لماذا استولى الإسكندر الأكبر على مصر؟

يقال إن أولمبياس أم الإسكندر الأكبر قد رأت في منامها في أول ليلة لها بعد زواجها من الملك فيليب الثاني والد الإسكندر أن صاعقة برق ضربت رحمها، فتولدت منها نار قد أخذت تنتشر في كل ما حولها، قد تسأل نفسك ما معنى ذلك الحلم؟ نقول لك ارجع للتاريخ وستعرف التفسير، أو انظر ما بعد ذلك الحلم، ولادة الإسكندر ونشأته وتعلمه، والبقية أنت تعرفها، والعالم يشهد على ذلك.

اليوم نتحدث عن جزء من تفسير ذلك الحلم، وهو قصة دخول الإسكندر مصر، وما الأثر الذي تركه في تلك البلاد؛ لذا تعال معي لنتابع تلك النار التي خرجت من صاعقة حلم أولمبياس.

ما قصة الإسكندر الأكبر؟

ولد الإسكندر الأكبر في 20 يوليو عام 356 قبل الميلاد في مدينة بيلا عاصمة الدولة المقدونية لأم تدعى أولمبياس، ووالده كان الملك فيليب الثاني الملقب بالأعور، ربته مرضعة اسمها لانيك، وفي طفولته تلقى تربية تليق بملك، فتعلم القراءة والكتابة والصيد والرماية والمصارعة والعزف وركوب الخيل، يروى أنه في طفولته جاء أحد التجار والده؛ لكي يبيع له حصانًا، لكن عندما جاء الملك ليركبه، رفض الحصان ذلك، ولم يقبل أن يركبه أي شخص.

فحينها أمر الملك فيليب بذبح ذلك الحصان، لكن الإسكندر طلب من والده فرصة أن يحاول ترويض ذلك الحصان، فوافق الملك، وحينها روّض الإسكندر الحصان، وانصاع له، وأبدى للإسكندر الطاعة التامة، حينها فرح الملك فيليب بشدة لدرجة أنه بكى من شدة الفرح، وقال لابنه: «يا بني، عليك أن تجد مملكة تسع طموحك، إن مقدونيا صغيرة جدًّا عليك».

وعندما وصل إلى الثالثة عشرة من عمره تتلمذ الإسكندر على يد أرسطو، فعلّمه مبادئ الطب والفلسفة والمنطق والدين والفن حتى وصل إلى سن السادسة عشرة، بعدها خرج الملك فيليب في غزوة، وترك الإسكندر مكانه، فثارت عليه بعض القبائل مستغلين سنه الصغير، لكنه فاجأهم وهزمهم شر هزيمة، وطردهم من مدينتهم، وأسكن مكانهم الإغريق، وأسس مدينة مكانهم تسمى ألكساندرويولس؛ أي مدينة الإسكندر.

تمثال الإسكندر الأكبر

وبعد سنوات قليلة اغتال الملكَ فيليب حارسُه الشخصي، ومن بعدها تربع الإسكندر على العرش.

لماذا استولى الإسكندر الأكبر على مصر؟

من المعروف لدى الجميع عزيزي القارئ، أن المصريين قد ابتهجوا بدخول الإسكندر مصر، لدرجة أنهم قابلوه بالأفراح والسعادة، وأشيع أن الإسكندر قد دخل مصر؛ لتحريرها من الفرس، لكن أي شخص يعرف أن ذلك ليس السبب الحقيقي، إذن لماذا غزا الإسكندر الأكبر مصر؟ أي ما السبب الحقيقي لدخوله المحروسة؟ تعال نعرف.

قد بدأت فتوحات الإسكندر في آسيا الصغرى، ومن بعدها بلاد الشام، وكل تلك الأمكنة كانت تقع تحت الاستعمار الفارسي، وكانت الإمبراطورية الفارسية العدو الأكبر لإمبراطورية الإسكندر؛ لذا بعد إنشاء الإسكندر مدينة الإسكندرية كان على بدايات الشام بين أمرين؛ الأول أن يغزو فارس نفسها ويقطع رأس الحية، أو أن يكمل فتوحاته بلاد الشام، وبعدها يدخل مصر، فاختار الأمر الثاني؛ وذلك لسببين.

