إن النحلة تعد من الحشرات، لكنك لا تشعر بالتقزز منها حينما تراها، بل إن سبب فرارك الوحيد منها هو لدغتها المؤلمة؛ لأنها تعطي البشرية غذاءً مفيدًا وهو العسل. كذلك فإن الديدان تدل عادة على فساد الطعام والتلوث، لكن توجد أنواع منها تعطينا أفضل الأقمشة غالية الثمن، وهي دودة القز.
ماذا تعرف عن دودة القز؟
هي دودة عادية جدًا تتبع فصيلة مفصليات الأرجل، وتصنَّف من الحشرات، جسمها خشن يحمل خطوطًا داكنة، لها أجنحة ذات لون مائل للبياض، لكنها لا تستطيع الطيران؛ لذا يُطلق عليها مجازًا "فراشة دودة القز".
في البداية كان منشؤها دولة الصين، لكن بعد ذلك بدأ التجار في تهيئة بيئات معينة مناسبة لنموها بغرض تربيتها، فهي ديدان لا تتغذى على الطعام التالف مثل غيرها مثلًا، بل إن مصدر غذائها الوحيد هو ورق شجر التوت.
دورة حياة دودة القز
إن دورة حياتها لا تختلف عن دورة حياة أي نوع آخر من الفراشات، ففي البداية تكون البيضة التي تخرج منها اليرقة لتتغذى على ورق شجر التوت مباشرة، ويمكن استخدام ورق الخس والبرتقال أيضًا في التغذية.
تضع الأنثى ما لا يقل عن 350 بيضة في كل مرة، ولك أن تتخيل صغر حجمها، ويفقس البيض بعد 10 أيام في الربيع حيث الطقس الدافئ.
اليرقة
بعد التغذية المستمرة تنسلخ اليرقة وتغيِّر جلدها نحو 4 مرات في 6 أسابيع، لا تتوقف فيها عن الأكل، حتى يصل طولها إلى أكثر من 7 سم، وفي كل مرة تصير أكبر حجمًا لدرجة لا يسعها الجلد القديم، ومن ثم تبدأ بالانسلاخ وتبديل جلدها بما يناسب حجمها الحالي.
الشرنقة
وهي مرحلة إنتاج الحرير، حيث تصنع اليرقة شرنقة حريرية باستخدام الحرير الذي تفرزه من الغدد اللعابية، وتمكث في شرنقتها مدة أسبوعين تقريبًا بعيدًا عن الأعين، أما الشرنقة نفسها فتكون كبيرة الحجم تشبه الكرة ويمكن للعين رؤيتها.
العذراء أو الخادرة
وهي مرحلة نمو دودة القز داخل الشرنقة، تخرج منها دودة القز في صورة فراشة، تتزاوج وتضع بيضًا لتعيد دورة الحياة من جديد، وتموت الأنثى بعد وضع البيض، ويتبعها الذكر.
مرحلة الحصول على الحرير
تكون بين مرحلة اليرقة ومرحلة الفراشة، وقبل تحول الدودة إلى مرحلة الخادرة. فهذه الشرنقة الحريرية هي بيت القصيد، وفي مزارع تربية ديدان القز يتم قتل الفراشات وهي في الشرنقة قبل خروجها منها، وذلك بغمس الشرنقة نفسها في الماء المغلي أو بالتجفيف في الفرن لإذابة الصمغ الذي يمسك كل الخيوط ببعضها، ثم سحب هذه الخيوط برفق ولفها على بكرة للحصول على الكتلة الحريرية.
إن هذا الفعل يبدو قاسيًا، لكن لو نظرتَ بعين خبيرة ستجد أن دودة القز لا تفعل شيئًا على الإطلاق بعد وضع البيض، إنها تموت، كأنما خُلقت لمهمة محددة وهي التكاثر، وما أن تتم مهمتها حتى ينتهي عمرها أيضًا. ونحن نذبح آلاف الدجاج والخراف والأغنام يوميًّا لإطعام البشر؛ لأن الله تعالى خلقها لخدمة الإنسان.
يبلغ طول شرنقة الحرير نحو 4 أو 5 أمتار بعد فكها، ويُسمح لبعض الفراشات باستكمال دورة حياتها داخل الشرنقة والخروج لوضع البيض وإعادة الكَرَّة من جديد وإلا انقرضت ديدان الحرير.
كيفية إنتاج الحرير
إن الحرير الطبيعي هو ألياف بروتينية قابلة للنسج، ويسير إنتاج الحرير في طريقين، الأول هو زراعة أشجار التوت مصدر التغذية الرئيس لدودة القز، والثاني إنتاج البيض للحصول منه على الحرير الطبيعي وضمان استمرار المشروع.
بدأت صناعة الحرير في الصين موطن دودة القز، والهند ودول شرق آسيا، ثم تسربت إلى أوروبا وأمريكا، وبفضل هذه الدودة الصغيرة تم توفير مئات فرص العمل في مزارع إنتاج دودة القز للعمل على رعايتها وتغذيتها والعناية بها.
ويُعد الحرير من أقوى الألياف الطبيعية، ويمتص الرطوبة بنسبة 30%، ويتحمل درجات الحرارة العالية، وهو خفيف الوزن، وغير قابل للانكماش.
ولإنتاج كيلو جرام واحد من قماش الحرير نحتاج إلى 3000 دودة قز تتغذى على ما يزيد عن 100 كيلو جرام من أوراق التوت، ولأنها عملية مرهقة وطويلة فإن قماش الحرير من أغلى أنواع الأقمشة في العالم.
ولا يقتصر دور دودة القز على إنتاج الحرير فقط، بل إنها تُستخدم غذاءً لبعض الحيوانات الأليفة، لأنها بطيئة الحركة ولا تقدر على الطيران، ولو استطاعت الطيران لهربت من الإنسان اعتراضًا على كل ما يُفعل في حقها، لكنها مهام يوزِّعها الله تعالى على خلقه من أجل حكمة أكبر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.