لا شك أن كل أب وكل أم حريصان على تفوق أطفالهما في الدراسة والتعليم، لذا لا يتوانيان عن تقديم المساعدة الضرورية من أجل تحقيق هذه الغاية النبيلة.
لكن السؤال: كيف يمكن للوالدين مساعدة طفلهما على التعلم خاصة في المراحل التعليمية الأولى؟
لقد أودع الله حب أطفالنا في قلوبنا، حتى إن الأب أو الأم قد تُخرج اللقمة من فمها من أجل أن تضعها في فم طفلها، فمصلحة الطفل مقدمة على كل شيء بما فيه مصلحة الوالدين، وهذه فطرة وغريزة الأبوة أو الأمومة التي أودعها الله في قلوب الآباء والأمهات.
فكون الوالدان بالقرب من الابن ينعكس إيجابيًّا على حياته عامة، وعلى التعليم والإقبال على الدراسة خاصة، ومع ذلك قد يحتاج الوالدان إلى من يوجههما نحو نقطة الانطلاق.
قد يهمك أيضًا كيف أعرف أن طفلي يعاني صعوبات التعلم؟
علاقة البيت بالمدرسة
بالتحاق الطفل بالحضانة أو المدرسة يكون قد غادر بيئة البيت لبيئة أخرى جديدة بكل عناصرها ومكوناتها وأفرادها، ما يسبب الارتباك للأطفال الصغار؛ لكونهم اعتادوا منذ نعومة أظفارهم على جو البيت والأسرة، ووجود الأم الدائم بجواره، إلى بيئة أخرى جديدة.
ولأهمية البيئة الجديدة في حياة الطفل، كان لا بد من وجود علاقة قوية وجيدة بين البيت والمدرسة، لكونهما مكملين لبعضهما بعضًا، سواء في الجانب التربوي أو التعليمي.
لذلك من الضرورة بمكان أن تكون العلاقة تكاملية بين الطرفين، أما التناقض فلا يكون في مصلحة أحد على الإطلاق.
ولكي تتحقق هذه العلاقة التكاملية بين البيت والمدرسة، يجب أن يكون الوالدان على اطلاع مسبق بطرائق التدريس المتبعة في مدرسة الطفل، والمناهج التي قد تختلف من بيئة لأخرى ومن مجتمع لآخر، حتى يتمكنا من مساعدته.
قد يهمك أيضًا تعرف على بيئة التعلم في منهج منتسوري
علاقة البيت بالمعلم
المعلم بمنزلة الأب الثاني للطفل في المدرسة، وكلما كان المعلم يتحلى ببعض الصفات التي من شأنها أن تجتذب إليها الأطفال، كالمعاملة بود ومرح والمزاح معهم، وتشجيعهم على المشاركة في الأنشطة المختلفة، والعطف عليهم، والتودد إليهم عندما يلاحظ تغيرًا في مزاجهم، فالمعلم ليس مجرد ناقل فقط للمادة العلمية، ولكنه أب آخر للطفل في المدرسة، يشعر بما يزعجه ويقدم الدعم والمساعدة.
حقيقة، هذا هو الدور المنوط بكل معلم، أن يقدم المساعدة المطلوبة للطفل، فضلًا على التعاون والتواصل مع الوالدين لتذليل أية صعوبات يواجهها الطفل في المدرسة.
وقد نجد في هذه النقطة تحديدًا بعض المدارس تشجع الآباء على المشاركة في الفصول، وإطلاعهم على سير العملية التعليمية، والمشكلات التي تواجههم؛ من أجل الإسهام في حل هذه المشكلات.
توجد نوعية من المعلمين النشيطين، يشجعون الآباء والأمهات من أولياء الأمور على مساعدة الطفل في الأعمال المدرسية بطرائق مختلفة، وتحت إشراف المعلم، والانطلاق بناءً على المقترحات التي يقدمها.
وعلى الآباء أن يتحققوا من أن المساعدة التي يقدمونها تكمل ما تقوم به المدرسة.
