كيف غزت الثقافة الكورية العالم بهذه السرعة؟

في سبتمبر عام 2021 صدر مسلسل كوري جديد اسمه (لعبة الحبار)، وسرعان ما اجتاح العالم بأسره، وتصدّر قائمة المشاهدة في العالم أسابيع.

وقد حققت الدراما الكورية أكثر من 2 مليار ساعة مشاهدة، وأكثر من 250 مليون مشاهد في العالم.

وهكذا صار مسلسل (لعبة الحبار) أكثر المسلسلات غير الناطقة بالإنجليزية مشاهدة في التاريخ، بل تجاوز الإنتاجات الغربية الضخمة مثل (لعبة العروش)، أو (بري كينغ باد).

قد يعجبك أيضًا الثقافة الكورية ... لماذا؟ وإلى أين تذهب؟

الثقافة الكورية تغزو العالم

حتى قبل (لعبة الحبار) صُنع فيلم (الطفيلي)، وهو فيلم كوميديا وإثارة نفسية كوري صدر عام 2019، وحقق في مدة وجيزة نجاحًا عالميًا، وخلق ضجة سينمائية وصل صداها إلى هوليوود.

وأصبح أول فيلم غير ناطق بالإنجليزية يفوز بأربع جوائز أوسكار بما في ذلك جائزتا أفضل فيلم وأفضل مخرج.

وقال (بونغ جون هو) مخرج الفيلم إنه كان يعتقد أن الأمر انتهى عندما فاز الفيلم بجائزة أفضل فيلم عالمي طويل، ولم يكن يضع في حسبانه أنه سيفوز بجائزة أفضل فيلم تلك الليلة.

قد يعجبك أيضًا الفرق بين المانجا والمانهوا والمانها والويبتون

بداية الموجة الكورية

لم ينتشر حب الثقافة الكورية، ولم تصبح شائعةً كما هي اليوم بين ليلة وضحاها، بل بدأ كل شيء مما يقرب من ثلاثين عامًا.

فيمكن إرجاع جذور ما يعرف عالميًا بـ(الهاليو) أو الموجة الكورية إلى ديمقراطية كوريا الجنوبية في تسعينيات القرن الماضي، ما سهل حرية التعبير أكثر في الفنون ووسائل الإعلام. 

فضلًا على ذلك كانت القنوات التلفزيونية عددها قليل، وأنتجت عددًا من المسلسلات التلفزيونية والأفلام في تلك المدة، لكنها شاهدها السكان الكوريون أولًا، باستثناء عدد قليل لفت اهتمام المشاهدين في الصين، مثل مسلسل (ما هو الحب -1992) و(الغيرة - 1992).

قد يعجبك أيضًا مسلسل لعبة الحبار الكوري يحطم الأرقام القياسية مراجعة

سحر (موسيقى الشتاء)

(موسيقي الشتاء) مسلسل درامي رومانسي صدر عام 2002، يحكي قصة فتاة كانت حزينة بعد أن فقدت الشخص الذي أحبته في حادثة سير، لتقابل رجلًا مشابهًا له بعد عشر سنوات من ذلك، ورغم بساطة القصة.

لكن المسلسل أثار ضجة كبيرة في بعض بلدان آسيا، وحقق أعلى نسب المشاهدة خاصة في الصين واليابان، وبدأ من هذه المدة تنتشر الثقافة الكورية في بقية أنحاء آسيا والعالم، ما جعلها ظاهرة فريدة من نوعها

وعلى الرغم من أن المسلسلات هي باللغة الكورية، لكنها نالت تقدير المشاهدين في بلدان أخرى لا تفهم ولا تتحدث تلك اللغة، ذلك لأن سحر الدراما الكورية يكمن في القصص البسيطة جدًّا التي تشبه الحياة العادية لكل شخص منا.

غير أنها تجسد المشاعر الإنسانية كالفرح والحزن والغضب تجسيدًا مختلفًا تمامًا عن المسلسلات الغربية.

فضلًا على ذلك أسهم نجاح الموسيقى الكورية أو الكيبوب في نشر الثقافة الكورية لمناطق جديدة، كأمريكا ودول الخليج العربي والشرق الأوسط، وباتت الفرق الغنائيّة تحصد شعبية بين ملايين المعجبين في العالم.

قد يعجبك أيضًا مسلسل الضّياع LOST على هامش الأحداث 5

إسهام الثقافة في ازدهار الاقتصاد الكوري

 أدركت الحكومة الكورية إمكانات الصادرات الثقافية، لهذا تستثمر في الصناعات الإبداعية بعدّها جزءًا من استراتيجيتها الاقتصادية، وأدى الترويج إلى الثقافة الكورية وقيمها وانتشار الترفيه الكوري إلى ارتفاع نسب السياح الوافدين كوريا.

فيسافر محبو المسلسلات والموسيقى الكورية لاكتشاف الثقافة الفريدة، ولحضور الحفلات الموسيقية وزيارة مواقع تصوير مشهورة، وأعلنت أكثر من شركة أنها ستستثمر مليارات دولار على مدى السنوات الأربع القادمة لإنتاج المسلسلات والأفلام والبرامج الكورية.

مع النجاح والتأثير المستمرين للدراما الكورية والكيبوب، يُطرح تساؤل واحد: هل تستمر الموجة الكورية وتصبح مهيمنة عالميًا، أم أنها ستنتهي يومًا ما؟  

في الواقع كان لدى الموجة الكورية قوة كافية لتظل صامدة في العقدين الماضيين، وبفضل منصات البث الرقمي اكتسبت جمهورًا جديدًا في أنحاء العالم جميعها، لا سيما في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويرى بعض الباحثين أن المسلسلات الكورية لن تتمكن من التغلب على نظيرتها الغربية في المستقبل على الرغم من الشعبية الهائلة التي اكتسبتها في السنوات الأخيرة.

ومع ذلك لا يزال لدى المحتوى الكوري إمكانية الانتشار في مناطق جديدة أخرى في المستقبل، مع الدراما الكورية المتميزة والموسيقى والأفلام.

لكن يأتي ذلك مع عدد من التحديات المرتبطة أساسًا بالضغوط الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في كوريا الجنوبية، إضافة إلى المنافسة مع الإنتاجات الغربية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة