قال لي أحد الأصدقاء يومًا، إن يوجد شخص لا يخطئ أبدًا! أصابتني الدهشة، وعلى الفور توجهت بالسؤال: من يكون هذا الشخص؟ وكيف أنه لا يخطئ أبدًا؟
ما نعرفه جميعًا أن العصمة للأنبياء فحسب، وأن كل بني آدم خطَّاء، وخير الخطَّائين التوابون، وهذا يعني أن الخطأ لا بد منه، لأن بني آدم مجبول على الخطأ، فليست أفعاله كلها صواب، وإلا لكان ملكًا من الملائكة، ولكن كونه إنسانًا فهذا من النسيان، والنسيان يعني الخطأ.
اقرأ أيضاً الأخطاء الشخصية.. كيف نتفهم أخطاءنا؟
ماذا تعني هذه المقدمة؟
المعنى أن الخطأ أمر لا بد منه، وليست الخيرية لبني آدم بعدم الخطأ، وإلا فلِمَ شُرعت التوبة! بل العبرة والأفضلية لمن يتعلم من أخطائه السابقة ولا يكررها. عندما توجهت بالسؤال لذاك الصديق: كيف لا يخطئ صاحبنا؟ فكان الجواب: لأنه لا يعمل، لا يفعل شيئًا!
إذا كنا نقيس الخطأ على هذا المثال، فإن هذا الشخص الذي لا يعمل، ولا يُقدِّم شيئًا في حياته، قد أخطأ خطأً جسيمًا بحق نفسه، قبل أن يخطئ بحق الآخرين، لأن الدنيا ليست مكانًا للراحة أو العزلة، بل الجد والاجتهاد ومخالطة الناس والصبر على أذاهم. وما دام هناك تعاملات بين البشر فمن المؤكد أن هناك أخطاء، سواء قصدها الشخص أم لم يقصد.
ولأننا نخطئ، وجب أن نتعلم من أخطائنا، فالمؤمن لا يُلدَغ من جحر مرتين، ولا يصح أن يكرر الشخص نفس الخطأ في نفس الظروف ويتوقع تغييرًا، بل عليه الاستفادة من أخطائه.
اقرأ أيضاً أخطاء خطيرة يقع فيها كثير من الشباب.. تعرف عليها الآن
الخطوة الأولى: الاعتراف بالخطأ
الاعتراف بالخطأ هو الخطوة الأولى التي تعني أنك مصمم على الاستفادة من أخطائك ولديك رغبة حقيقية في عدم تكرارها. فلا تضع رأسك في الرمال، وتتجاهل الخطأ أو الأخطاء التي ارتكبتها، بل قف عليها واعترف بأنك أخطأت، ولكن دون أن تؤذي نفسك كثيرًا بالحسرة والندم والعتاب المبالغ فيه، فالوسطية والاعتدال مطلوبان في كل شيء من أمور حياتنا، وإذا علم الإنسان أن الخطأ من طبيعة البشر، كانت محاسبته لنفسه على هذا القدر من المعرفة.
الخطوة الثانية: الوقوف على الأسباب
تحليل وفهم الأسباب التي أدت إلى وقوع الخطأ هي الخطوة الثانية التي تشير إلى استفادة هذا الشخص من أخطائه؛ لأنه بفهم الأسباب، يمكن الوصول إلى حل أو علاج للمشكلة بحيث لا تتكرر مجددًا.
لا يجب على الشخص الذي وقع في مشكلة أن يغضب ويتضايق ويضجر، لأن معرفته بأن البشر خطَّاءون من شأنها أن تجعله يدرك الأمور على حقيقتها، ولا يعني ذلك أنه لن يخطئ مجددًا، فما دام بقيت روحه في جسده، فالأخطاء موجودة، والعبرة بالاستفادة منها ومحاولة تداركها وعدم تكرارها حتى وإن وقع فيها مرة أخرى لأي سبب كان.
الخطوة الثالثة: استخلاص الدروس
بعد الاعتراف بالخطأ والوقوف على الأسباب التي أوصلتنا لذلك، وتحليلها وتفسيرها، نبدأ في استخلاص الدروس والعبر. ما الذي استفدناه من هذه التجربة؟
يمكن أن نطبق ذلك عمليًّا مع أخطاء أبنائنا المتكررة كل يوم. عندما يُخطئ طفلك، ويأتي إليك معتذرًا، قل له: "حبيبي، ما الذي استفدته من هذا الخطأ؟" انظر إلى إجابة طفلك، وابنِ عليها.
الخطوة الرابعة: كن إيجابيًا
الإيجابية مطلوبة في كل أمور حياتنا، والإيجابية دليل على استفادة الشخص من أخطائه وندمه عليها، ورغبته في عدم تكرارها مجددًا. في حين أن السلبية تعني أنه لا أمل، وأن الفشل أمر حتمي، وهكذا يظل صاحبه يدور في حلقة مفرغة.
الخطوة الخامسة: طلب المساعدة
ليس عيبًا أن تطلب المساعدة من الآخرين، سواء كانت مشورة أو غير ذلك، فالناس للناس، ثم إن الآخر قد يوجهك من زاوية لم تكن تفكر فيها من قبل.
أعزائي القراء من الآباء والأمهات، حاولوا أن تطبقوا هذه الخطوات في حياتكم ومع أبنائكم؛ لأن التربية بالقدوة. عندما يراك أطفالك، يقلدونك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.