كيف تُعلِّم طفلك ضبط انفعالاته؟

حالة الهياج الشديدة للطفل التي غالبًا ما تكون خارجة عن السيطرة، وتتجلى في الرفس، والعض، ورمي الأشياء، والضرب، وغيرها من الإشارات، يمكن أن تكون مؤشرًا مهمًّا لحجم الغضب والمعاناة التي يشعر بها الطفل، لذلك إذا استمرت هذه الحالة فإنها تحتاج إلى احتواء وتهذيب من قبل الوالدين.

هكذا يتعلم طفلك ضبط انفعالاته

إن الهدف من احتواء الطفل وتهذيب أخلاقه في أثناء غضبه، هو مساعدته في ضبط توتره، وإدارة مشاعره والتحكم فيها على نحو أكبر، لا سيما في أوقات التقلبات المزاجية، سواء بينه وبين نفسه، أو في المواقف الحياتية اليومية والتعامل مع الآخرين. حينئذ تتضح أهمية مراقبة الوالدين لسلوكيات الطفل، بحيث إذا ما تجاوزت انفعالات الطفل الحد المعقول أو المسموح به، استدعى ذلك ضرورة التدخل.

راقب انفعالات طفلك

إن بعض الكلمات والعبارات من شأنها أن تهدئ من روع طفلك، وتحسِّن مزاجه، وتضبط انفعالاته، كأن تقول له: "ما رأيك بهذه اللعبة، إنها جميلة للغاية، أليس كذلك؟". "تعالَ لأضمك قليلًا فأنا بحاجة لحضنك الحنون". "آسف إن أزعجتك اللعبة بصوتها المرتفع". لا شك بأن هذه العبارات من شأنها أن تخفف انفعالات الطفل، بل وتعلِّمه كيف ينظم مشاعره، وقد تضطر إلى حمل الطفل ومعانقته. الأمر المهم هنا، هو الإدارة الذكية من قبل الوالدين لمثل تلك المواقف.

مخاطر كبت الأطفال أو تخجيلهم

بعض الآباء، والأمهات تحديدًا للأسف، يفعلن عكس ذلك تمامًا، كأن تُحرج طفلها أمام الناس، أو تعلِّمه كبت مشاعره، بدلًا من أن تعلمه كيفية التحكم في انفعالاته. عبارات مثل "اهدأ.. كفاك إزعاجًا" أو "إنك تبدو سخيفًا" أو "توقف عن البكاء، أنت لست طفلًا" تزيد هياج الطفل ومعاناته، وسوف يواجه هذا الطفل صعوبة في تعلم كيفية تهدئة انفعالاته والسيطرة عليها.

ماذا يحدث عندما يتعلم الطفل أن يتحكم في انفعالاته؟

عندما يصل الطفل إلى مرحلة يمكنه خلالها تنظيم انفعالاته، فإن ذلك من شأنه أن يولد لديه مشاعر الارتياح والسعادة، وينمِّي عنده مشاعر الإحساس بالذات، ويتيح له تنمية قدراته على ضبط انفعالاته، فيتعلم كيف يعتمد على نفسه، وليس عليك، في تهدئة الانفعالات، خاصة بعد تلك المواقف المحبطة التي يمر بها.

يعتقد بعض الآباء أن أسلوب المواجهة، وأعني هنا ترك الطفل يواجه الشدائد والمصاعب بمفرده، هو الطريقة الأفضل. انظروا إلى هذه الطفلة التي تشعر بالانزعاج في وجود عدد كبير من الأولاد الآخرين حولها، حيث تقوم الأم وبدلًا من تعليم طفلتها كيفية التعامل مع الناس، تأخذها بعيدًا عن هؤلاء الأولاد. الحقيقة أن إبعاد الطفل عن المواقف المحبطة أو المزعجة، لا يفيده بشيء ولا يتعلم منه كيف يواجه الصعاب بنفسه.

مواجهة المواقف الصعبة

أما هؤلاء الآباء الذين لم يتعلموا كيف يتعاملون مع إحباطهم ويتغلبون عليه، فإنهم دون شك سوف يواجهون الصعاب في تعليم أطفالهم ضبط انفعالاتهم، والتعبير عن انفعالاتهم الجامحة بصورة منضبطة فيها نوع من التوازن. ولكون الأطفال مقلدين بارعين، فإن الآباء الذين لا يتمتعون بقدرة جيدة على ضبط الانفعالات والتحكم فيها، لا شك أن هذه الانفعالات ستنتقل بالتدريج إلى الأبناء وتظهر في سلوكياتهم وتعاملاتهم مع الآخرين.

يشير الخبراء في هذا المجال إلى أن كثيرًا من الحالات التي يعاني فيها الراشدون أو البالغون من ضبط انفعالاتهم، تظهر لديهم الرغبة الجامحة بتدمير الذات أو إلحاق الأذى بالآخرين، حتى إن مشكلات العنف الناتجة عن المخدرات والكحوليات أو العنف المنزلي وغيرها من السلوكيات غير المقبولة اجتماعيًّا، سببها في المقام الأول خلل في الحالة المزاجية.

ختامًا، فإن الطفل الذي يمكنه ضبط انفعالاته، غالبًا ما يكون أكثر سعادة وهدوءًا عندما يكبر، يمكنه وقتها مواجهة التحديات والصعاب مهما اشتدت، ويُظهر قدرًا من الانسجام مع مشاعره، فضلًا على تقديره لذاته، ففي كل مرة تسمح لطفلك بالتعبير عن انفعالاته وتُظهر تقديرك وتفهمك لها، فإنك تبعث إليه برسالة مؤداها: إدراكاتك صحيحة وتستحق الاهتمام. ومع الوقت تزداد ثقة الطفل بنفسه.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة