تُعد عملية الزواج، عملية معقدة، تمر في مراحل مُجتمعية متباينة، وتستند إلى موروثٍ ثقافي عميق.
من أجل ذلك، يُقدم المستشار التربوي الدكتور خليل محمود الزيود، جُملة من النصائح للمُقبلين على الزواج، تحدُّ من مشكلات الزواج وتمنع من تعمقها.
وألّف الزيود كتابَ "ظلمو أنفسهم"، حريٌ به أن يكون بين يدي كل من يفكر بالزواج، أو يشجعه محيطه على الزواج، في هذا المقال سنتعرف إلى بعض الأفكار الرئيسة لهذا المؤلف.
اقرأ أيضًا أدوار الأخصائي الاجتماعي في العلاج الأسري
تحذيرات لا تقربوها
يُعد الزواج ثورة، تتطلب البناء على أسس متينة، من الشّاب والفتاة المُقبلين على الزواج، التي يجب أن تكون مُستقلة عن ذويهم؛ أي أهل الزوجين، وألّا تكون المطالب المادية هي الأساس، بل يجب أن تكون الغاية بناء الأسرة والبيت.
والزواج عملية تتطلب التخطيط والبناء، ولا يستقيم البناء إلا بأدواته، فكما البناؤون يستخدمون الأحجار والإسمنت واللبن.
فإن الزواج يتطلب الحوار، وبناء القواعد التي ستسير عليها حياة الأسرة الوليدة، فالزواج الآمن لا يكون ملجأ للأمراض النفسية، ولا الخلافات الأسرية، وليس ماردًا لتحقيق الأحلام.
ولا مكانًا لفرض السيطرة والسطوة، أو التخلص من عار العنوسة، أو الانتقام، ويتطلب الجاهزية النفسية والمادية، فلا حياة أسرية تُبنى بالديون والقروض.
ويرى الزيود أن الزواج ليس شرًا لا بُد منه، وليس بطيخة تُفتح ليتفاجأ الطرفان بأنها حمراء أم بيضاء، وإنما عملية تتطلب الحوار، والحوار وحده الذي يبني لبنات الأسرة الوليدة.
اقرأ أيضًا المشكلات الأسرية والاجتماعية.. الأسباب والعلاج ج3
لا تترك المشكلات الأسرية للأيام
لا تترك المشكلات للأيام، وإياك الضرب والكذب والمقارنة، فكلها معاول هدم، ومن أجل مواجهة مشكلات أسرتك، عليك عدم الخلط بين الخاص والعام، والوضوح، واللعب على وتر العاطفة، وعدم السماح بتدخل أحد في العلاقة.
والبحث عن بدلاء لحل المشكلات، وتقديم الحُب والجرأة من أجله، ولا يستقيم ذلك إلا إذا اخترت مَن كنت مستعدًا للتضحية من أجله، وديمومة ذلك مدى الزمن.
ومن دواعي أن يكون زواجك آمنًا، عليكما تجنب نقل ما يحدث بينكما لخارج حدود بيتكما، ووضع عتبة لحوادثكما اليومية تشبه عتبة الدار، لا تُخرجا منها مشكلاتكما ولا تدخلا عبرها مشكلات الخارج، إياكم والغضب، والمقاطعة والاستفزاز.
ويجب على المرأة ألا تتوانى عن الإقدام على الخلع، إذا كانت تتعرض للضرب والهجران بلا سبب، ودائم التغيب بلا داعٍ، أو ظلم الزوج، وتشكيله تهديدًا على البيت.
وفي الأحوال كلها، فإن الطلاق العاطفي، ليس إلا بالًا أشدّ فتكًا بالأسرة من الطلاق الحقيقي، فهو يعمق المشاعر الناقمة داخلها، ولا ينشأ إلا نتيجة مقدمات سلوكية منها البرود تجاه بعضكما، وعدم الحوار بينكما، ورفع التوقعات.
ومن أجل ذلك عليكما من البداية وضع أسس وأهداف واضحة، ومعرفة إمكانات كل منكما، حتى لا تقع الصدمة.
إن الزواج الآمن يستند على أركان قلبها الحوار، وعقلها الصدق والوضوح، ولا يسير هذا الجسم إلا بيدين من وفاء، وقدمين من دستور حياة واضح، واحترام متبادل للحاجات والدوافع.
ويرى الزيود أن الدراما قد تعزّز المشكلات، خصوصًا إذا كان أي منكما زوجًا وزوجة، مُغرقًا في تفاصيل الفيلم، ومُتأثرًا على نحو جدي فيه، فالمسلسل مهما كان صادقًا في تصويراته، فإنّه لا يمكنه أن يكون نسخة طبق الأصل عن حياتكما الخاصة.
اقرأ أيضًا مشكلات تعاني منها الأسرة.. معلومات لا تفوتك
الإصلاح الأسري.. ما الطريق؟
يجب على المصلح الأسري، من وجهة نظر الزيود، عدم مسك العصا من النصف، والإلمام بسيكولوجية الأسرة، وعدم استنساخ التجارب السابقة، والتروي في الحل.
بيد أنه على الزوجين توظيف مدة الخطوبة في صياغة دستور الحياة الخاص بالأسرة الناشئة، فإن الزواج الآمن عقله الحوار.
ولا يستقيم جسم الزواج دون الحديث عن أساسيات حياة هذا الجسم، وعدم تدخل الآخرين في ذلك، وعدم تجاهل الأمراض وتركها للزمن حتى تتعمق وتستعصي على الحل، والإصرار على الخصوصية، وعدم المقارنة بالآخرين.
ومن أجل مواجهة أي مشكلة، على الزوجين امتلاك الرغبة بالحل، والتفكير بالحلول المتاحة، ومنع التدخلات الخارجية في المشكلة، ومناقشة المشكلة بين الزوجين، ولعل الأهم هو الاعتراف بالمشكلة.
ختامًا فإن الزواج الآمن، لا يوصل إلى طريق الطلاق أو الخلع، إلا بعد فقدان البوصلة، وضعف القواعد الدستورية التي صيغت في مُبتدأ الحياة الأسرية، والطلاق الحقيقي أو الخلع هما حلّان لحياة استحالت، ومصيرها إلى جحيم دائم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.