الأول أن يحافظ على طرق مواصلاته، أما السبب الثاني لكي يمنع أي محاولة للأساطيل الفارسية أن تذهب إلى اليونان وتشعل ثورة ضده، فيخسر كل ما جمعه؛ لأن فارس كانت تحتل مصر؛ وعلى هذا ليس بين مصر وبين اليونان سوى البحر المتوسط؛ لذا أكمل طريقه لفتح بقية مدن الشام التي غالبها قد استسلم دون حرب إلا غزة التي استسلمت بعد حرب قوية.

كيف دخل الإسكندر الأكبر مصر؟

دخل الإسكندر الأكبر مصر عن طريق الفرما التي تقع في مدينة بورسعيد الآن، ولم يجد أي مقاومة، وبعدها وصل إلى منف حيث عاصمة البلاد، والمفاجأة أنه لم يلقَ أي مقاومة قط، بل إن الناس استقبلوه استقبال المحرر المخلّص من ظلم الفرس.

فما كان من الإسكندر إلا أنه أقام احتفالًا ومهرجانًا ثقافيًا على النمط الإغريقي، ومن بعدها انطلق غربًا، فوجد مكانًا رائعًا محصورًا بين البحر المتوسط وبين بحيرة مريوط، وكان أمام ذلك المكان جزيرة صغيرة في البحر المتوسط، فأمر الإسكندر ببناء مدينة في ذلك المكان الرائع وقد كان، وأصبحت تلك المدينة مدينة الإسكندرية الرائعة التي نعرفها الآن.

وبعد إصدار أمره ذهب الإسكندر إلى سيوة حيث معبد آمون الذي اشتهر بتنبؤاته، وهناك استقبلوه بحفاوة، وأعلن الكهنة أن الإسكندر هو فرعون مصر، وألبسوه تاجًا عليه قرنا كبش، فلقّب بالإسكندر ذي القرنين، أيضًا أشاع الإسكندر أنه ابن الإله آمون.

بناء مدينة الإسكندرية

الآثار المترتبة على دخول الإسكندر الأكبر مصر

وتوجد بعض الآثار التي ترتبت على دخول الإسكندر مصر، وهي:

 - صك عملات للإسكندر الأكبر عليها صورة رأسه بقرون كبش.

- أعاد الإسكندر النظم المصرية القديمة في الحكم.

وزع الإسكندر الحكم بالتساوي بين المصريين والإغريق، فجعل الأمور المالية والعكسرية في يد الإغريق، بينما الأمور الإدارية كانت في أيدي المصريين.

- لم يعيّن الإسكندر حاكمًا مقدونيًا على مصر؛ وذلك لكيلا يشعل الثورة في نفوس المصريين، ويشعرهم أنهم خرجوا من احتلال إلى احتلال.

- فتح الإسكندر أبواب هجرة الإغريق إلى مصر؛ وبذلك قد فتح بابًا ثقافيًا جديدًا للمصريين.

- قبل أن يغادر مصر أقام مهرجانًا ثقافيًا رياضيًا؛ لتوطيد روح الأخوة والتعاون بين أعظم حضارتين في التاريخ.

- أمر بعمل إصلاحات للمعابد لا سيما معبد الكرنك.

- أبقى على مدينة منف عاصمة للبلاد.

دائمًا في قصص التاريخ توجد العبر والعظات، وقد تسأل ما العبرة في قصة غاز؟ دعني أخبرك عزيزي القارئ أن الإسكندر لم يكن الإسكندر إلا بالعلم؛ فمن صغره حرص والداه على إغراقه بالعلوم سواء أكانت النظرية أم الأدبية أم التجريبية أم العسكرية، والنتيجة أنت تعرفها.

لذا خذها قاعدة؛ العلم باب أي شيء تريده، أي شيء يخطر في بالك، وليس العلم الموجود في الكتب فقط، بل العلم الذي تحوز عليه بعد أن تجلس جوار شخص لتتعلم منه حرفة فذلك علم، أن تحتك بالحياة ذلك علم، أن تقرأ أيضًا علم، وإذا ذكرنا القراءة فلا تحتر، أنت في المكان الصحيح، موقع جوّك حيث كنوز العلم.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة