أعظم المصائب على الإطلاق هو عدم القدرة على تحمل المصائب، تذكَّر أن الأزمات والشدائد تصيب الجميع على حد سواء، بغض النظر عن المرتبة أو الحالة. لا يوجد قلب ينبض إلا شعر بالشدائد والحزن.
عندما تفكر في الأزمات مهما كانت درجة صعوبتها على أنها حدث له بداية ووسط ونهاية، وأنها بداية لتغيير حتمي، وتدرك أنها مجرد علامات على أن الحياة تدفعك من منطقة الراحة الخاصة بك، تعلم أن "الأزمات شر لا بد منه"، و"الأزمات هي حجر الأساس في تغيير الشخصية".
لماذا يصيب الله البشر بالأزمات والشدائد؟
الله الذي يحكم بالرحمة والحكمة لا يسمح بتحمُّل كثير من الألم لو لم يكن لتحويل المبتلين بالأزمات إلى منطقة أفضل، كما يتشكل الحديد عندما يتعرض لدرجة حرارة عالية تتسبب في تحويله وتغيير تركيبه بالكامل؛ ليتشكل لأفضل الأشكال.
الأزمة تسمح بالنمو والتحول
في الحياة الواقعية تتدمر اليرقة بالكامل تقريبًا ويتحول كل جسمها داخل الشرنقة إلى هلام، ثم يعود بطريقة معجزة إلى فراشة رائعة الجمال. والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن العلماء اكتشفوا أن الأشياء التي تتعلمها اليرقة تتذكرها عندما تتحول إلى فراشة، وتمر هذه المعرفة بطريقة ما عبر عملية التحلل وإعادة التجميع بالكامل.
يحدث الشيء نفسه مع الناس في الأزمات، على الرغم من أنها قد تحطمنا في بعض الأحيان؛ فإنها عتبة نتعلم بها الدروس المستفادة وقيمة الأشياء. لكن الجزء الأساسي منك لا ينمو فحسب، بل إنه قادر على الازدهار في مواجهة التحديات.
"الأزمات هي الطريقة التي يحدث بها النمو، على الرغم من أنها طريقة صعبة جدًّا ومؤلمة وغير سارة".
الفشل في تحقيق الأهداف
لم يحدث لأي إنسان منذ خلق الله البشر ولن يحدث أبدًا أن يحصل على كل شيء وفقًا لرغباته. إذا لم يخاطر ويواجه متاعب الحياة، قد يخفق في تحقيق أهدافه، وقد تؤدي الحوادث المتعددة في الحياة إلى إهدار أكثر مساعيه في سبيل النجاح. إن الاستسلام لخيبات الأمل هو دعوة للهزيمة، أما البحث بشجاعة عن وسائل لمقاومة الهزيمة والخروج من المحنة المؤقتة بالطموح والسعي بجد والعمل دون يأس، فذلك سيؤتي ثماره.
أتذكر قصيدة روبرت فروست "الدرب المجهور"
كيف نجتاز المصائب ونتعامل معها؟
إن تجنب الألم والصعوبات التي تصاحب الأزمات صعب، وكثير منا يتملكه اليأس والإحباط وخيبة الأمل ويستسلم ويفقد الرغبة في الحياة، فليس كلنا يستطيع التعامل مع الابتلاء بقلب أيوب عليه السلام. لذا يجب اتخاذ الإجراءات التالية:
كن حاضر الذهن
أن تكون حاضر الذهن، وتتقبل الصعوبات، وتدير الأزمة بقدر استطاعتك. إن أكثر الأعمال فائدة التي يقوم بها الرجال والنساء كانت في خضم المصائب، وتغلُّبهم على أحزانهم الشخصية، فيستطيعون التعامل بقلب ثابت، ويقفون منتصبين تحت أثقل الأعباء.
تقبل الواقع
كثير منا يرفض قبول حقيقة ما يحدث، بإنكار أنك تمر بأزمة، فلن يؤدي ذلك إلا إلى إطالة أمد الألم، والبقاء في حالة إنكار سوف يمنعك من التكيف مع ظروفك الجديدة، ويمنعك من البحث عن حلول أو اتخاذ إجراءات تساعدك في الإسراع بعملية الشفاء.
كن واثقًا
كن واثقًا أنك ستجد في النهاية حلًّا حتى لو لم يكن الحل واضحًا بقوة. تحدَّث مع نفسك دائمًا بأن الابتلاء مهما كان كبيرًا فهو مجرد انتكاسة وبداية لحياة جديدة. ركِّز على الأشياء التي تقع ضمن سيطرتك، وركِّز على الإجراءات التي يمكن اتخاذها.
مثلًا: إذا كنت عاطلًا من العمل فلا يمكنك التحكم في ظهور الوظيفة المثالية أو أن صاحب العمل سيمنحك مقابلًا مناسبًا مثلًا، ولكن يمكنك التحكم في مقدار الوقت والجهد الذي تبذله في البحث عن العمل أو صقل مهاراتك.
وإذا كان أحد أحبائك يواجه مرضًا مميتًا فأنت لا يمكنك علاجه، ولكن يمكنك التركيز على تقديم أكبر قدر من الدعم العاطفي له.
تقبَّل التغيير بالنظر إلى ماضيك
ربما عانيت من انفصال مؤلم في الماضي، وتمكَّنت في النهاية من المُضي قُدمًا. أو فقدت وظيفة وانتهى بك الأمر إلى الحصول على وظيفة أفضل. إن محض نجاحاتك السابقة يمكن أن يساعدك في رؤية ما أبعد من الأزمة الحالية.
تقبَّل مشاعرك
إن محاولة منع مشاعرك المؤلمة من الظهور، والتظاهر بالشجاعة، لن يؤدي إلا إلى زيادة التوتر، وتأخير قبول وضعك الحالي، ومنعك من المضي قُدمًا. لكن بالسماح بمشاعرك، ستجد أنه حتى المشاعر الأكثر شدة وإزعاجًا سوف تمر وتتلاشى، وسوف تتمكن من الوصول إلى طريق للمضي قُدمًا.
اسمح لنفسك بمواجهة حزنك، والاعتراف بخسائرك، والحزن عليها، بهذه الطريقة ستتمكن من التعافي والمُضي قُدمًا.
قسِّم المشكلة
تعامل مع مشكلاتك خطوة بخطوة إذا كانت كبيرة جدًّا بحيث لا يمكن التعامل معها دفعة واحدة، وحاول تقسيمها إلى خطوات أصغر وأكثر قابلية للإدارة. تذكر دائمًا أن المصائب الشديدة تتجمع حول الرجال العظماء، كما تتجمع العواصف حول الجبال العظيمة.
افعل شيئًا جديدًا
يجب تعلُّم شيء جديد، المهم أن يكون جديدًا ومختلفًا؛ فذلك يوجِّه تفكيرك إلى هذا الشيء، ويبعد تفكيرك بالتدريج عن حالة الحزن والاكتئاب، ويساعد عقلك للرجوع للحياة. ومع مرور الوقت سيبدأ ذهنك في التفكير الإبداعي والتأقلم مع الوضع الجديد.
مثلًا: تعلَّم مهارة، سافر إلى مكان آخر، تعلَّم لغة جديدة، اقتنِ حيوانًا أليفًا. تذكَّر أن أنقى الأرواح تقابل أحيانًا أشد خيبات الأمل، لكن بعض هذه الخيبات يكون سببًا لطموح عظيم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.