إن العنوان ليس مفتعلًا ولا لجذب الانتباه، ففي هذا المقال سأطرح عليك حلًا واحدًا نهائيًا لا حلول بعده، لتكون شخصًا مؤثرًا فيمن حولك دون كلام كثير أو محاضرات عن التنمية البشرية أو خطوات معقدة مما قرأته في مقالات أخرى.
انسَ كل النصائح السابقة واقرأ هذا المقال بهدوء وتمعَّن وسترى في النهاية أنني على حق، وأنك فعلًا تحتاج إلى شيء واحد لتكون مؤثرًا.
الحياة تنقلك لمراحل
لا تخلو حياة كل منا من منغصات وابتلاءات ومشكلات كثيرة، تتباين في شدتها وأوقاتها ونوعها، اليوم مثلًا صحوتَ متأخرًا فتأخرت على العمل، غدًا ضاع هاتفك ولا تدري أين تجده وظللت تبحث عنه يومًا كاملًا، وبعد يومين حدثت مشادة في العمل بينك وبين المدير وتسببت في خصم من راتبك، بعد شهر تشاجرت مع زوجتك مشاجرة عادية على مصروف البيت لكن المشاجرة امتدت لأمور أخرى وتفاقمت المشكلة.
كلها مواقف عادية نواجهها ونقابلها شبه يوميًّا وليس متتاليًا، فتوجد أيام كثيرة تمر علينا ساكنة هادئة منتظمة بلا منغصات، وهو ما يصفه بعضنا بالروتين الممل، لكن بمجرد حدوث ما يكدّر صفو هذا الروتين فإنك تشتاق إليه ثانية ولا تجده مملًّا إلى هذا الحد.
لو جربت إحدى ألعاب الكمبيوتر يومًا ما فكلها غالبًا تشترك في شيء واحد، إن اللعبة تبدأ بمراحل بسيطة سهلة يمكنك إنجازها في وقت قليل، وكلما فزتَ بمرحلة انتقلت للمرحلة التالية وهي أكثر صعوبة من السابقة مع تحديات أكبر، وكلما تفوز في مرحلة تنتقل لمرحلة أخرى بعدها أشد صعوبة.
إن هذا ما يحدث في الحياة فعلًا، فما تقابله اليوم من ابتلاءات ومحن ومشكلات لم تكن لتصبر عليه أو تحتمله منذ عام مثلًا، فأنت كل مرة تجتاز مرحلة، إن اجتزتها بنجاح وتعاملت مع الأمور تعاملًا جيدًا وبحكمة وصبر؛ فإنك تنتقل إلى المرحلة التالية.
المرحلة الأصعب من الاختبار
وكما يحدث في ألعاب الكمبيوتر فإن المرحلة الأخيرة هي أكثرها صعوبة، ومن أجلها كنتَ تتجهز تجهيزًا غير مباشر في المراحل السابقة، فتقابل في حياتك مشكلة معقدة مركبة أو فتنة شديدة جدًا تحمل في طياتها خليط من أكثر من ابتلاء ومحنة.
فهي مزيج من فتنة في الدين مثلًا على مشكلة أسرية كبيرة على تعلق قلبي وغيرها، مزيج مرعب لم تدرك من قبل أنك ستقابل مثله في حياتك، وكلنا نتعرض لهذه المرحلة في وقت ما من حياتنا ربما مرة كل عام أو أكثر، قال تعالى: {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ} سورة التوبة 126، ويقول أيضًا: {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} العنكبوت 1-2.
كل مرة تتعرض فيها لهذه المشكلة تتغير جذريًا، مثل عملية تنظيف الذهب وتنقيته من الشوائب والمعادن الأخرى، إنها تكون بالنار، وكذلك قلبك، يعتصر عصرًا ليتشكل من جديد.
في هذه المرحلة والمراحل السابقة يتساقط كثيرون، وهؤلاء هم ممن ليس لهم مبادئ ولا قيم ولا معتقدات يسيرون على إثرها مهما اشتدت عليهم مصائب الدنيا، فستختبرك الحياة دومًا فيما تؤمن به وتردده على الملأ، ومهما ادّعيتَ الفضيلة والملائكية والطهر فلن تنجو من فتنة أو اختبار شديد تجد نفسك فيه أمام محنة لم تتخيلها وتكاد تسقط فيها لكنك بفضل الله تعالى تنجو.
لكن هناك من يسقط وينهار ويضيع، من ليس لديه قواعد ثابتة يسير عليها في حياته سيسقط ببساطة، انظر إلى هذا الموظف الذي يرفض الرشوة ولم يتقاضَ مليمًا حرامًا في حياته، انظر إليه وابنه يتعرض لمرض شديد يحتاج على إثره إلى ألوف مؤلفة من الجنيهات للعلاج، فإما السقوط في بئر الرشوة المظلم وإما موت الابن!!
إنه اختبار شديد حيث لا اختيار ثالث، وكلاهما مر وفيه حتفه، حتى لو عاهد نفسه أن يلجأ للرشوة أو السرقة لعلاج ابنه هذه المرة فقط ثم لا يكررها ثانية فلن يستطيع؛ لأن الخطوة الأولى نحو الخطأ هي الأصعب، ثم تعتاد نفسك على المبررات، وفي كل مرة تجد مبررًا منطقيًا ليظل ضميرك غافيًا.
