كيف فاز (بوبي فيشر) على منافسه (سباسكي) في بطولة العالم للشطرنج؟ إنها قوة غير المتوقع. ستندهش من طريقة (بوبي فيشر)، وكيف أنه استطاع بقوة المفاجأة غير المتوقعة أن يهز ثقة منافسه الراسخ في هذه اللعبة لعبة الشطرنج، تابع معي لتتعرف على الطريقة.
(بوبي فيشر) عبقري الشطرنج الأمريكي الذي فاز على منافسه بطل الاتحاد السوفيتي (سباسكي) في بطولة العالم للشطرنج عام 1972 ليخسر (سباسكي) الَلَّقب، ليصبح بعدها (بوبي فيشر) أول بطل شطرنج أمريكي يحمل اللقب ويفوز على بطل العالم.
اقرأ أيضًا القوة الكامنة ... THE POWER INSIDE
قوة غير المتوقع قانون من قوانين القوة
من كتاب (قوانين السيطرة) أو (48 قانونًا للقوة) للكاتب الأمريكي روبرت جرين، يقول: الناس يحبون ما ألِفوا ويرهبون كل غريب وغير متوقع، وتشوش عليهم تفكيرهم وتشل تحركاتهم تلك التصرفات المباغتة.
كان لي صديق في لعبة الشطرنج، كلما نازلني فيها غَلبني، والغريب أن مستواه في لعبة الشطرنج كان أقل من مستواي بفارق كبير، ذلك إذا تحاشيت ثباته أثناء اللعب، ونظراته الحادة لي ولرقعة الشطرنج. هذا ما أدركته من سر تفوقه عليَّ، كان يُقدم على رقعة الشطرنج ويُمسك قطعة الشطرنج ويحركها بقوة وثبات، هذا ما كان يهزني مع كل خطوة بيده، هذا الفعل الذي لم أكن أتوقعه تمامًا.
اقرأ أيضًا أهم أنواع لعبة الشطرنج.. تعرف عليها الآن
خطة جعلت بوبي فيشر يفوز بلقب بطل العالم للشطرنج
تمامًا هذا ما كان يعتمد عليه رجل الشطرنج الأول (بوبي فيشر)، الحرب النفسية لمنافسيه، ولعل أشهرها هذه الحادثة التي انتصر فيها على غريمه (سباسكي) في بطولة العالم للشطرنج التي أُقيمت في أيسلاندا عام 1972، حين تأخر (فيشر) عن موعد المباراة أمام منافسه (سباسكي)، وعندما وصل أخيرًا أخذ يبث شكواه ويتذمر وينتقد وينفث في الأجواء سُحب التوتر النفسي وتشتيت الانتباه وتفتيت التركيز، فلم تسلم من انتقاداته المُفتعلة طريقة الإضاءة وصوت الكاميرات وحتى المقاعد التي كان سيجلس عليها هو و(سباسكي)، بدا وكأنه يتحجج بما يفضي بلجنة التحكيم لإلغاء المباراة.
حتى تساءل الناس: هل يتلاعب بمشاعرهم؟ هل هو خائف من (سباسكي)؟ حتى إن بعض المحلِّلين وصفوه بأن لديه حالة من التوتر العصبي أو الجنون، بل إنه أتى بما ليس متوقعًا على الإطلاق، ولعب لعبته على رقعة الشطرنج التي جعلت خصمه يحاصر شاته في مأزق، وبعد صراع شهدته رقعة الشطرنج فاز عليه (سباسكي).
الفخ
شيء من الانتشاء والزهو ما شعر به (سباسكي) بهذا الفوز المتوقع من وجهة نظره، ولكن هذا الشعور لم يدم طويلًا، فقد كان (فيشر) يضمر داخله الخطة التي ستدحض أسطورة (سباسكي) والتكتيتك الذي سيسحق به غريمه وينتصر عليه انتصارًا ساحقًا.
