لنتحدث بصراحة .. الدعوات المبالغ فيها والتي تحثك على إنهاء عدة دروات عبر الإنترنت في فترة الحظر أوإنهاء عدد معين من الدروس الدينية مثلاً وغيرها من الأعمال في فترة الحظر هي دعوات غير عملية، لم تضع في حسابها أشياء عديدة مهملة ..
النفسية السيئة للجميع بلا شك بسبب مدة المكوث الطويلة في المنزل مع كونها مدة غير معلومة ولا أحد يمكنه التكهن بوقت انتهاءها، إضافة إلى أنك تقبع في بيتك مجبراً .. مهددًا بالموت تحتمي بمنزلك من فيروس لعين، معرض في أي وقت لأن يقتحم هذا الكائن غير المرئي حصونك المنيعة التي وضعتها ويصيب أهل بيتك ، كل هذا يخلق حالة عامة من الاكتئاب وعدم الرغبة في إنجاز شيء على الإطلاق ولا حتى مجرد النهوض من الفراش ظهرًا بعد السهر حتى الفجر دون سبب محدد.
فكيف بالله عليك لشخص محاط بكل هذه الظروف أن ينتج وينجز أعمالاً ضخمة كالتي يدعو البعض إليها ؟ المهمة الوحيدة التي كُلفنا بها ولا مفر من إتمامها بنجاح هي محاولة البقاء أحياء بأقل قدر من الخسائر وهذا ما نفعله مع كل يوم يمر علينا ونحن ملتزمون بالمنزل.
وفي نفس الوقت هي فترة عطلة ذهبية لن تتكرر، أجازة مدفوعة الأجر من بعض الجهات ، أيام طويلة تقضيها أخيرًا دون أن تحمل على عاتقك عبء ما .. لا زيارات .. علاقات اجتماعية سطحية للغاية .. وبالتالي لا مزيد من المشاكل مع الجيران أو الأصدقاء بخلاف تلك التي قد تنشا مع أفراد أسرتك إزاء فترة الأجازة الطويلة .
ولنجمع بين هذا وذاك فلتعقد اتفاقًا مع نفسك أولاً بأنك ترضى منها بالقليل من الإنجاز لكنه شيء لم تفعله من قبل - الكثير من الأزواج تعرضوا للسخرية عبر وسائل التواصل بسبب انشغالهم بأعمال المطبخ والتفنن في صناعة الطعام، وعلى العكس أنا أجد أن هؤلاء بالذات يستمتعون بوقتهم بحق لتجربة شيء جديدة بالمرة لم يكن الواحد منهم يحلم أن يفعله في يوم ما؛ لا تجبرها على إنهاء كمّ هائل من المحاضرات أو على حضور دورة تعليمية مكثفة لمجال ما، هي أيضًا تبغي الراحة والاستقرار بعض الشيء بعد سنوات قضتها معك تلهث في دروب الحياة،ومن حكمة الله تعالى أن النفس تنشرح وتتغير بعد القيام بأي إنجاز صغير اليوم أنت في إجازة إجبارية تحتاج فيها لشيئين أساسيين :
أولهما: أن تستمتع بفترة الخلوة مع نفسك ، تتحاور معها وترى ما أنجزته في السابق وما تنوي إنجازه بعد انتهاء هذه الازمة إن شاء الله .. ماذا اكتسبت من أخلاق ومعارف وخبرات ..ماذا تغير فيك أنت.. هي هدنة تعقدها مع نفسك تكف فيها عن التفكير في الغد لأنه حتى هذه اللحظة – يتكرر بحذافيره إلى حد كبير، فكر فقط في حالك اليوم وأمس وماذا تريده في المستقبل.
إذا كنت على خلاف ما مع نفسك فتصالح معها ، احتويها، احتضنها لأنها تألمت معك وعاشت خبرات عديدة ، بكت وقاست ورضيت بجلد الذات الذي طالما أغرقتها فيه .
وثانيهما: أن تفكر في عمل شيء ما لم تفعله منذ فترة طويلة ،ربما العودة للقراءة التي انقطعت عنها أو العمل على إنهاء تلك الكتب المخزنة إلكترونيًا في هاتفك حتى تأتي اللحظة المناسبة لإنهائها، تلك السلسلة العلمية التي حفظتها على موقع اليويتوب وقررت العودة إليها في يوم ما لإكمالها، لتبدأ بحلقة واحدة كلما تتاح لك الفرصة، تلك الأعمال المؤجلة في خطتك والتي تنظر إليها وتقول ( غدًا سأفعل هذا وأتعلم ذاك ) وهذا الغد لا يأتي أبدًا ، ربما موعده اليوم لتقوم ببعض هذه الأشياء لا كلها ، فنفسك لا تحتمل أن يوضع على عاتقها مسئوليات ولا مهام جديدة، هي أشياء تقوم بها دونما ضغط عصبي ودون إجبار، فإذا لم يعجبك هذا الكتاب .. فاتركه ولا تكمله ، جربت أن تتعلم كيفية صنع وصفة طعام جديدة مثلاً لكنها لم تعجبك الأمر بسيط .. لا تقم بها مجددًا ، أنت غير مجبر ، يومك تصنعه أنت باختيارك ، على شرط .. أن تقضيه كله بين جدران منزلك.
كيف تستغل وقت الحظر .. بواقعية
ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.
ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.