مثل من يقتل أول مرة فهو يجد صعوبة شديدة في بادئ الأمر، ثم يستساغ القتل، ثم يعتاده ويصير مألوفًا ومعتادًا؛ إن هذه النوعية من المشكلات تقابلنا كلنا، مَفرِقِ طرق تجد نفسك مضطرًا للسير فيه، الاستمرار فيه مهلكة للنفس والروح، والعودة لم تعد ممكنة.
هنا تصير مؤثرًا
لا ينقذك من هذا الطريق المظلم إلا مدى تمسكك بمعتقداتك وإيمانك بها، وهو اختبار حقيقي لك، فربما أنت ممن تردد الكلام مع من يرددون، الإجابة الصحيحة النموذجية التي نحفظها عن ظهر قلب، الكذب حرام، السرقة خطأ، وهكذا، لكن عند التعرض لمواقف حقيقية لن يمكنك وقتها التصرف إلا فيما يعتمل بقلبك بالضبط، وما أنت مؤمن به من أعماقك.
كلنا نعرف أن الكذب حرام لكننا لا نكف عن الكذب، السارق يعلم عقوبة السرقة، المطفف في الميزان يعرف عاقبة فعله بل وربما يعلم وجود سورة كاملة للحديث على عقاب هؤلاء المطففين السارقين تتوعدهم بأشد العقاب.
في مفترق الطرق هذا تصير مؤثرًا، لنتفق أن كل مشكلة حلها عند رب العالمين، ستستغرق وقتها المكتوب والمقدّر لها ثم تنصرف، ربما تترك آلامًا قلبية شديدة أو بعض الخسائر، لكن الزمن ومرور الوقت يمحوان كل شيء، وربما بعد سنوات تتذكرها وتبتسم.
كل ما يجب أن تفعله أن تتشبث بمعتقداتك الصحيحة وما تؤمن به، وألا تصير الإجابة النموذجية مجرد كلام نردده دون فعل، تخيل أن هذا الأب الذي يحتاج إلى الرشوة لعلاج ابنه قد قام بذلك فعلًا وامتدت يده إلى المال الحرام.. لكن ابنه مات!! لقد خسر كل شيء حرفيًا، حتى احترامه لنفسه، سقط إلى الهاوية لأنه نسي لوهلة أن علاج ابنه ليس المال، لأن المال كله لله، وما عند الله لا يُنال إلا بطاعته.
أن تصير مؤثرًا يعني أن تخرج من محنتك وأنت قابض على ما تؤمن به بكل قوتك، ولم تزدك هذه المحنة إلا بريقًا وتمحيصًا، أن تكون صادقًا فعلًا في تطبيق كل ما تؤمن به، ولا تردده لتنال إعجاب الناس ولا لاتباع القطيع، أنت تردده لأنك تؤمن به فعلًا وتدرك من أعماقك أنه الشيء الصحيح، وها قد أتت التجربة العملية لتثبت لك أن هذه الخطوة ليست سهلة على الإطلاق؛ لأن الناس تعرف بسهولة من يردد الشعارات المعروفة من باب أنها الإجابة النموذجية، ومن يؤمن بها من أعماقه ويطبقها في حياته فعلًا.
لعلك جلست مع أناس يرددون الكلام المعروف مثل العالم مُمتلِئ بالفاسدين و(ربنا يخرجنا منها على خير) وهذا الكلام الذي يوحي إليك أنهم مختلفون، تأمل حياتهم ستجد من يغتاب ومن يأكل مال ليس من حقه، ومن يربي ابنًا فاسدًا مدللًا، وهي أشياء ظاهرة واضحة للعيان.
كنت أتعجب من ممثلة اشتهرت بأدوار الإغراء، تظهر على شاشة التلفاز لتتحدث عن الحب والإيمان وحب الله!! إن حديثهم متناقض جدًا؛ لأن أفعالهم ليست كذلك، لكنها مثل كثيرين تحفظ الإجابة النموذجية، ولو أحبت الله فعلًا لأطاعته في الأقل في أبسط الأشياء.
كلنا نجاهد أنفسنا فلسنا ملائكة، لكن جهاد النفس يكون أن تسقط مرة وتنهض مرات أوالعكس، لكن أن تصر على الخطأ وتدّعي أن هذه هي الإجابة النموذجية فأنت كاذب ولست مؤثرًا، ومن يتأثر بهؤلاء هم الذين ليس لديهم أي قيم أو مبادئ يسيرون عليها؛ لأنهم يتبعون القطيع حيث يسير.. ببساطة.
الخلاصة
كن مؤمنًا حقًا من داخلك بكل ما هو صحيح وكل ما يرضي الله تعالى حتى ولو لم تفعله، لا تنفك تنصح سواك بفعله، وحين تتعرض للمرحلة الكبيرة من الاختبار اثبت.. فليست إلا محنة وتنقضي، وينتهي معها كل شيء، وكل من يراقبوك من بعيد سيتغيرون بسببك تدريجيًّا.
أرجوك لا تردد كلامًا محفوظًا لا تؤمن به، ولا تفعل ما أنت لست مقتنعًا به، وتعود على قول (لا) في الوقت المناسب، وتمسك بالإجابة الصحيحة؛ لأنها الصحيحة فعلًا، وليس لأنها الإجابة التي ستنال بها الدرجة النهائية.. وقتها تكون مؤثرًا.
سلمت يداكي يا اميرة ...
سلمكِ الله من كل سوء
تسلم ايدك يا اميرة ....احسنت واصبت
اشكرك جدا ومبسوطة أنه عجبك
متميزة ورائعة كلماتك
قلمك شمعة تُضيئ الظلام ❤🌹
الإطراء والمدح دا كتير عليا والله، تعليقك أسعدني جدًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.