقش داخله. فالمكتسبات الأولى هي التي تستمر وتحدِّد شخصية الطفل.
اقرأ أيضًا تمكين العقول.. أهمية التعليم في عالم اليوم
التعليم في الصغر كالنقش على الحجر
إن مهارة العزف على البيانو التي تعلمتها في صغري من أمي هي التي كانت الأساس في نجاحي في مسابقة الالتحاق بمدرسة الفن والموسيقى لأصبح عازفًا من الطراز الأول.
وإن ابن أخي الذي كان دومًا يراقب أباه وهو يُجري العمليات الحسابية الخاصة بالمبيعات ونِسب الربح التجاري أهَّلته هذه العمليات ليكون متفوقًا في مجال الرياضيات، فهو الآن من أنجب الطلاب في دفعة التخرج. وأخوه يهتم اليوم بالكيمياء لأنه في طفولته لم يُمنع مما كان يقوم به من خلطات لمواد متنوعة، كان حينها يأمل أن يكتشف مواد جديدة.
اقرأ أيضًا ما هي العوامل التي تؤثر في تعلم الأطفال لغة جديدة؟
هل للمتابعة والاهتمام الأسري أثر في صنع الذات؟
إن الحب والرعاية هما الطاقة التي تشحن بها القلوب والنفوس؛ لنكون أصحاء وقادرين على العيش بين المجتمع. فعلاقة الوالدين السوية هي الشاشة الصغيرة التي منها يتعرف الطفل على مجتمعه. فإن كانت سلوكيات واضحة وسليمة يبدأ الولد بالدخول إلى المجتمع بكل حب وتفهم وقدرة على التأقلم ومسايرة الأحداث.
وأما إن ظهر الخصام والأنانية وحب التسلط من طرف أحد الأبوين في تعاملاتهما فكيف لهذا الولد أن يتقبل المجتمع الذي يعيش فيه وهو قد أخذ في صغره كل ما هو سلبي عن العلاقات بين الأفراد.
لن نجني إلا ما زرعنا. فما وجودنا إلا ثمار لبذور قد زُرعت بالأمس. إن ما نتعلمه من شخص قريب أو بعيد ومما يحدث حولنا إنما هي تجارب لا تظهر إلا حينما تتوفر الظروف المواتية.
فقد يكسب الشخص مهارة معينة ولكنه لم يوفَّق لينتفع بها مدة من الزمن، حتى غيَّر المكان فأدرك أنه في مجتمع يحتاج إلى ما قد تعلمه في وقت سابق، فتنفجر موهبته ليعطي الأحسن والأجود مما اكتسب ولو بعد زمن طويل. فالذي رسخ في العقل باقٍ بقاء الإنسان.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.