الملاحظ في الأيام الأخيرة، نشاط ملحوظ لمجالس الآباء في المدارس، لتذليل أي عقبات في العملية التعليمية، فضلًا على وسائل التواصل الفعالة بين المدرسة وأولياء الأمور عن طريق جروبات واتساب وغيرها التي تهدف لاطلاع أولياء الأمور أولًا بأول على ما يُشرح للطفل والتكليفات المطلوبة منه.
ليس عيبًا أن تطلب النصيحة من المعلم حول الدور الذي يمكن أن تقوم به لمساعدة الطفل في التعلم، فقد تدرِّس مادة علمية لا تتوافق وقدرات الطفل وإمكاناته، أو قد تكون طريقة التدريس مخالفة للطريقة المتبعة داخل المدرسة، وهذا يعني أنه كلما تحقق التعاون بين المعلم وولي الأمر كانت الاستفادة أكبر.
قد يهمك أيضًا أهمية اللعب في تطوير السنوات الأولى
أهكذا تساعد طفلك؟!
للأسف يوجد سوء فهم من قبل عدد كبير من أولياء الأمور فيما يخص مساعدة الطفل على كتابة الواجبات المدرسية، وبدلًا من ذلك يكتبونها بأنفسهم بدعوى التخفيف عن أطفالهم.
للأسف هذه الطريقة تأتي بنتائج عكسية، وتُخرج طفلًا اتكاليًّا ليست لديه القدرة في الاعتماد على نفسه، وتصبح جزءًا من شخصيته، وإنما المساعدة تكون بتهيئة البيئة المناسبة لكتابة الواجبات، وتقديم الدعم المطلوب عندما يحتاج إليه، مع الاعتماد على نفسه في كتابة ما يُطلب منه.
يستطيع الآباء مساعدة أطفالهم في الصفوف الأولى من المرحلة الابتدائية على قراءة قصة ذات مغزى تربوي، بحيث تسهم في تعديل بعض السلوكيات الخاطئة لدى الطفل.
قد يهمك أيضًا عسر الحساب لدى أطفال الروضة
أخطاء يقع فيها الآباء
من الأخطاء التي يقع فيها الآباء هو تكليف الطفل بأشياء فوق طاقته. على سبيل المثال: يقول خبراء التربية إن الواجبات الخاصة بالأطفال في المرحلة الأساسية الأولى من 5 – 7 سنوات يجب ألا تستغرق أكثر من 10 دقائق يوميًّا، تزداد تدريجيًّا لتصل إلى نصف ساعة تقريبًا في سن الحادية عشرة.
ونحن نسمع كثيرًا عن تجربة اليوم الدراسي في بعض البلدان، فالطفل في المدرسة يتلقى تعليمه، ويأخذ قسطًا من النوم بين الحصص الدراسية، وينتهي من كتابة الواجبات المدرسية داخل المدرسة، ليذهب إلى بيته، يمارس طفولته في اللعب والتفاعل مع المحيطين به.
إجبار الطفل على الجلوس بالساعات من أجل الانتهاء من كم كبير من الواجبات المدرسية التي كُلِّف بها يجعله يكره الدراسة والمدرسة، بدلًا من ذلك، يمكن التواصل مع معلم الفصل بحيث يقلِّل الواجبات المدرسية على نحو يتوافق وقدرات الطفل.
للأسف نرى هذه الأيام حال أبنائنا الطلاب، يستيقظون في الصباح الباكر من أجل الذهاب إلى المدرسة، قبل أن يعودوا في منتصف النهار، لتبدأ رحلات مكوكية بين الدروس، يعود بعدها الطفل إلى البيت في المساء منهكًا متعبًا، ويتمنى لو يحمله أحد ليضعه على السرير، لكن لا يزال عليه واجبات لم تُكتب سواء خاصة بالمدرسة أو الدروس.
لا شك بأن كل هذه الأعباء من شأنها أن تكوِّن لديه مشاعر سلبية تجاه التعليم والدراسة والمذاكرة، وتجعله يتمنى لو ينتهي من الدراسة سريعًا ليتخلص من عبء المذاكرة وكتابة الواجبات، وهنا دور الآباء والمعلمين تحديدًا في جعل هذه التجربة -الدراسة والتعليم- عملية ممتعة لأطفالنا تحفزهم للإقبال على العلم والتعليم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.