إنه الأمر الذي لم يكن من عادة (فيشر) أن يأتي بمثله، يبدو أنه كان يسعى لتنويم غريمه تنويمًا مغناطيسيًّا، فإنك حين تُوهِم عدوك أنه تمكَّن منك وقضى عليك، وقتها سيتخدر بخدر مزيف من النشوة.
حتى جاء موعد المباراة التالية، فقد حضر (فيشر) وتعلوه نظرة حادة واثقة أزعجت (سباسكي)، وجعلته يشتمُّ رائحة الفخ في تصرفات (فيشر)، ولكنه فخ غير مفهوم، وقبل أن يفيق (سباسكي) من شكوكه وحذره كان قد فاجأه (فيشر) بحصار شاته والفوز عليه.
في الحقيقة كانت هذه التكتيكات غير المعهودة من (فيشر) هي التي أفقدت (سباسكي) توازنه وأسقطته في فخ (بوبي فيشر) وسحقته بلا رحمة، بعد ذلك وفي جميع المباريات التالية أدى (فيشر) نقلات لم يؤدها طوال تاريخه وهي غريبة على أسلوبه في لعبة الشطرنج، ما أربك منافسه وجعله يخسر، حتى إنه تلاشى النظر في عين (فيشر) لكي لا ينوِّمه مغناطيسيًّا كما يظن، ولكنه ظل يخسر للنهاية!
كان (سباسكي) من أذكى وأعظم لاعبي الشطرنج، فما الذي حدث؟
أرأيت كيف فاز (بوبي فيشر) على منافسه في بطولة العالم للشطرنج؟.. إنها قوة غير المتوقع، وما يترتب عليها من تدمير وتفكيك حشود تأهبك النفسي بين الشائعات والتصرفات المباغتة، وتلك السحابة من الغيوم التي تلف خطواتك القادمة، وتحجب عن منافسيك قدرتهم على التحليل الصحيح والاستدلال والاستنباط المنطقي.
يقول التاريخ إن (سباسكي) كان مختصًّا بعلم النفس، ولديه قدرة خارقة على قراءة استراتيجيات خصومه وتسخيرها ضدههم، وقيل عنه إنه كان يبني هجمات بلعبة الشطرنج ليس لسبع خطوات قادمة بل لسبعين!.. ولذكاء ومكر (فيشر) فقد استخدم طريقة (سباسكي) لهزيمته، وجعل المباراة في يده، وعمد إلى ارتكاب أخطاء فادحة في اللعب وتظاهر بعدم امتلاكه استراتيجية واضحة، حتى شوَّش تفكير (سباسكي) وعقد تدبيره ضده، حتى لو أدى به ذلك إلى الهزيمة في المباراة الأولى، ليكون النصر حليفه في المباراة الثانية.
اقرأ أيضًا أهمية وفوائد لعب الشطرنج لكبار السن
الدرس الذي تعلمته مما حدث
إن الدرس المستفاد من هذه الواقعة، أنه أولًا، ولكي تفوز، عليك أن تتحلى بالصبر لأقصى درجة، وأن تدرس وتحلِّل طريقة تفكير خصمك، وكيفية تحركاته، ثم تخالف توقعاته؛ لأن هذا يربكه ويشل تفكيره ويسقط عنه أدواته، ويجرده من تكتيكاته، سواء أكان هذا في أثناء لعبة الشطرنج أم في الحياة؛ لأن الناس الذين لا تتوقع أفعالك تصيبهم الرهبة فيترقبون في حيرة وارتباك.
يظن كثير من الناس خطأً أنهم إن ركنوا إلى طبيعة الروتين ولم يلجأوا إلى تغيير نسق سلوكهم ولم يزعجوا أحدًا، فسوف يدعهم الآخرون في حالهم، عليك أن تتخلص من هذا الاعتقاد، ليس مع القاصي والداني، ولكن مع هذه النوعية من البشر.
يوليو 25, 2023, 4:02 م
مقال رائع ، احب لعة الشطرنج ، الشطرنج لعبة الملوك و الاذكياء
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.